الهندسة والآليات > التكنولوجيا
سياراتُ تسلا الكهربائيةِ ليستْ صديقةً للبيئةِ بالقْدرِ الذي تعتقد.
قامت Devonshire Research Group-وهي شركةُ استثمارٍ متخصصةٌ بتقييمِ شركاتِ التكنولوجيا – بالبحث في البياناتِ المتعلقةِ بهذه السيارة، وتوصلتْ إلى أنّ الفوائدَ البيئيةَ قد تكونُ أقلّ مما تبدو.
هذا لا يعني أنّ سياراتِ تسلا (وإجمالا كلّ السيارات الكهربائية) لا تختلفُ عن السياراتِ العاملة على الوقودِ الأحفوري، أو أنها تبعثُ الغازاتِ الضارة من عوادمِ خَفية، إنما تقومُ بزيادةِ الكربون وبتلويث الجو بطرق أخرى. كلّ مرحلةٍ من مراحلِ صناعةِ السيارةِ الكهربائيةِ لها تأثيرها على البيئة، ورغم أنها لا تبعثُ غازاتٍ من العوادم فهذا لا يعني أنها أقل ضرراً.
تابعوا معنا هذا الفيديو عن سيارة تسلا:
لنبدأ بالأساسيات: لا تحتاجُ السيارةُ الكهربائيةُ وقوداً، بل تحتاج إلى الطاقة الكهربائية التي قد تنتجُ من حرقِ الوقودِ، هذا يعتمدُ على كيفيةِ توليدِ الكهرباءِ في الشبكةِ المحليةِ التي تتواجدُ فيها السيارة،" إذا كانت الشبكةُ تتغذى من محطاتِ الطاقةِ التي تعمل على الفحم أو الوقود الأحفوري، فالسيارة الكهربائية لا تبدو أفضل من السيارةِ التقليدية من ناحيةِ انبعاثِ الغازاتِ الدفيئة."
لكن بالمقابل البنزين لا يأتي جاهزاً، عمليات التنقيةِ والمعالجةِ والنقلِ كلها تضيفُ انبعاثاتٍ يجبُ أن تضافَ إلى رصيدِ مالكي السيارات التقليدية، حيث إن إنتاجَ ليتر واحدٍ من البنزين يستهلكُ طاقةً تعادلُ ما تستهلكُهُ سيارةُ تسلا موديل S في 8.5 كيلومتر، حسب Department of Energy data
يقولُ المتحدثُ باسمِ شركةِ تسلا: نسبةُ انبعاثاتِ غاز CO2 للسيارة الكهربائية مثل موديل S أخفض بأربعِ مراتِ من نظيراتها من السيارات التقليدية.
ومع استمرارية الجدال حول الانبعاثات، تبقى معدلات الأرقام لصالح السيارة الكهربائية [1].
ما وراءَ الانبعاثات:
تصبحُ المعادلاتُ أعقدَ عندَ تضمينِ أشكالٍ أخرى من الأضرار البيئية، حيث إن السياراتِ الكهربائيةِ يجب أن تكونَ خفيفةً، هذا يعني أن تتضمنَ الكثيرَ من المعادنِ ذاتِ الأداءِ العالي، الليثيوم الموجودُ في بطارياتها على سبيل المثال، خفيفٌ جداً وموصلٌ كهربائيٌّ عالٍ، ومن هنا نحصل على تلكَ الطاقة دونَ زيادةٍ في الوزن، ومعادن نادرة أخرى، متناثرة في جميعِ أجزاءِ السيارة، وبالأخص في المغانطِ الموجودة في كلّ مكانٍ تقريباً، من المصابيح الأمامية حتى اللوحات الالكترونية. هذه المعادن تأتي من مكان ما، غالباً من المَناجمِ المُدمرة للبيئة.
حتى الألواح الشمسية تعتمدُ على نوعٍ نادرٍ من المعادنِ التي تستوجبُ أن تُستخرجَ من باطنِ الأرضِ، وأن تُعالَجَ بطرقٍ ليست صديقة للبيئة.
لا تتواجدُ هذه المعادنُ النادرةُ إلا بكمياتٍ ضئيلةٍ وبأماكنَ خفية، تتطلبُ إزالةُ كمياتٍ كبيرةٍ من الترابِ والصخورِ للحصولِ على كمياتٍ صغيرةٍ منها. يقومُ العمالُ في منجم Jiangxi في الصين بصنعِ ثقوبٍ في الأرضِ بعمق 2.5 متر، ويصبون فيها كبريتات الأمونيوم، لتذويبِ الطينِ الرملي، بعدها تسحبُ أكياسُ الطينِ؛ لتعالج بعدةِ أنواعٍ من الأسيدات، وبعدها يتمّ خبزُ ما تبقى بالفرن، لتبقى فقط المعادن النادرة، التي تعادل 0.2 % من كمية الترابِ التي تمّ استخراجها من الأرض، ال 98.8 % الباقية -التي تحوي الآن على موادّ كيميائية سامة -يعادُ رميها الى البيئة.
وكما في كل مرحلةٍ من مراحلِ عمليةِ التصنيع، التنقيب لديه انبعاثات خفية، منجم Jiangxi لديه كمية صغيرة نسبيا من هذه الانبعاثات، كونَ العمالِ يحفرون في الطين، بينما الكثيرُ من المناجمِ الاخرى تعتمدُ آليات تكسير الصخور ذات التكلفة الهائلة من الطاقة، ناهيك عن الأفران العاملة على الفحم والضرورية للمراحل الأخيرة من المعالجة، كلها تقومُ بنفث كميات كبيرة من ثنائي أكسيد الكربون إلى الغلاف الجويّ، وذلك من أجل صنع سيارة عديمة الانبعاثات [1]
ولصناعةِ المغانطِ الدائمة (NdFeB) الموجودةِ في أجزاء كثيرة من السيارة، والتي تُعدّ من أخفِ وأقوى المغانط (مغناطيس يوزن عدة غرامات قادرٌ على رفعِ عدة مئات أضعاف وزنه [3]، نحتاج إلى معدن النيوديميوم النادر، والذي تتضمنُ عمليةُ معالجته غلى الخامة في الأسيدات عدة مرات [2]
تسببُ صناعةُ السيارةِ الكهربائيةِ انبعاثَ غازِ الكربون أكثرَ من صناعةِ السيارة التقليدية، وغالباً بسبب البطاريات، ومع ذلك، وحسب Union of Concerned Scientists، لا تزال النتائج لصالحِ السياراتِ الكهربائية، حيث وجد أنه حتى بعدَ إضافةِ الانبعاثات الناتجةِ عن صناعة البطاريات، السيارات الكهربائية تنتجُ نصفَ كميةِ ما تنتجه السيارةُ التقليديةُ من الانبعاثاتِ خلالَ فترة عملها.
والآن لنستبقَ الأحداث قليلاً، بعد 15 سنة عندما تكونُ السيارةُ في آخر مراحلِ حياتها، أين ستذهب البطارية ؟! الأخبار الجيدة أنها لن تذهبَ الى مكب النفايات، حيث يقول Shanika Amarakoon باحثٌ في شركةِ Abt Associates:"مُعيدو تدويرِ البطارياتِ يقودون تقنيات لإصلاح جزءٍ كبيرٍ من المواد في هذه البطاريات ".
بطارياتُ تسلا كبيرةٌ -يصلُ وزنها في موديل S إلى نصف طن، ومعظمُ تجهيزات إعادةِ التدويرِ غير قابلة على استيعابها -لذلك فإن إيجادَ طريقةٍ فعّالةٍ سيتطلبُ بعضَ العمل الجادّ، وخاصة أنه ليس هناك الكثيرُ من الشركاتِ المتخصصةِ في إعادة تدوير بطاريات الليثيوم.
التحدي الذي نواجه في إعادة تدوير هذه المعادن النادرة كبير، وذلك لأن المنتجاتِ التي نملكها الآن تحوي كميات ضئيلة من هذه المعادن، مما يجعلُ إعادةَ تدويرها غير مُجْدٍ اقتصادياً.
لكن هذا الأمر قد يتغير بوجودِ ملايين من هذه السيارات على الطرقاتِ، ووجود ملايين من هذه البطاريات ليعاد تدويرها.
تشاركُ السيارةُ الكهربائيةُ بحُصةٍ جيدة من التلوث والغازات الدفيئة، لكن بالمقابل السيارات التقليدية -ومع أنها لا تحوي على بطاريات -إلا أنها تحوي أيضا في بعض أجزائها على معادنَ نادرة (هل تذكر تلك المغانط؟)
لا يمكننا الحكمُ على السيارات الكهربائية في الفراغ، يجبُ أن نقارنها بالوضعِ الراهن، أي مع نظيراتها من السيارات التقليدية التي تشترك معها في الكثير من المشاكل، إلا أنها بالإضافة لذلك فإنها تنفث غازاتها السامة من عادم، وكونُ السيارة الكهربائية ليست مثالية لا يعني التوقفَ عن استخدامها [1]
المصادر:
[1] هنا
[2] هنا
[3] هنا