الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
بعيداً عن ضغط الدم.. حمية DASH وأمراض الكلى
بعد سنواتٍ من دراسةِ النظامُ الغذائيّ المعروفُ باسم DASH أو Dietary Approaches to Stop Hypertension والمخصّصِ لوقفِ ارتفاعِ ضغطِ الدم والتحكم بمستوياتِه، وُجد أنّ لهُ دوراً في منعِ بعضِ الأمراضِ المزمنة كأمراضِ القلب والأوعية الدموية، ويمكنكم التعرّف على تفاصيلِ هذه الحمية بشكلٍ أكبر بقراءةِ مقالنا السابق هنا.
ولكنّ اليوم التاسعَ من شهرِ آب لهذا العام شهدَ نشرَ نتائجِ بحثٍ جديدٍ في المجلةِ الأمريكية لأمراض الكلى American Journal of Kidney Diseases ليُضافَ عنصرُ جديدٌ إلى قائمة الأمراضِ التي تلعبُ حميةُ DASH دوراً في الوقايةِ منها، وهي أمراضُ الكلى.
أُجريت الدراسة في كلية الصحة العامة بجامعة جون هوبكنزJohns Hopkins Bloomberg School of Public Health والتي أشارَت إلى أنَّ الأشخاصَ الذين يتميّزُ نظامُهُم الغذائيّ بكثرةِ الفواكه والحبوب الكاملة والمكسراتِ والبقوليات والألبان قليلةِ الدسم، وقلّةِ اللحومِ المصنّعةِ والحمراء والمشروبات المحلّاة والصوديوم، كانوا أقلَّ عرضةً للإصابةِ بأمراضِ الكلى المزمنة.
تمّت مراجعةُ سجلاتٍ تعودُ لدراسةٍ طويلةِ الأمد بدأت عام 1987 لبحثِ خطرِ تصلّبِ الشرايين في المجتمعات وتُعرف باسم Atherosclerosis Risk in Communities (ARIC) Study، وجرَت فيها متابعةُ ما يُقارب الـ 16 ألفَ مشتركٍ من البالغين في منتصفِ العمر، ولمدةٍ تجاوزَت الـ 20 عاماً. وقامت التجربة بدايةً على أساسَ ملءِ استبياناتٍ غذائيّةٍ لمتوسطِ استهلاكِ الفرد من 66 صنفاً من الأطعمة، دون أن يتمَ إعطاءُ المشاركين أيَّ تعليماتٍ ليلتزموا بها في المرحلةِ اللاحقة، بل توبعَت المراقبةُ وتمّ تصنيفُ التزامِهِم بحمية غذائيةٍ من نمط DASH بناءً على مقدارِ الانخفاض في مدخولِهم من اللحوم الحمراء والمصنّعة والمشروبات المحلاة والصوديوم، ومقدارِ الارتفاع في مدخولهم من الحبوبِ الكاملة والخضراوات والفواكه والمكسرات والبقول ومنتجاتِ الألبان قليلةِ الدسم. إذ أنَّ حميةَ DASH لم توضَعْ أسسها أو تُدرس بشكلٍ جيّدٍ إلا في تسعينيّاتِ القرن الماضي، أي بعدَ أكثرَ من ثلاثِ سنواتٍ من نظامِ التصنيفِ المقترحِ في هذه الدراسة.
مع مرورِ الوقت، حدّدَ الباحثون حالاتِ تطورِ أمراضِ الكلى لدى المشاركين عبرَ مراقبة وظائفِ الكلى لديهم، وذلك بالاعتمادِ على تحاليلِ الدم لمعرفةِ معدّلِ الترشيحِ الكبيبي GFR، فضلاً عن تحديدِ الحالات التي تطلّبَت علاجاً في المشفى أو سبّبت حدوث الوفاة، أو تلك التي صًنّفت كفشلٍ كلويّ في مراحلِه الأخيرة End-Stage Kidney Disease (ESKD) والذي يتطلّب إجراءَ الغسيلِ الكلوي أو زرعَ الكلية .
وجد الباحثون لاحقاً أنّ المشاركين الذين لم يتّبِعوا حميةً من نمطِ DASH كانوا أكثرَ عرضةً لتطوير إصابةٍ بأمراضِ الكلى بنسبة 16% مقارنةً مع المشاركين الذين التزموا بالأسسِ العامّةِ الحميةِ، وكان الأشخاصُ الذين يتناولون كميةً أكبرَ من اللحوم المصنعة والحمراء أكثرَ عرضة من سابقيهِم للإصابة بأمراض الكلى المزمنة بنسبة 22%.
أما الأشخاصُ الذين التزموا بحميةِ DASH واستهلكوا كمياتٍ مرتفعةً من الفواكه والخضار والبقوليات، فقد انخفض خطر إصابتِهم بأمراضِ الكلى بنسبة 9% مقارنةً بمن تناولوا كمياتٍ قليلةً من هذه المغذيّات المفيدة، وهذا يؤكد على أنّ الدورَ الإيجابيّ لهذهِ الأطعمة كان واضحاً حتى بين المجموعات المتقارِبة.
وبحسب الدكتورة Casey Rebholz، المؤلّفةُ الرئيسيةُ لدراسةِ المراجعة، فإنّ فعاليةَ حميةِ DASH في منعِ أمراض الكلى ناتجةٌ عن قدرتِها على خفضِ ضغطِ الدم الذي يرتبطُ ارتفاعُه بأمراضِ الكلى، فضلاً عن احتمال التأثيرِ الحامضيّ للحوم والأجبان والذي ثبت مسبقاً تأثيرُه على أمراض الكلى وارتباطُه بها، في حين تبدي المكسرات والبقوليات تأثيراً قلوياً عند استقلابِها في الجسم، والذي يعتبر صفةً مرغوبةً في مكوناتِ الحمية الغذائية.
ويؤكد ما سبق على ضرورةِ أخذِ الاحتياطاتِ اللازمةِ، واتباعِ جميع الأساليبِ الوقائيّةِ الضرورية لتجنبِ الإصابةِ بأي من الأمراضِ المزمنة التي يمكن كبحها بالتغذية السليمة.
المصدر: هنا