الغذاء والتغذية > منوعات غذائية
طريقة جديدة لتحسين مذاق الأغذية الصحية بتعديل الرائحة
يَسعى العُلماءُ وخُبَراءُ التَّغذيَةِ بِشكِلٍ يَوميٍّ لإيجَادِ بَدائِلٍ وطرائقَ جَديدَةٍ لتَخفِيفِ ضَرَرِ الأَغذِيَةِ المُصنَّعَةِ الغَنيَّةِ بالدُّهونِ والكربوهيدراتِ كالحَلَوِيَّاتِ.
وفقاً للدكتور Thierry Thomas-Danguin فإنَّ مُعظمَ المُستهلِكِينَ يَعلَمُونَ بأنَّهُ يَنبغي عَليهِم تَناوُلُ أَطعِمَةٍ أَكثَرَ صِحّيَةً ومَصنوعَةً مِن كَميَّاتٍ مُنخَفِضَةٍ مِنَ الدُّهونِ والسُكَّرِ والمِلحِ. ولكِن تُعدُّ تِلكَ مُشكِلَةً بالنّسبَةِ لهُم لأنَّ هَذِهِ المُكوناتِ ذاتَهَا هِي التي تَجعَلُ العَديدَ مِنَ الأطعِمَةِ التي نُحبُّها ذاتَ طَعمٍ لَذيذٍ جداً، وبناءً على عَمَلِ المُختَبَرِ، فقد تم التوصل إلى الاعتِقادِ بِأنَّ الروائح العُطريَّةَ يُمكِنُ أن تُساعِدَ في تَعويضِ الحَدّ مِنَ استخدامِ الدُّهونِ والسُكَّرِ والمِلحِ في الأَطعِمَةِ الصّحيَّةِ وبالتاليِ جَعلها أَكثَرَ جَاذِبيَّةً للمُستَهلِكِينَ.
تلعب الرائحة دَوراً حَيويَّاً في الطَّريقَةِ التي نَنظُرُ بِها للغذاءِ .. جرب أن تغلق أنفك خلال تناول الطعام، على الأغلب لن تشعر بأنك تذوقت شيئاً. استَخدَمَ عُلماءُ التَّغذيةِ لِفترَةٍ طَويلَةٍ المركبات العُطريَّةَ الكيمائيَّةَ والزُّيوتَ الأساسيَّةَ إِضَافَةً للمُستَخلصاتِ النَّباتِيةِ لِتعزيزِ نَكهَةِ الطَّعامِ والمَشروباتِ لزيادَةِ المَبيعاتِ مِنها.
نَجحَ العلماء في عَزلِ العَديدِ مِنَ الجُزيئَاتِ العُطريَّةِ الطبيعيةِ ذاتِ الروائح التَّي يُمكِنُ استِخدامُها لِخِدَاعِ عُقولِنَا للاعتقادِ بأنَّ الحَلَويَّاتَ وغيرَهَا مِنَ الأطعِمَة تَحتَوي على الدُّهونِ والسُكَّرِ أو المِلحِ أكثر مِمّا هِي عَليهِ فِي الواقِعِ. فقد تَوَصَّلَوا مُؤخَّرَاً إلى ابتِكارِ جهازٍ جَديدٍ يمكّنُ المُستهلكِينَ مِنَ الحصولِ على ذلكَ الطَّعمِ الحُلوِ مِنَ الحَلوَى والفَطائِرِ والكَعكِ والحَلَويَّاتِ الأُخرى دونَ وجود كميات كبيرة من السُّكَّرِ فِيها.
في أعمالٍ سابقةٍ، بدأَ الدكتور Thomas-Danguin بإثباتِ أنّهُ إذا تَمَّت إضَافَةُ الرائحة المُناسِبَةِ بِكمّيةٍ مُناسِبَةٍ وفي الأماكِنِ المُناسِبَةِ لها في الغذاءِ المُناسِبِ، فالدّماغُ يُمكِنُ أن يُخدَعَ إلى التّفكيرِ بأن هُناكَ المَزيدَ منَ الدُّهونِ والسكَّرِ أو المِلحِ في ذلِكَ الطَّعامِ.
طُلِبَ مِنَ المُشارِكينَ في الدّراسَةِ تَذوُّقَ الفطيرَةِ، وهي نَوعٌ مِنَ الكاستارد على شَكلِ طبقاتٍ تَحتَوي على كَمّياتٍ مُتفاوتَةٍ مِن رائحة لَحمِ الخنزيرِ والمِلحِ. وقد وَجدَ الباحِثونَ أنَّ رائحة لَحمِ الخنزير، على الرَّغمِ من أنَّها لا تَحتوي على الملحِ، زادت من الاعتقادِ بوجودِ المِلحِ في الفَطيرَةِ. وفي الواقِعِ، اعتَقَدَ بَعضُ المُشاركينَ باختلافٍ واحِدٍ في رائحة الفَطيرَةِ المَصنوعَةِ مِن نَكهَةِ لحمِ الخنزير والمِلحِ المُوزَّعَةِ بالتساوي في جميعِ طبقاتِ الفَطيرةِ ذلك أنَّ لها نَفسَ رائحة الفَطيرةِ المَصنوعَةِ بالطريقَةِ التقليديَّةِ أي مَعَ إضافَةِ زيادة مقدارها 40 % مِنَ المِلحِ.
وفي دراستهم الأخيرةِ، سَعى الدكتور توماس وزملاؤه في مركز Centre des Sciences du Goût de l'Alimentation في فرنسا إلى إيجادِ طَريقَةٍ جَديدةٍ لِعزلِ جُزيئاتِ الرَّائحَةِ العُطريَّةِ للنَّكهَةِ المُرتبطةِ بالطَّعمِ الحُلو، ولذلكَ فقد قاموا بإنشاءِ جِهازٍ هوَ الأوَّلُ مِن نَوعِهِ ويدعى "جهاز المُخطط الغازيّ الكروماتوغرافي لقياس الرائحة المُرتَبطة بالطَّعم" (GC-OAT) واستخدموه جنباً إلى جنبٍ مع جهازِ قياسِ الشَمّ (olfactoscan) الذي يُؤمّنُ تَدفُّقاً مُستمرَّاً منَ الرائحَةِ إلى أنفِ الشخصِ المَعنيّ مِن خلالِ أنبُوبٍ.
طُلِبَ مِنَ المُشاركينَ أن يشتمّوا رائِحَةَ عَصيرِ الفاكِهَةِ الحَقيقيَّةِ من خلالِ جهازِ قياسِ الشم olfactoscan، في الوقتِ ذاتِهِ الذي استَخدَمَ فيهِ الباحِثونَ الجِهازَ الجَديدَ (GC-OAT) لِعَزلِ جُزيئاتِ النَّكهَةِ مِنَ العَصيرِ. ثمَّ أضافوا جُزيئاتِ النَّكهَةِ دُفعةً واحِدةً في أنبوبِ جهازِ قياس الشّم. ومثلما اشتَمَّ المُشاركونَ رَائِحَةَ كُلٍّ من هذهِ الخلطاتِ، فقد سُئِلوُا عمَّا إذا سَاهَمَ جُزيءُ النكهَةِ في إدراكِهم لطعمِ حَلاوةِ عِصيرِ الفاكِهَةِ.
إنَّ النتائِجَ الأوليَّةَ تُشيرُ إلى أنَّ هذِهِ التّقنيَةَ الجَديدةَ يُمكِنُها في نهايةِ المَطافِ أن تُساعِدَ بِشكلٍ أفضَلَ مُصنِّعي الأطعِمَةِ في صِناعَةِ أطعِمَةٍ أكثرَ صِحّيَّةً من دُونِ التَّضحيَةِ بِطعمِ أو نَكهة أو تركيبِ المُنتجاتِ الأصليَّةِ.
المصدر: هنا