الهندسة والآليات > التكنولوجيا
كيفَ سيكونُ العالمُ في العام 2116
على الرغمِ من أنّنا اليومَ لا نستطيعُ التنبؤ بشكلِ عالمنا بعد مئات السنين، إلا أنّ ذلك لا يمنعُ من المحاولةِ في رسمِ صورةِ العالمِ بعد عشراتِ السنين على أقرب تقدير.
حيثُ وضعَ عددٌ من العلماءِ والباحثينَ والمعماريين ومخططي المدنِ في المملكة المتحدة تقريراً جديداً، تصوروا من خلاله كيفَ سيكونُ شكلُ المجتمعِ الغربي في العام 2116، وهي صورة تتضمن في تفاصيلها مدناً على شكلِ فقاعةٍ تحت الماء، وأثاثاً قابلاً للتغيير والتعديل والتأقلم مع الشكلِ والوضعِ المطلوب، وأياماً خاليةً من المرضِ بفضلِ تكنولوجيا التشخيصِ والتمريضِ المنزلية المتوقعة.
لم يقفْ التصورُ عند ذلك وحسب، بل تعداه إلى بناءِ ناطحاتِ سحابٍ عملاقةٍ، وطائرات عملاقة بدون طيار، لأغراضِ النقلِ الشخصيّ بمقدورها نقل أشياء بحجمِ المنزلِ، إن لم يكن منزلاً بحد ذاته. وَوفْقَاً لتقرير "Smart Things Future Living Reports" عن الحياة المستقبلية، فإن المئة سنة القادمة ستكونُ سنواتٍ واعدةً ومليئةً بالتطور.
فمع ازيادِ معدلِ النمو، والكثافةِ السكانية على كوكب الأرض اليوم، وزيادةِ الازدحامِ لدرجة الاختناق، فإنّ المباني سترتفعُ إلى مستوياتٍ غيرِ مسبوقة.
وقد جاءَ في التقرير: "ستساعدُنا الأنابيبُ النانوينة الكربونية والألماسية في إنشاء أبنيةٍ عملاقةٍ شاهقةِ الارتفاع، والتي من شأنها أن تُقَزِم ناطحاتِ السحابِ الموجودة اليوم". ولن يتوقفَ الأمرُ على الناطحاتِ السحابية شاهقة الارتفاع، بل ستكونُ المدنُ تحت الأرض وتحت الماء حاضرةً وبقوة في صناعةِ المجتمعِ البشري مستقبلاً. وسيُعتَبرُ ذلك حينها أمراً عادياً، حيث ستوضعُ المدنُ الفقاعية ضمنَ كراتٍ زجاجيةٍ ضخمة جداً تحت سطح المحيط.
أما عالم الفضاء Maggie Aderin-Pocock المشاركُ في كتابة التقريرِ، فحدثنا بأننا على الأرجح سنشهدُ ظهورَ أبنيةٍ شاهقةِ الارتفاع إلى جانب مدنٍ شبه مائية، فضلاً عن أنظمة نقلٍ متطورةٍ بواسطةِ طائراتٍ بدون طيار. والتي قد يمكنها أن تصبحَ عملاقة لدرجةٍ تمكنها من حملِ منزلٍ إلى أي مكان نريد خلال أيام العطل.
في السنواتِ الأخيرة، أصبحتْ تكنولوجيا الطائراتِ المُسيّرةِ بدونِ طيارٍ هي التِقنية المفضلة للحكوماتِ والمستهلكين على حد سواء. وعلى ما يبدو فإنها مستمرةٌ في النمو بشكلٍ متزايد.
يشيرُ التقريرُ إلى أنّ هذه الطائرات المستقبلية بلا طيارٍ، ستكون كبيرةً كفاية؛ لتكونَ قادرةً على حملِ منازلَ بأكملها حولَ العالمِ لإرضاء رغباتِ الأثرياء والحالمين على حد سواء. أما بقية العالم سيستخدمون الطائراتِ بدونِ طيارٍ كبديلٍ للسيارات، وستُعتَبرُ وسيلةَ النقل الشائعة.
