الاقتصاد والعلوم الإدارية > الأسواق المالية
التصنيف الائتماني
يشير مفهوم التصنيف الائتماني إلى العملية التي يتم من خلالها قياس قدرة فرد أو منظمة على الوفاء بالتزاماتها وتسديد ما عليها من مستحقات كقروض وفوائد، بمعنى آخر، هي عملية قياس الجدارة الائتمانية للجهة المقترضة من قبل وكالة تصنيف موثوقة ومعتمدة.
في حال كان هذا التصنيف ممنوحاً لدولة ما فإنه يدعى بالتصنيف الائتماني السيادي، وهذا ما ينطبق على حالة المملكة المتحدة. ويعتبر هذا التصنيف بمثابة تقييم للظروف الاقتصادية والسياسية والمالية للدولة. حيث تم تخفيض تصنيف المملكة المتحدة نتيجة التوقعات بتأثر الاقتصاد البريطاني سلباً بخروجها من الاتحاد الأوربي.
ولكن من يحدد التصنيف الائتماني وما هي التصنيفات التي يتم منحها؟
يتم تحديد هذه التصنيفات من قبل العديد من الوكالات المتخصصة التي تعمل على جمع البيانات والمعلومات حول الجهة المراد تصنيفها ومن ثم تقييم وتحليل هذه البيانات. إلا أنه يوجد ثلاث وكالات تصنيف تعتبر رائدة ومسيطرة في هذا المجال وهي وكالات Standard and Poor’s (S&P)، Moody’s و Fitch.
هذه الوكالات تعمل على تزويد المستثمرين حول العالم بمعلومات حول قدرة شركة ما أو دولة ما على سداد ديونها، أي إلى أية درجة تستطيع هذه الشركة أو الدولة سداد الفوائد في موعد استحقاقها وما هو احتمال فشلها. وذلك من خلال دراسة الاحصائيات المالية والتحيل الكمي، إضافة إلى مجموعة متكاملة من العوامل الأخرى بما فيها الظروف الاقتصادية والتغيرات التنظيمية والاضطرابات السياسية.
تقوم وكالات التصنيف بمنح التصنيف الائتماني بناءً على طلب الجهة المراد تصنيفها أو بدونه. في الحالة الأولى يتوجب على الجهة الراغبة بالحصول على تصنيف أن تقوم بتوفير المعلومات اللازمة للوكالة، كما يتوجب عليها الدفع مقابل ذلك. أما في حالة التصنيف من غير طلب فإن الوكالة تقوم باستخدام البيانات المتوافرة للعامة حول الجهة المراد تصنيفها ولا يتم الدفع لها مقابل ذلك.
إن حصول الجهة الراغبة بالاقتراض على تصنيف ائتماني يمكن أن يكون له العديد من المزايا. على سبيل المثال عندما ترغب دولة ما باقتراض الأموال فإن تصنيفها الائتماني يعكس قدرتها على تسديد المبلغ المقترض. بالتالي كلما كان التصنيف مرتفعاً كلما كانت تكلفة الاقتراض أقل وازدادت الفرص المتاحة للاقتراض. وهذا يوضح الآثار الخطيرة لانخفاض التصنيف الائتماني لدولة ما على قدرتها على الاقتراض والحصول على الأموال. فمع انخفاض تصنيفها سيقوم المستثمرون بطلب عوائد أعلى على الأموال المقرضة لهذه الدولة بسبب ارتفاع مخاطر عدم القدرة على السداد. وهو ما يزيد من تكاليف الاقتراض ويخفض من الفرص المتاحة.
ويوضح الجدول التالي رموز التصنيفات الائتمانية التي تمنحها الشركات الثلاث الرائدة مع تفسير هذه الرموز.
كما هو مبين في الجدول فإن Triple A (AAA) هو أعلى تصنيف يمكن أن يتم منحه، في حين أن D أو Triple D (DDD) هو الأدنى، وكلما انخفض التصنيف كلما ارتفعت مخاطر عدم قدرة المقترض على السداد. في الحقيقة فإن أي تصنيف أقل من B يتم النظر إليه على أنه خطير جداً. وبشكل عام تقسم هذه التصنيفات إلى فئتين هما درجة استثمارية (Investment Grade) ودرجة مضاربة أو غير مرغوب بها (Junk).
يوجد عديد قليل من البلدان التي تتمتع بالتصنيف (AAA). على سبيل المثال فإن هذا التصنيف حالياً ممنوح لكل من أستراليا، كندا، ألمانيا، الدنمارك، سويسرا، النرويج، السويد وحتى وقت قريب المملكة المتحدة.
أما الولايات المتحدة فقد تم تخفيض تصنيفها إلى (AA+) من قبل وكالة S&P خلال أزمة سقف المديونية الأمريكية عام 2011، حيث كانت تلك المرة الأولى التي ينخفض فيها تصنيف الولايات المتحدة عن (AAA). إلا أنها حافظت على تصنيف Triple A من قبل وكالتي Moody’s وFitch ولم يقوما بالتخفيض.
يكون التصنيف الائتماني عادةً مصحوباً بتوقعات ورؤيا مستقبلية ((Outlooks والتي تعكس رأي الوكالة حول التغيرات المتوقعة في التصنيف على الأجل المتوسط. هذه التوقعات إما أن تكون مستقرة Stable أي أن التصنيف مستقر ولا حاجة لتغييره، وإما سلبي Negative أي أن الوكالة تفكر بتخفيضه، أو إيجابي Positive أي أن التصنيف من الممكن أن يرتفع في الأجل المتوسط.
على سبيل المثال قامت وكالة S&P مؤخراً بمنح أستراليا تصنيف (AAA-) مع توقع سلبي Negative Outlook، مبررة ذلك بارتفاع نسبة المديونية الخارجية وعدم حسم الانتخابات الاتحادية. بالتالي من المحتمل تخفيض التصنيف الائتماني الممنوح لأستراليا خلال السنوات الثلاث القادمة.
في الختام لا بد من الإشارة إلى الانتقادات الموجهة إلى وكالات التصنيف الائتماني وبشكل خاص الشركات الثلاث الرائدة وذلك من ناحية تأثيرها الكبير على الأسواق. إضافةً إلى فشلها في التحذير من مخاطر فشل بعض الديون خلال أزمة الرهن العقاري 2008. حيث استمرت الشركات الثلاث بمنح تصنيف (AAA) للأوراق المالية المرتبطة بالرهن العقاري على الرغم من أنها كانت أصول خطرة. إضافة إلى استمرارها بتصنيف شركات مثل Enron، Lehman Brothers وAIG على انها استثمارات آمنة وذلك قبل أيام قليلة من إفلاسها.
المصادر: