الفيزياء والفلك > علم الفلك
ماذا لو أصبحت الشمس ثقبًا أسود؟
ماذا لو تحوّلت شَمسُنا الغالية إلى ثقب أسود!
ما هو مصيرنا؟ وما الذي سوف نراه في الصباح التالي ، إن كان هناك صباح بالطبع. هل يبتلع الثقب الأسود الأرض؟
بدايةً، الثقب الأسود هو أكثر الأجسام غموضاً في الفضاء. فهو منطقة ذات جاذبية هائلة. ومع أن العلماء يطلقون عليها اسم الثقوب، إلا أنها ليست فارغة كما نتخيل الثقوب عادة. على العكس تمامًا، فالثقوب السوداء تحتوي على مادة مضغوطة وكثيفة جداً، وقوة جذب كبيرة جدًا؛ لدرجة أن الضوء بحد ذاته، لا يمكنه الإفلات منها. بمعنى أنها لا تُصدِرُ أي ضوء، وهذا ما يجعلنا عاجزين عن رصدها بشكل مباشر باستخدام التلسكوبات.
ومع ذلك، نحن متأكدون تماماً من وجودها. وذلك بسبب السلوك الغريب الذي تسلكه المواد، بجوار هذه الثقوب. فعلى سبيل المثال، إن الغازات تدور حول الثقب الأسود، بسرعة هائلة، قريبة من سرعة الضوء، مُطلِقةً إشعاعات ذات طاقة عالية جداً، الأمر الّذي يدُل على وجود مصدرِ جاذبيةٍ هائلة بالقرب من هذه الغازات.
تمتلك الثقوب السوداء، أحجامًا متنوعة جداً، تبعًا لكميّة المادة الموجودة بداخلها.
قد يتساءل البعض عن نشأة الثقوب السوداء، حسنًا، بَعضها تشكّل نتيجة وفاةِ النجوم هائلة الكتلة. فعندما تستهلك هذه النجوم كل وقودها النووي، تنفجر أجزائها الخارجية، مُشكلة ما يُعرفُ بِالمُستَعِر الأعظم، وبعد ذلك ينهار ما تبقى منها على نفسه، تحت تأثير جاذبيتها، وتُصبِحُ ذاتَ كثافَةٍ كبيرة جداً، مشكلةً ثقباً أسود .
يمكنك أن تطمئن، لأنَ شَمسَنا أصَغر بكثيرٍ مِن أن تُشكِلَ في يومٍ مِنَ الأيام ثُقبًا أسود! فهيَ ببساطة لا تملك كتلةً كافية، لِتوليد قوة جاذبيَةٍ، تضغطها بشكلٍ كافٍ لِتصبحَ ثقبًا أسود. إذ يجب أن يكون النجم أكبر من شمسنا بِعشرة أضعاف، ليصبح ثقبًا أسود، بعد وفاته.
ولكن تذكر، أن أي جسم يتعرّض لضغطٍ كافٍ، ليصبح بالكثافة الهائلة المطلوبة، يمكنه أن يتحول إلى ثقب أسود! مثلاً، إذا تم ضغط كوكب الأرض، ليُصبِح بحجم قطعة من الرخام، عندها سيصبح ثقب أسود. وحتى الإنسان، إذا ضغطناه حتى يصبح بحجمٍ، أصغر بألف مليار مليار مرة من حجم حبة ملح، عندها سيصبح ثقبًا أسوَد.
وبالعودة إلى سؤالنا وشمسنا، وبفرض أنها بطريقة ما قد تحولت إلى ثقب أسود، و تم ضغطها بحيث أصبح قطرها لا يتعدى 6 كيلو مترات؛ فإن ذلك لن يغير شيئاً في علاقتها مع كوكبنا، أو أي من كواكب المجموعة الشمسية الأخرى، لأن كتلتها لن تزداد، ولأنها لن تقترب من أي من الكواكب. فإذا تحولت شمسنا إلى ثقب أسود، فإنها لن تقوم بابتلاع كوكبنا، ولكننا في ذلك اليوم، سنشاهد شروق شمسٍ هو الأكثر قتامةً و سوداوية في حياتنا.
تمكن العلماء في السنوات الأخيرة، من اكتشاف العديد من المجرات، التي تحوي ثقوبًا سوداء هائلة في مراكزها. كلمة هائلة هنا، هي أكبر بكثيرٍ مما تتصوّر! فَهذِهِ الوحوش، تَمتَلِك كُتلة تعادل نحو 100 مليون مرة، كتلة الشمس.
مازال عُلماء الفلك يُكافحون من أجل فهم الثقوب السوداء، وكيفية تشكلها، من أجل دراسة أمواج الجاذبية الّتي تخلُقها هذه الثقوب في نسيج الفضاء.
يَعتقِدُ البعض، أن قِسمًا منها تشكل خلال الثوانِ الأولى من نشأة الكون. لكن كل ما نحن متأكدون منه، هو أنها مذهلة، بالرغم من غموضها!
المصدر: هنا