سيتم مستقبلاً تخفيضُ عددِ ساعات العمل الأسبوعية إلى حد كبير، وأيضاً فإنه سيكون بإمكاننا إجراءُ قدرٍ أكبر من الأعمال عن بعدٍ، عن طريق تحضيرِ اجتماعاتٍ بواسطة تكنولوجيا الصور ثلاثية الأبعاد، وفتحِ البابِ أمامَ إمكانيةِ العمل لثلاثة أيام فقط في الأسبوع.
ولكن نظراً لما توقع به الاقتصادي الشهير John Maynard Keynes في عام 1930، بأنّ التطورَ في التقانات المستخدمة سيؤدي إلى تخفيض ساعاتِ العمل إلى 15 ساعة أسبوعياً، لذلك لا تحبسْ أنفاسك بتوقعاتنا لثلاثة أيامٍ أسبوعياً.
بغضِ النظرِ عن عددِ ساعاتِ العملِ الأسبوعيةِ، وبالانتقال لموضوع آخر، فسيتم تركيبُ حواضن التشخيص الصحي كميزة أساسية في المنازل المستقبلية، وستوفرُ هذه الحواضن تشخيصاً رقْمياً وقد تقومُ بتقديم الدواءِ أو إجراءِ الجراحةِ بشكل آلي للمريض إذا لزم الأمر. وعلى الجانب المقابل ستقوم أيضاً بعمليةِ الكشفِ السريع عن الأمراض والكوارث، وستكون السيئة الوحيدة هي في عدمِ تأليف الأكاذيب حولَ الحالةِ الصحيةِ للمريضِ أمامَ المسؤولين عن رعايته.
خصصَ هذا التقرير -الذي استنبطَ الأشكالَ الحاليةَ للتكنولوجيا -مساحةً واسعةً لاستخدامات تكنولوجيا الطباعةِ ثلاثيةِ الأبعاد في المستقبل؛ تلبيةً لاحتياجاتنا في الطهي المنزلي، ويضيفُ التقرير: "سيكونُ بإمكاننا تحميلُ العديدِ من الأطباق الشهية لأكثرِ الطهاةِ شهرةً حولَ العالم، وستكون هذه التكنولوجيا قادرةً على بناءِ مَأدبة طعامٍ أو كعكة في غضون دقائق. أي أنّ الطعامَ المطبوخَ هو في مرحلة التراجع.
وبشكلٍ أقلَّ إثارةً للدهشةِ هو الادعاء بأنّ أغلبيةَ الأثاث المنزلي، سيتم إنتاجه باستخدامِ الطابعات ثلاثية الأبعاد، وهو ما يشملُ أيضاً على الأثاثِ القابلِ للتعديلِ بسهولة حسب رغبةِ المستخدم.
وأكد تقريرُ لجنة شركة Smart Things المملوكة من قبل شركة سامسونغ، والتي يقعُ مقرها في كاليفورنيا، أنّه سيكون هناك الكثيرُ من المستعمرات في الفضاء الخارجي وأنها ستكون حقيقة مع حلول العام 2116 بعد طول انتظار.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه وبالنظر إلى معدلِ التغيرِ التكنولوجي، فإنّ التنبؤ بالمستقبلِ خلالَ السنوات المئة القادمة سيكونُ تنبؤاً ساذجاً، حيث أنّ الكثير من تنبؤاتنا السابقة حول المستقبل غابَ عنها العديد من الإشارات التي غيرت حياتنا كُلياً.
ففي العام 1970، فشلِ الخيالُ العلميّ في التنبؤ بظهور الإنترنت، الأمر الذي أدى إلى إحداثِ تغييرٍ جوهري ودائم للمجتمع.
“Our lives today are almost unrecognisable from those a century ago. The internet has revolutionised the way we communicate، learn and control our lives،” report co-author Dr Aderin-Pocock said.
يقول الدكتور أديرين-بوك:
إن حياتنا ومعيشتنا اليوم لم يتم التعرفُ عليها منذُ حوالي قرن سابق، لقد أحدث الإنترنت ثورة في الطريقة التي نتواصل بها والتعلم والتحكم في أمورنا الحياتية.
ومن المحتمل أيضاً أن يكون عام 2116 غير معروف بالنسبةِ لنا في هذه الأيام. ولكنه من الممتع أن تفكرَ قليلاً، وتُخمّن الحال الذي سيؤول إليه هذا العالم في ذلك العام.
المصدر: