الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
سرطان الطفولة وعلاقته بالتغذية السيئة في مرحلة البلوغ
يُستخدم مصطلح "سوء التغذية" للتعبير عن نقصٍ في العناصرِ والمكوناتِ الغذائية الأساسية في جسم الإنسان عن حدودها الطبيعية، الأمرُ الذي يُعد أحدَ أكبر مُسبّبات الأمراضِ المزمنة حول العالم. وبالمقابل، يُسهم الغذاء المتوازن في علاجِ العديد من الأمراضِ ومنها مرض السرطان.
توصّلت دراسةٌ وبائيّةٌ حديثةٌ إلى أنّ الناجين من مرضِ السرطان أثناء مرحلةِ الطفولة عادةً ما يتّصِفون بعدمِ التقيّدِ أو الالتزامِ بالمبادئ التوجيهيّةِ الحكومية التغذوية في سن البلوغ. ويؤدي ذلك إلى افتقارِ نظامهِم الغذائيّ للعناصرِ المغذيةِ الضروريةِ، مما يتبعُهُ تفاقُمِ عبءِ هذا المرض المزمن فضلاً عن ارتفاعِ خطرِ الإصابةِ بحالاتٍ صحيّة أخرى. وقد أجرى هذه الدراسةَ فريقٌ من الباحثين من كلٍ من كلية Friedmanلعلوم وسياسات التغذية بجامعة Tufts، ومشفى St. Judeلأبحاث الأطفال. وقد هدفَت الدراسةُ إلى مراقبةِ التشابه بين المبادئ التوجيهية التغذوية الصادرةِ في العام 2010 وما يتّبعُهُ الناجون من مرض السرطان أثناء الطفولة من أنظمةٍ غذائية، من حيثُ استهلاكِ الكمياتِ اللازمِة من العناصرِ الغذائيّةِ الرئيسية، وتأثيرِ المرضِ أو العلاج في المدخول الغذائي على المدى الطويل. ونُشرت الدراسة في التاسع عشر من أوكتوبر/تشرين الثاني بمجلة Journal of Nutrition.
وجد الباحثون في الدراسة التي شارك فيها أكثرُ من 2500 ناجٍ من مرض السرطان أثناءَ مرحلة الطفولة أن مدخولَهم الغذائيّ من الحبوب الكاملة كان منخفضاً ولم يتجاوز نصف الكمية الموصى بها يومياً، في حين لوحظَت زيادةُ استهلاكِهم من الصوديوم والسعراتِ الحراريةِ الفارغة (عديمةِ القيمة الغذائية) من مصادرَ مختلفةٍ كالدهون الصلبة والسكريات المضافة (وللمزيد حول السعرات الحرارية الفارغة يمكنكم قراءة مقالينا السابقَين هنا هنا)، حيث بلغ الاستهلاك اليومي من الصوديوم 3566 ملغ، أي أعلى بشكلٍ ملحوظٍ من الحدِّ الأقصى المسموح به، وهو 2300 ملغ في اليوم. كما ساهَمت السعراتُ القادمةُ من السكريات المضافة والدهونِ الصلبة بنسبةِ 14% و20% من المدخول الكليّ على التوالي، علماً بأن نسبتَهما معاً يجب ألّا تتجاوزَ الـ 20% حسبَ التوجيهات والإرشادات التغذوية.
وبحسبِ الدكتور Fang Zhang، البروفيسور المساعد في كلية Friedmanلعلوم وسياسات التغذية والمؤلفُ الرئيس للدراسة، فإنّ الناجين من السرطان في مرحلةِ الطفولةِ قد استهلكوا كمياتٍ أقل من التوصيات فيما يتعلق بالأليافِ والبوتاسيومِ والمغنيزيوم، والفيتامين D والكالسيوم والفيتامين E، بينما لوحظَ ارتفاعٌ مفرطٌ لكلٍ من الصوديوم والدهون المشبعة، واللّذان يعتبران من عواملِ خطرِ الإصابةِ بالأمراض المزمنة كأمراض القلب والسكري والبدانة. وأضاف الدكتور Zhang أنّ تناولَ الطعام الصحي من شأنِهِ أن يُحسن الأداءَ البدنيّ والذهنيّ للناجين، مما يؤكّد على ضرورةِ إدراجِ التغذيةِ السليمةِ ضمن خُطط الرعايةِ الخاصةِ بمرضى السرطان.
ومن أجل تقييمِ جودةِ النظامِ الغذائيّ، قامَ الباحثون بحسابِ المجموع الكليّ لمتوسطِ مؤشّرِ الأكلِ الصحيّ Healthy Eating Index – HEI 2010، وهو مقياسٌ لجودةِ النظامِ الغذائيّ عن طريقِ اختبارِ مدى الالتزامِ بالمبادئ التوجيهية التغذويّةِ للأمريكيين، بالإضافة إلى مجموعِ المكوّناتِ ومتوسطِ المدخولِ الغذائي من العناصر المغذيّةِ المختلفة. وتتراوح قيمتُهُ الإجماليّةُ بين الصفر (لغيرِ الملتزمين) و100 (للملتزمين بشكلٍ تامٍ)، وقد بلغَت قيمةُ مؤشّرِ متوسطِ الأكل الصحي في هذه الدراسة 57.9. كما توصّل الباحثونَ إلى نتيجةٍ مفادُها أن تشخيصَ المرضِ قبلَ سنّ الخامسة أو الخضوعَ لجرعاتٍ عاليةٍ من الإشعاعات للبطن قد ارتبطا بتراجعِ جودةِ النظامِ الغذائي.
وتؤكّد نتائجُ هذه الدراسةِ على أهميةِ دمجِ التدخّلات الغذائية في الترويجِ للعاداتِ الصحية لدى مرضى السرطان في مرحلة الطفولة وما بعدَها.
المصادر:
1- هنا
2-هنا
الدراسة المرجعية:
F. F. Zhang, R. P. Ojha, K. R. Krull, T. M. Gibson, L. Lu, J. Lanctot, W. Chemaitilly, L. L. Robison, M. M. Hudson. Adult Survivors of Childhood Cancer Have Poor Adherence to Dietary Guidelines. Journal of Nutrition, 2016; DOI: 10.3945/%u200Bjn.116.238261