الكيمياء والصيدلة > صيدلة
نظرةٌ على أدوية المتمّمات النباتية.. فوائدها ومخاطرها -الجزء الأول-
لاستخدام المتمّمات العشبية تاريخٌ طويلٌ يعود لآلاف السنين، ومن الأمثلة الهامة على هذا الاستخدام بعض الأدوية المستخلصة من النباتات كالريزيربين Reserpine، المورفين Morphine، البنسيلين Penicillin وقلويد الفينكا Vinka (يستخدم في الأدوية المضادة للسرطان).
تُباع الآن المتمّمات العشبية والمستحضرات الطبيعية كـ OTC، أي دون وصفةٍ طبيةٍ، ولكنّ هذا لا يعني أنها آمنةٌ دائماً، فرغم أنها تُستخدم لتعزيز الصحة بشكلٍ عام، إلا أنها تفتقد لدراساتٍ سريريةٍ قويةٍ تدعمها.
وهي تباع بعدة أشكالٍ فمنها أوراقٌ مجففةٌ كالشاي، أو مساحيقُ تباع على شكل محافظ أو مضغوطاتٍ أو محاليل، ومن الجدير ذكره أن حوالي 20% من الأمريكيين يتناولون بعض أنواع المتمّمات العشبية وغير العشبية.
هل تشرّع إدارة الغذاء و الدواء الأمريكية FDA استخدام المتمّمات العشبية؟
هذه المتممات ليست موضع مراجعةٍ و تدقيقٍ من قبل إدارة الغذاء و الدواء، ومن الممكن أن يكون استخدامها خطيراً على الصحة. فرغم أن هذه المنتجات تمتلك لصاقةً تؤكد على أنها منتجاتٌ طبيعية، إلا أنه لا بد من نشر الوعي لدى المستهلكين بأنها ليست آمنةً بشكلٍ تام ،وأنه لابد من استشارة الطبيب أو الصيدلاني للتأكد من عدم وجود تداخلاتٍ دوائيةٍ لهذه المنتجات مع الأدوية الموصوفة للمريض، حيث أنه في الغالب لا بد من وجود هكذا تداخلات.
يُشار إلى أن إدارة الغذاء والدواء لا تفرض دراسات فعاليةٍ وأمانٍ على الأدوية العشبية ومصنّعيها كالتي تفرضها على الأدوية الموصوفة، ولكنها قد تحجز أو تسحب أي صنفٍ ملوثٍ أو تالفٍ أو غير آمنٍ من الأسواق عند التنبّه لأي مشكلة.
الأعشاب كلها طبيعيةٌ، فلماذا القلق من التداخلات الدوائية؟
على الرغم من أن المتمّمات العشبية تجمع من النباتات، إلا أن المكوناتِ المؤثرةَ ضمنها تبقى موادَّ كيميائيةً فعالةً، لذلك تمتلك المتمّمات العشبية تداخلاتٍ دوائيةً فيما بينها، مع الطعام أو حتى مع الكحول.
ولكن لسوء الحظ فإن هذه المتمّمات غير موسومةٍ بتحذيرٍ للأمان، لذلك فإنه من الصعب على المستهلك أن يعرف هذه التداخلات، حيث من الممكن لهذه الأعشاب أن تتداخل مع الأدوية الموصوفة على عدة مستويات، فقد تتدخل الأعشاب في مرحلة تفتّت الدواء في الجسم، أو قد تعزز بعض الآثار الجانبية غير المرغوبة للدواء.
يمكنك أن تبحث عن هذه التداخلات بنفسك عن طريق الرابط التالي:هنا
كما يمكنك دائما أن تستشير طبيبك أو الصيدلاني.
ومن المتمّمات العشبية المستخدمة بكثرةٍ و الجديرة بالذكر، المتممات التالية:
نبتة كوهوش السوداء Black cohosh:
شجيرةٌ تنمو في أمريكا الشمالية، غالباً ما تُستخدم في اضطرابات سن الإياس (كالهبّات الساخنة)، الآلام الطمثية، تقلصات الرحم والتهاب المهبل.
ولكن توجد مخاوفُ من أن هذه النبتة قد تكون سامةً للكبد، وقد تزيد السميّة الكبدية عند مشاركتها مع بعض العقاقير التي تُصنف أيضاً بأنها سامة كبدياً كـالأتورفاستاتين Atorvastatin، الأسيتامينوفين Acetaminophen (أو ما يعرف بالبارسيتامول) والكحول. بالإضافة إلى أن بعض الأدوية التي تتفكك بواسطة الأنزيمات الكبدية قد تتراكم في الجسم وتسبب التسمّم أيضاً إذا ما تم استخدامها بالمشاركة مع هذه النبتة. التداخلات الدوائية لهذه النبتة عديدةٌ ومعقدةٌ، لذا يُنصح بأخذ رأي الصيدلاني عند تناول الأدوية معها.
مساعد الأنزيم (Q10) Coenzyme Q10:
أو ما يُعرف أيضاً بـ أوبيكينون Ubiquinone أو CoQ10، يوجد بشكلٍ طبيعيٍ في القلب، الكلية، الكبد والبنكرياس، إلا أنّ التقدم بالعمر والتدخين قد يستنفذا مخازنه الطبيعية.
يُعتَقَد بأن CoQ10 يساعد في علاج التلف القلبيّ الناتج عن بعض أدوية السرطان، و كذلك يُستخدم في حالات سرطان الثدي، اضطرابات اللثة، والضمور العضلي.
إن استخدام CoQ10 مع العقاقير المضادة للتخثر كالوارفارين Warfarin من المحتمل أن يقلّل من آثارها، فتزداد بالتالي خطورة الإصابة بجلطةٍ دموية.
فإذا كنت تستخدم دواءً مضاداً للتخثر، راجع طبيبك قبل تناول CoQ10، ففي الغالب يتم التأكد من فحوصات تخثر الدم بشكلٍ متكررٍ إذا ما تمت هذه المشاركة، و قد يُنصح بزيادة جرعة مضاد التخثر المستخدم.
التوت البري Cranberry:
التوت البري فاكهةٌ غنيةٌ بفيتامين C، بعض الناس يتناولون عصير التوت البري ليساعدهم في الوقاية من انتانات الجهاز البولي. وبالرغم من أن المعلومات حوله متضاربةٌ، إلا أنّ بعض الدراسات أظهرت بأن التوت البري يمكنه أن يقلل من تكرار انتانات الجهاز البولي عند النساء الحوامل، عند المسنين وكذلك عند المرضى المقيمين في المستشفى.
ولكن حتى هذه الفاكهة البسيطة قد تسبب تداخلاتٍ دوائيةً، فالتوت البري يزيد من تأثير مضادات التخثر كالوارفارين مؤدياً للإصابة بكدماتٍ أو نزوف.
فإذا كنت تتناول إحدى الأدوية المضادة للتخثر، راجع طبيبك قبل المباشرة بتناول كميات كبيرة من التوت البري أو عصيره. قد يُنصح بالتأكد من قيمة اختبار INR واختبارات تجلط الدم الأخرى بشكلٍ أكثر تكرراً.
القنفذية Echinacea:
تستخدم القنفذية أو ما يعرف أيضاً بالرَّدبكيَّة الأُرجُوانِيَّة Purple coneflower، لتحفيز الجهاز المناعي في جسم الإنسان، وغالباً ما يتم استخدامها في علاج الزكام. معظم التداخلات الدوائية لهذه النبتة طفيفةٌ، حيث أن القنفذية قد تبطئ من استقلاب الكافئين في الجسم مما يؤدي لآثارٍ جانبيةٍ عديدةٍ كالهياج والأرق والصداع. كما يمكن للقنفذية أن تؤثر في استقلاب الجسم للعديد من الأدوية التي تتأثر بأنزيمات نظام CYP-450 الكبدي، مما يؤدي بدوره إلى تداخلاتٍ معقدةٍ قد تسبب تأثيراتٍ جانبيةٍ غير مرغوبة أو أن تقلل من فعالية الدواء نفسه، لذلك يُنصح دائماً باستشارة الصيدلاني.
زيت زهرة الربيع المسائية Evening Primrose Oil:
من النباتات المزهرة والتي تُعرف أيضاً بالأخدرية المحولة Oenothera biennis ، تزوّد هذه النبتة الجسم بحموضٍ دسمةٍ تُستخدم في النمو. يحتوي زيت زهرة الربيع المسائية على حمض غامالينوليئيك Gammalinoleic Acid الذي يبطئ من تخثر الدم ويزيد من احتمال حصول نزوفٍ أو كدمات. لذا يجب عليك استشارة طبيبك قبل تناول زيت هذه النبتة في حال كنت تستخدم إحدى العقاقير المضادة للتخثر.
إن استخدام زيت زهرة الربيع المسائية قد يزيد من خطر الإصابة بنوباتٍ صرعيةٍ في حال استخدام الأدوية المضادة للصرع أو مشتقات الفينوتيازين Phenothiazine.
حشيشة القطة (الناردين) Valerian:
يستخدم الناردين لعلاج الأرق والقلق، على الرغم من أن الأدلة حوله متضاربةٌ. أثبت Germany's Commission E، و التي تعتبر السلطة التي تقيّم استخدام المنتجات العشبية في ألمانيا، أن الناردين يمتلك تأثيراً مهدئاً خفيفاً، وأن هناك ما يفوق الـ 500 تداخلٍ دوائيٍ مع الناردين، لذا فإن تقصّي التداخلات الدوائية هامٌ جداً عند استخدام منتجات هذه العشبة. يُنصح باستشارة الطبيب قبل مشاركة الناردين مع المرخيات العضلية، الأدوية المنومة أو المضادة للقلق، الأدوية المسكنة للألم، مضادات الاكتئاب أو الأدوية الأخرى التي تسبب النعاس، لأن هذه الأدوية قد تزيد النعاس والدوار عند تناول نبتة الناردين.
عشبة القديس يوحنا St. John’s wort:
هي متممٌ عشبيٌ معروفٌ يستخدم بشكلٍ واسعٍ كمساعد في علاج أعراض الاكتئاب. التداخلات الدوائية لهذه العشبة عديدة، وقد تكون خطيرة، لذا لا بد من استشارة الطبيب قبل المباشرة بتناول هذه العشبة.
لا تجمع بين عشبة القديس يوحنا والأدوية التالية:
مثبطات إعادة قبط السيروتونين (SSRIs)، مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقة (TCAs)، مثبطات مونو أمين أكسيداز (MAOIs)، نيفازودون Nefazodone، وجميع ما سبق ذكره أدويةٌ مضادةٌ للاكتئاب. كذلك مشتقات التريبتان Triptans المستخدمة في علاج الشقيقة، الديكستروميتورفان Dextromethorphan (مشتق أفيوني -مثبط سعال مركزي-)، الوارفارين Warfarin، عقاقير منع الحمل، بعض أدوية الإيدز HIV و العديد من الأدوية الأخرى.
تأكد من مدى أمان استخدام عشبة القديس يوحنا مع طبيبك أو الصيدلاني عند استخدامها بالمشاركة مع الأدوية الموصوفة لك أو أدوية الـ OTC التي تتناولها وكذلك الفيتامينات أو أي دواءٍ عشبيٍ آخر تستخدمه.
البلميط المنشاري Saw Palmetto:
استخدام البلميط المنشاري متعارفٌ عليه في علاج فرط تنسّج البروستات الحميد BPH (تضخم غدة البروستات غير السرطاني)، الأدلة تشير إلى أنه يمكن للبلميط المنشاري أن يكون فعالاً في علاج فرط تنسّج البروستات الحميد الخفيف إلى المتوسط، إلا أنه يجب تجنّب استخدامه مع الأدوية المستخدمة لعلاج هذا المرض كالفيناستريد Finasteride إلا إذا تمت إضافته إلى العلاج من قبل الطبيب.
يستخدم البلميط المنشاري أيضاً في إبطاء تجلط الدم، لذلك قد يسبب نزوفاً أو كدماتٍ في حال مشاركته مع الأدوية المانعة لتخثر الدم كالوارفارين.
إن مشاركة هذه العشبة مع مانعات الحمل الفموية أو المركبات الإستروجينية قد يؤدي إلى تقليل فعالية هذا العلاج الهرموني، لذا من الضروري مراجعة الطبيب والصيدلاني لتقصي التداخلات الدوائية المحتملة.
الميلاتونين Melatonin:
الميلاتونين هو هرمونٌ طبيعيٌ يساعد على تنظيم دورة النوم واليقظة، ويعتقد أن أقراص الميلاتونين تفيد في علاج الأرق واضطرابات النوم عند المسافرين في الرحلات الجوية الطويلة وعند المناوبين في العمل.
يسبب الميلاتونين النعاس، لذلك يجب تجنب استخدامه مع الكحول أو الأدوية المهدئة (كالبينزوديازيبينات المهدئة والمنومة، بعض مضادات الهيستامين، مسكنات الألم الأفيوينة والمرخيات العضلية)، أو مع بعض النباتات الأخرى التي قد تسبب النعاس كـ 5-HTP، الكافا Kava، وعشبة القديس يوحنا.
يمكن للميلاتونين أيضاً أن يزيد مستويات سكر الدم، لذا فهو يتداخل في تأثيره مع الأدوية المستخدمة في علاج السكري، وكما في العديد من المتمّمات العشبية يمكن لتجلط الدم أن يتأثر في حال مشاركة الميلاتونين مع مضادات التخثر.
المصدر: