الكيمياء والصيدلة > صيدلة
عقارٌ جديد بمستقبلٍ واعدٍ لمرضى الربو الحاد
أوردَت تقاريرُ صحيفة الغارديان بعد اختبارِ عقار جديد يدعى fevipiprant على 61 شخص يعانون من أزمات ربو متوسطة إلى شديدة الحدة أن هذا العقار بإمكانه قلب المعادلة وإحداث ثورة في مجال علاج مرض الربو.
لنتعرَّف في البدايةِ على مرض الربو..
يعتبرُ الربو من الأمراض المناعيَّة الذاتيَّة، فهو خللٌ يصيب الجهاز المناعي المسؤول عن محاربة العدوى، فيبدأ بمهاجمة الخلايا السليمة مما يسبب حالاتٍ التهابية للطرق التنفسية وبالتالي صعوبة في التنفس.
يستطيع بعضٌ من المرضى السيطرة على الربو عن طريق الأدويةِ المتوفرة، إلا أنه هنالك قلَّة من الأشخاص يبدون استجابة ضعيفة لهذا النوع من المعالجة الدوائية مما ينعكس سلباً على حياتهم.
تهدف التجربة إلى التحقق من قدرة الـ fevipiprant على الحدِّ من الحالات الالتهابية للطرق التنفسية عند مرضى الربو المتوسط إلى الشديد والمترافق مع نسبٍ مرتفعةٍ من الكريات البيضاء القاعديَّة eosinophils، وهي نوع من الكريات البيضاء مرتبطة بمرض الربو.
امتدت التجربةُ على مدار 12 أسبوع، وطبقت على 61 شخص راشد، تم تقسيم المتطوعين إلى فريقين ثم تمَّت المقارنة بين الأشخاص الذين أضيف عقار الـ fevipiprant لمعالجتهم الدوائيَّة السابقة بجرعة 225 مغ مرتين يومياً مع الأشخاص الذين أضيف الدواء الوهمي placebo لمعالجتهم الدوائية السابقة.
كانت النتيجةُ الأساسية هي نسبةُ الـ eosinophils في البلغم، والتي لُوحِظ انخفاضها بشكلٍ كبيرٍ عند المرضى الذين تعاطو الـ fevipiprant، لُوحِظ أيضاً تحسّناً في نوعية الحياة لدى المرضى، في المقابل لم يبدِ العقارُ أي تأثير على التحكم الإجمالي بنوبات الربو أو أعراضه.
قامت د. سامنثا واكر Samantha Walker، مديرة قسم الأبحاث في مركز الربو البريطاني، بتقديمِ إيجاز عام عن البحث و تطبيقاته قائلةً: "يظهرُ هذا البحث وعوداً كبيرة ونرحب به بتفاؤلٍ حذر".
كانت النتائجُ الأوليةُ واعدةً، لكن هناك حاجة للقيام بدراساتٍ أوسع للتأكد من سلامة العقار وتأثيره على مرضى الربو مقارنة بالطرق العلاجية الأخرى.
على ماذا اشتملت الدراسة؟
حدثتِ الدراسةُ في مشفى Glenfield في بريطانيا، وشملت 61 مريض متوسط أعمارهم 50 عام، ويعانون من ربو متوسط إلى شديد مترافق بنسب مرتفعة من الـ eosinophils في البلغم ( أكثر من 2%). استبعد الأشخاص ذوي الأوضاع والحالات الخطيرة.
خضع المرضى لاختباراتٍ وقياساتٍ متعددة عند بداية الدراسة، وهي تعداد الخلايا القاعدية eosinophils في البلغم، والـ ACQ وهو استبيان التحكم بالربو، و قياس الـ AQLQ وهو استطلاع نوعية حياة المرضى، وقياس الـ FEV1 وهي كمية الهواء المطروح قسراً أثناء الزفير خلال الثانية الأولى من التنفس. تمَّ إعادة قياس المعايير السابقة خلال الأسبوعين السادس والثاني عشر.
كانت النتائجُ اللافتةُ للنظرِ هي التغيرات الطارئة على مستويات الـ eosinophils في البلغم لدى بدء ونهاية العلاج، وتمت مقارنة التغيرات في أعراض الربو والتغيرات في الـ FEV1 بالإضافة لتقييم سلامة العقار ومدى تحمّله لدى المرضى طول فترة الاختبار.
ماهي النتائج الأساسية؟
أظهر استخدام الـ fevipiprant انخفاضاً كبيراً بإعداد الـ eosinophils مقارنة بالمرضى الذين تم إعطاؤهم الدواء الوهمي placebo حيث انخفضت نسبة الـ eosinophil في البلغم من 5.4% إلى 1.1%. وانخفضت النسبة عند الفريق الذي تم إعطاؤه placebo من 4.6% إلى 3.9%.وكان الفَرقُ بين المجموعتين ملحوظاً إحصائياً.
أما بالنسبة للمقاييس الأخرى، فلم يكن هناك تأثير ملحوظ للدواءِ على أعراض الربو ولم يكن هنالك فارق إحصائي.
ولكن سُجِل تغير ملحوظ في الـ AQLQ، حيث ازدادت لدى الفريق الذي أخذ الـ fevipiprant بمعدل 0.27 نقطة خلال 12 أسبوع، أما عند الفريق الذي أخذ الـ placebo فقد انخفضت نسبة الـ AQLQ بمعدل 0.33 نقطة. مما شكل فارق إحصائي ملحوظ.
لوحظ أيضاً أن المعالجة الدوائية بالـ fevipiprant حسنت قيم الـ FEV1 حيث ازدادت بمعدل 0.16 ليتر.
بشكلٍ عام لوحظ أن الـ fevipiprant يتمتع بهامشِ أمانٍ جيد، لم يتم تسجيل أحداث سلبية خطيرة أو حوادث موت عند الفريق الذي تعاطى هذا الدواء.
انسحب ثلاثة مرضى من الفريق الذي تم تطبيق الدواء عليه من الدراسة، وأربعة مرضى من الفريق الذي أخذ الدواء الوهمي placebo بسبب مضاعفاتِ الربو لكن هذا لم يؤثر على الحكم المتعلق بالدراسة.
كيف فسر الباحثون الدراسة؟
توصل الباحثون إلى النتيجة التالية: نجد عند مقارنة الـ fevipiprant بالـ placebo، أنَّ الـ fevipiprant يقلّل بشكلٍ ملحوظٍ الـ eosinophil الالتهابية في البصاقِ والمفرزاتِ المخاطية القصبية لدى المرضى الذين يعانون من الربو المتوسط إلى شديد الحدة المرتبط بنسب الـ eosinophils. كما يقلل العقار من التهابات المجاري التنفسية ويتم تحمله بشكل جيد لدى المرضى.
بالرغم من أنَّه تم التوصل إلى نتائج واعدة لهذا العقار، إلا أنه هنالك بعض النقاط التي يجب أخذها بعين الاعتبار:
* طبقت التجربة على مجموعةٍ صغيرةٍ من المرضى لا يتجاوز عددهم 61 مريض. وضمن فترة زمنية امتدت لـ 12 أسبوع. إنَّ المتابعة لمدة أطول ضرورية للتحقق من فعالية الدواء وأنه ليس لديه أي مضاعفات على المدى الطويل.
* كان معدل عمر المرضى 50 عام، ولم تأخذ الدراسةُ بعينِ الاعتبار تأثير الدواء على الأطفال واليافعين الذين تقل أعمارهم عن 25 عاماً.
* قام الباحثون بمقارنةِ الدواء فقط مع الـ placebo وليس مع الوسائل العلاجية الأخرى، على الرغم من أن الأشخاص في كلا المجموعتين استمروا في أخذ علاجاتهم السابقة ضد الربو.
* ركزت النتيجةُ الأساسيةُ للدراسة على التغيرات في أعداد الـ eosinophils، وليس على أعراض الربو أو التحكم به كمرض. هذا يعني أنها لم تقدم إثباتاً قوياً في هذه المرحلة عما إذا كان العلاج يحسّن الأعراض اليومية ويقلل من مخاطر هجمات الربو.
علقت مديرة الأبحاث د. سامنثا واكر Samantha Walker: " هناك حاجةٌ إلى مزيد من البحث، وتفصلنا مسافة بعيدة لنقرر فيما إذا كانت حبة دوائية متوافرة في الصيدلية قادرة على مساعدتنا ضد مرض الربو، إلا أنَّه تطور مثير ومن الممكن أن يقدم على المدى البعيد بدائل دوائية عن العلاجات المتوفرة حالياً".
المصدر: