رفعُ جسمٍ بحجمِ كرةِ الغولف باستخدامِ الأمواجِ فوق الصوتيةِ.

استمع على ساوندكلاود 🎧

استطاعَ عددٌ من الباحثين ولأولِ مرةٍ رفعَ كرةٍ صلبةٍ مصنوعةٍ من البوليسترين، بقطر 50 ميليمتر (حوالي 2 بوصة)، وذلك باستخدامِ أمواجٍ فوق صوتيةٍ عاليةِ التردد، وعلى الرغم من أنّ رفعَ الأجسامِ بواسطةِ الأمواجِ فوق الصوتيةِ ليس بالجديد، لكن الأمر كان يقتصرُ على الأجسامِ الصغيرةِ كقطراتِ الماء، والمبدأ الذي اعتمدَ عليه العلماء سابقًا يُدعى بالسباحة الصوتية.

ما هو مبدُأ السباحةِ الصوتيةِ؟

يعتمدُ مبدأُ السباحةِ الصوتيةِ على استخدامِ موجتين صوتيتين لهما نفسُ الترددِ والسعة، ولكن باتجاهين متعاكسين في توليد ما يسمى بالأمواج الدائمة (Standing Waves). تمتلكُ الأمواجُ الدائمةُ عدةَ قمم، تتأرجحُ بين ضغطٍ منخفضٍ وضغط مرتفع، ويمكنُ استخدامُ هذه الأمواج في دفعِ جسمٍ ما إلى الأعلى عكس قوة الجاذبية.

تعتمدُ تِقنيّةُ السباحةِ الصوتيةِ على حجزِ الجسمِ، أي تعليقه في عقدة الضغط – في المكان الأمثل الذي يكون عنده ضغطُ الأمواجِ الدائمةِ ثابتًا لا يتغير على الإطلاق – فتقومُ الأمواجُ الدائمةُ تحتَ الجسمِ بعملٍ مشابهٍ لمضربِ كرةُ الطاولة، أي تضربُ الجسمَ بشكلٍ ثابتٍ إلى الأعلى.

ما الجديدُ الذي قدمَه العلماء؟

أكثر ما استطاعت التقنياتُ التقليديةُ من فعله، هو رفع جسمٍ بقطر حوالي 4 مم باستخدامِ الأمواجِ فوق الصوتية، ذات تردد 20 KHz وطول موجة 14 مم، أيّ أن الجسمَ المرفوع يساوي تقريبًا ربع طول الموجة فقط، أما ما يميزُ الاكتشافَ الجديدَ أنه تمكّنَ وللمرةِ الأولى من رفعِ كرة ذات قطر أكبر من طول الموجة الصوتية بـ 3.6 مرة، وبكتلة حوالي 1.46 غرام.

تنقلُ لنا ليزا زيغا (Lisa Zyga) من موقع Phys.org. عن أحد الباحثين في المشروعِ، وهو ماركو اندريد (Marco Andrade) من جامعة ساوباولو في البرازيل قوله: "في هذا البحث، تمّ برهنة أنه بالإمكانِ رفعِ جسم ما بشكل واضح، ذو قطرٌ أكبر من طولِ الموجةِ الصوتي عن طريق جمعِ عدة مُولدات فوق صوتية، وتحديدًا ثلاث قوائم من مولدات الأمواجِ فوقِ الصوتية ذات تردد 25 KHz وبقطر 20 مم”.

وبدلًا من حجزِ الجسمِ في عقد الضغط – حيث لا يمكن لطريقة مضرب كرة الطاولة أن يقومَ برفعِ جسمٍ بهذا الحجمِ لأنه لا يملكُ القوةَ الكافيةَ لذلك – قام الفريق بتوليد أمواجٍ دائمةٍ بين المحولات والجسم. وهذا يعني أن يتمّ إسنادُ الجسمِ على ثلاثِ جوانب من الأمواج فوق الصوتية، وبالتالي يتمّ حمل الجسم في الفراغ.

تَمكّنَ الباحثونَ باستخدامِ هذه الطريقة من رفعِ كرة البوليسترين حتى ارتفاع يساوي 7 مم تقريبًا، وهو ما يعادل تقريبًا نصفَ طولِ الموجةِ الصوتية، ويأمل الباحثون الآن أن يتمكنوا من تغييرِ وتبديلِ تِقنياتهم؛ ليصبحوا قادرين على رفع أجسامٍ أكبر لمسافة أعلى وبزوايا مختلفة.

"حتى الآن، نستطيعُ فقط رفع جسمٍ ما إلى موضعٍ محددٍ في الفضاء"، هذا ما قاله اندريد لموقع Phys.org، ويضيفُ "ولكن في المستقبلِ سنعملُ على تطويرِ أجهزةٍ جديدةٍ قادرةٍ على رفعِ أجسام أكبر والتلاعب بها في الهواء".

الجدير بالذكر أنّ هذه المحاولةَ لرفعِ الأجسام بواسطة الأمواجِ فوقِ الصوتيةِ ليست الأولى من نوعها، ونجحَ عدةُ باحثين في القيام بهذا الشيء، فقد قام فريق من الباحثين اليابانيين برفعَ أجسامٍ صغيرة وتحركيها في الهواء وقد تناولنا الموضوع في مقال سابق للباحثون السوريون هنا

لكن الاختلاف بين الإنجازات ، والإنجاز الحالي يكمنُ في حجم الأجسام التي استطاع الباحثون رفعها، وكذلك الطريقة المستخدمة.

ما فائدةُ رفعِ الأجسامِ في الهواء بواسطةِ الأمواجِ فوق الصوتية؟

قد يلعبُ الرفعُ باستخدامِ الأمواجِ فوق الصوتية دورًا هامًا في المستقبل في عمليات تحليل والتحكم بالسوائل في الفضاء، بالإضافة إلى أنه يمكن أن يساعدَ الباحثين في التعاملِ مع المواد الكاوية والحارة جداً هنا على الأرض.

وبعيدًا عن التطبيقات العلمية قد يساعدُ هذا الاكتشاف على صنع (Tractor Beam) القادرِ على جذبِ الأشياءِ نحوهم في محاكاة لما رأيناه في فلم حرب النجوم (Star Trek) الشهير، أو ربما سيستخدم لاعبو الخفة هذا الاكتشاف لرفع البشر فعلًا ويكفوا عن خداعنا، ما رأيكم هل سيحدث هذا فعلًا؟

تابعوا معنا هذا الفيديو الذي يظهر الكرة تعوم في الهواء:

*الأمواج فوق الصوتية مصطلح يطلق على الترددات الصوتية التي تكون فوق تردد سمع الاذن البشرية.

المصدر:

هنا