الهندسة والآليات > اسألوا مهندسي الباحثون السوريون
ما هي العوائقُ التِقنيةُ التي تقفُ حائلاً أمامَ استعمارِ كوكبٍ آخر؟
يعتبرُ الفضاءُ أحد تلك الأماكن الجميلة التي يودّ كلّ واحد منا زيارتها، فهل أصبحَ الإنسانُ مستعداً للسفر إليه والبقاءِ فيه أم أننا بحاجةٍ إلى مزيدٍ من الوقت؟ متى سيتمكنُ الإنسانُ من قضاءِ عطلته في الزُّهَرَة أو قضاءِ أيام الصيف الحارة في زحل أو التسكع بجوار كوكب نبتون؟
الجواب بكل أسف: ليس قريباً.
إنّ المفتاحَ الرئيسيّ لأيّ مبادرةٍ لإرسالِ البشرِ إلى الفضاءِ تتضمنُ الإجابةَ عن سؤالين أساسيين هما: ما هو غرضُ المهمة ؟ وكم المدة الزمنية اللازمة للمهمة الفضائية والتصميم التِقني لها؟
لأنّ الأولوية هي أن نُبقي على حياةِ الطاقمِ البشري أطولَ فترةٍ ممكنةٍ، وأن نؤمّنَ الراحةَ لهم بأكبر قدرِ ممكن، وخصوصاً عندما نتحدثُ عن مهمةٍ طويلةٍ قد تستغرقُ شهوراً أو حتى سنيناً. وتحقيق هذه الأهداف هو الشيء المرجو في المستقبل القريب.
وإذا ما نظرنا إلى الماضي القريبِ فقد كانت أوائلُ الرحلاتِ الفضائية تستغرقُ ساعاتٍ معدودة فحسب، أما اليوم فقد استطاعَ العاملون في محطة الفضاءِ الدولية أن يَبقوا لمدةٍ تقارب الستة أشهر، وقد استطاعَ رائدُ الفضاءِ الروسي فيلاري بوليكوف "Valeri polyakov" أن يحققَ أطولَ مدةٍ من البقاءِ في محطةِ الفضاءِ الروسية "مير" امتدت حتى 437.7 يوم وهي أطول مدةٍ لرحلةِ فضاء قام بها إنسان.
بيدَ أن محطةَ الفضاءِ الدولية الآن لا تُعدُّ تجربةً حقيقيةً للعيش في الفضاءِ القاسي حيث إنها تعدُّ قمراً صناعياً ذو مدارٍ قريب من الأرض، والظروف الداخلية لها تُحاكي الظروف الأرضية.
ووفقاً لفيليب كيونو "Phillip Cunio" من قسمِ الفضاءِ والطيرانِ في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا: " إنّ البناءَ والحفاظَ على بنية ضخمة كبنية محطةِ الفضاءِ الدولية كانت تجربةً قيمةً جداً لنا. حيث إنها ليست بعيدةً عنا ويمكننا إرسالُ الطواقمِ من حين إلى آخر، إضافة إلى قطعِ الغيارِ و الطعام والإمدادات الأخرى، على عكسِ المريخِ فإن حصلَ شيءٌ سيءٌ على سطحه لن يكون بمقدورنا فعلُ شيء حيالَه".
لكنّ البشرَ ما زالوا يتطلعونَ إلى المريخِ لاستعماره، حيثُ يمتلكُ المريخُ دلائل على وجود الماء فيه، والتي بدورها قد تدعم الحياةَ عليه مستقبلاً، أو أنها قد دعمت تلك الحياة عليه مؤخراً بالفعل، عِلاوةً على ذلك فإن قوة جاذبيته تساوي تقريباً قوةَ الجاذبيةِ الأرضيةِ، حيث لن يشعرنا المريخ بغربة على سطحه على عكس القمر.
ولكن يبدو أن لرائدِ الأعمالِ الجنوب إفريقي "إيلون ماسك" مؤسسُ شركةِ سبيس اكس (space x ) للسفرِ الفضائي خططاً أخرى بعيداً عن وكالةِ الفضاءِ والطيران الأمريكية (ناسا). حيثُ يطمحُ "ماسك" بأن يُجلي الجنسَ البشري من الأرض إلى المريخ بأسرع وقتٍ ممكن؛ خوفاً من إبادته على الأرض.
وأوضح "ماسك" خططه لاستعمارِ المريخِ عبر فيديو تمّ عرضه في المؤتمر الدولي للملاحة الفضائية في المكسيك.
تبدأ خطة "ماسك" من إطلاق صواريخَ متطورةٍ عن صواريخ (فالكون 9) -والتي بإمكانها الهبوطُ عامودياً من الفضاء- حاملةً معها مركبةً فضائيةً من قاعدة شركة (سبيس أكس)، ومن ثم تنفصلُ المركبةُ الفضائية عن الصاروخِ لتكملَ المركبة الفضائية طريقها إلى المريخ عبرَ استخدامها ألواحاً للطاقة الشمسية، وتعودُ الصواريخُ إلى الأرض وتحمل شحنة أخرى، وهذا من شأنه أن يخفض تكلفة السفر الفضائي إلى المريخ إلى حدود 200 ألف دولار للشخص الواحد.
وستبدأ شركة (سبيس أكس) بإرسال مركباتِ شحنٍ غيرِ مأهولة إلى المريخ في عام 2018 وهذا سيفتح المجال للمهمات البشرية ابتداءً من عام 2024.
يُظهر الفيديو التالي خطط شركة (سبيس أكس) لنظام السفر الفضائي:
و تستمرُ الأبحاثُ في الوقت الحالي في معهدِ ماساتشوستس للتكنولوجيا، حيثُ يتمّ العملُ على نموذجٍ أوليّ من مسبار روبوتي يُدعى" محاكي المسبار الصنعي الأرضي و الجاذبية المنخفضة" (Terrestrial Artificial Lunar and Reduced Gravity Simulator (TALARIS لديه ثلاثُ أرجلٍ وظيفية، مع أربعِ محركاتٍ للهبوط عن طريق القفزِ بدلاً من الدفعِ على سطحِ الكواكب، ويمكنه ذلك من المناورة لتجنبِ الحُفر والمنحدرات، واجتيازِ مسافاتٍ طويلةٍ. سيُمكّننا (TALARIS) من استكشافِ أسطحٍ لكواكب أخرى بسرعةٍ كبيرةٍ، ويوماً ما سيُؤمّن لنا كلّ ما نريد أن نعلمه عن سطح المريخ قبل إرسال البشر إليه.
يمكننا أن نلخصَ العوائق التقنية التي تَحولُ دونَ استعمارِ كوكبٍ آخر في القدرةِ على إيجادِ وسيلةِ نقلٍ يمكنُ الاعتمادُ عليها، و القدرة على بناءِ مستعمراتٍ ضخمةٍ على أرضٍ غريبةٍ عنا، ودعمِ الحياة بشكلٍ مُستدام للكثير من الأشخاص ولمدة عدة أعوام، بيدَ أننا لا يمكن أن نَغفَلَ عن عوائق جوهرية تعترضنا أيضاً وهي: التمويلُ والسياسةُ وهما مرتبطان ببعضهما أصلاً.
بتضافرِ جهودِ الحالمين من روّادِ الأعمال أمثال "إيلون ماسك" وغيره مع مؤسسات علمية مثل ناسا ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، سيخطو الجنسُ البشريّ خطوته الثانية وقفزته الأكثر تشويقاً باتجاه غزو الكون.
فإن كنتم أعزاءي تتساءلون إن كان لديكم الوقت الكافي لتوفير بعض الأموال التي ستأخذكم إلى الفضاء، فناموا قريري العين فعلى الأقل سيلزمنا ١٠ سنين للسفر الى المريخ إن تمكنّا من حلّ باقي المشكلات التي ذكرناها سابقاً.
شاركنا عزيزي القارئ في رحلة المعرفة، ما هو التساؤل الذي طالما دار في مخيلتك دون أن تحصل على جوابٍ علميٍ دقيقٍ له؟ حان الوقت لتعرف الجواب.
المصادر:
[1] هنا
[2] هنا