الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية
هل يمكن لزيت السمك عكسُ أو تقليلُ الآثار السلبية للأغذية الدهنية؟
يترافقُ الاستهلاك المرتفع للأغذية الغنية بالدهون بمجموعةٍ واسعةٍ من التأثيرات السلبية على الصحة، والتي تشمل زيادةَ الوزن وارتفاعَ مستوياتِ الكوليسترول في الدم، ومقاومةَ الأنسولين، مما يجعل الجسمَ على مسافةٍ قصيرةٍ من السمنة وداء السكري من النمط 2. ونتيجةً لدراسة هذه التأثيرات وطريقةِ حدوثها تم العثور على عددٍ من المسارات الاستقلابية المهمة. حيث تضمنت شبكةً معقدةً تشمل عدداً مختلفاً من المسارات والوسطاء الكيميائيين الذين يتشاركون معاً لتوليد اضطراباتِ الاستقلابِ الناجمة عن اتباع نظامٍ غذائيٍّ عالي الدهون، ومن أهم هؤلاءِ الوسطاءِ والمسارات:
• الأديبونيكتين Adiponectin- ينظم مستوياتِ الغلوكوز وتفكيكِ الأحماض الدهنية.
• الأديبوكينز Adipokines- سيتوكين cytokine (مرسال خلوي) يتم إنتاجُه في الأنسجة الدهنية.
• انترلوكين-6/Interleukin-6 - سيتوكين يشارك في الالتهابات.
• عامل نخر الورم ألفا- سيتوكين يشارك في الالتهابات.
• De novo lipogenesis - عملية تحول الكربوهيدرات الزائدةِ إلى أحماضٍ دهنية.
• تحلُّل الدهون- عملية تفكك الدهون وإنتاج الأحماض الدهنية.
زيتُ السمك وتأثيُره على استقلاب الدهون:
خلال السنوات الأخيرة، شاع استخدامُ زيت السمك باعتباره "الدواءَ الشافي" لجميع العلل، وانتشرت ادِّعاءاتٌ بشأن قدرته على تحفيز خسارة الوزن وزيادة الخصوبة وتحسين صحة الجلد وزيادة الطاقة، ولكنْ لمْ تكنْ جميع تلك الادعاءات مستندةً على البحث العلمي الدقيق، لكنَّ الأدلةَ على قدرة زيت السمك في تعديل المسارات الاستقلابية تزداد حالياً.
ويُعتبر زيتُ السمك ذا نسبةٍ عاليةٍ من الأحماض الدهنية أوميغا 3 طويلةِ السلسلةِ وغيرِ المُشبعة، بما في ذلك حمضُ الإيكوسابنتانويك eicosapentaenoic وحمضُ الدوكوساهيكسانويك docosahexaenoic والمعروفةُ منذ وقتٍ طويلٍ بأهميتها لتحسين حساسية الأنسولين ولكونها مضاداتٍ قويةً للالتهابات، ومُخفّضةً للشحومٍ في الدم، إضافةً إلى تأثيراتها في تخفيض وزن الجسم.
وقد قام فريقٌ من الباحثين في جامعة ساو باولو في البرازيل بالبحث في كيفيةِ تأثيرِ مُكمِّلات زيت السمك على عملية التمثيل الغذائي عند الفئران التي تمَّ تغذيتُها على نظامٍ غذائيٍّ عالي الدهون. حيث تم خلال هذه الدراسة إطعامُ الفئران مكملاتِ زيت السمك لمدة 4 أسابيعَ قبل البدء بتغذيتها على النظام الغذائي الذي تضمن مستوياتٍ عاليةً من كلٍّ من الدهون وزيت السمك.
وبمجرد إنهاء الفئرانِ النظامَ الغذائيَّ المذكورَ، قام الفريقُ بجمع وتحليل عيناتِ الدهون من جسم الفئران، وتمتْ مقارنةُ تلك العيناتِ مع عيناتِ الدهون من الفئران التي تلقت غذاءً عالي الدهون من دون إضافة مُكمِّل زيت السمك.
قام الفريقُ بعد ذلك بقياس عددٍ من العوامل التي لها تأثيرٌ على عملية التمثيل الغذائي، مثلِ مقاومةِ الأنسولين وترسُّب الدهون في أجزاءٍ مختلفةٍ من الجسم.
وكما توقع الفريقُ، فقد تسبَّبَ اتباع نظامٍ غذائيٍّ عالي الدهون بحدوث تغيراتٍ كبيرةٍ في عددٍ من المسارات الأيضية، شملت: امتصاصَ الغلوكوز، إفرازَ هرمون أديبونيكتين adiponectin، عاملَ نخر الورم ألفا، إنترلوكين-6، تحللَ الدهون، تكوُّنَ الدهون مجدداً وإفرازَ السيتوكينات طليعةَ الالتهابات.
لكنَّ مجموعةَ التغيراتِ السابقةِ الحاصلة على التمثيل الغذائي لم تظهر عند الفئران التي تناولت مكملاتِ زيتِ السمك، وبعبارةٍ أخرى فإنَّ التأثيراتِ الأيضيةَ السلبيةَ التي يسببها تناوُلُ كمياتٍ كبيرةٍ من الدهون تم إيقافُها نتيجةَ تناول زيت السمك.
كما تشير نتائجُ البحث إلى أنَّ مكمِّلات زيت السمك يمكن أن تُستخدمَ مع استراتيجياتٍ أُخرى كإجراءٍ وقائيٍّ لمقاومة الانسولين والبدانة.
هذه الدراسةُ تم إجراؤها على نموذج الفئران، لذلك لا بدَّ من اختبارها على البشر قبل أن يتمَّ تأكيدُ هذه النظرية، وبالتالي فهناك حاجةٌ لإجراء المزيد من البحث الذي يتعين القيامُ به حتى نتمكنَ من الحصول على فَهمٍ أفضلَ لتأثير زيت السمك عند البشر.
المصدر: هنا