البيولوجيا والتطوّر > التقانات الحيوية
البكتيريا كعلاجٍ جديد للسّرطان
قام العلماءُ في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو، خلالَ محاولاتِهم للوصول إلى علاج للسرطان، بِهَـندَسَةِ بكتـيـريـا لتصنيعِ أدويةٍ مُضادّةٍ للسرطان كي تدمّرَ نفسـَها وتطلِقَ حمولتَها داخلَ الأورام أثناءَ التجربة. وقد تمَّ -بالمشاركةِ مع العلاجِ الكيميائيّ- تقليصُ حجم الورمِ في فأرِ التّجربةِ المُصابِ بسرطانِ الكبد بشكلٍ أفضل من الاقتصارعلى استخدام العلاجِ الكيميائيّ لوحدِه.
قام هذا الفريق البحثيّ باستخدامِ بكتيريا الـ Salmonella كونها تتركّزُ في الأورامِ للهربِ مِنَ الجهازِ المناعيّ. وتمّت هندسةُ هذه البكتيريا لتنتجَ الهيمولايسين السامّ بالاشتراكِ مع بروتين الكيموكين لتحفيز المناعة عندَ المُصاب. كما تمَّ تفعيلُ آليّةَ الموتِ المُبرمَجِ في الخلايا البكتيرية .
قال Jeff Hasty الباحثُ الرئيسيُّ في الدراسة: "لاحظنا انخفاضًا بحجمِ الورم وارتفاعًا في نسبةِ النجاةِ حوالي 50% عند الفئرانِ المُصابةِ بالسرطان النقيليّ بجمعِ طريقَتي العلاجِ (البكتيريّ والكيميائيّ) معًا. فتخيّلْ أنّ البكتيريا جنودٌ تتخطّى صفوفَ العدوِّ (الورم)، وتدخل داخلَ الورم، وهو المكانُ الذي يصعُبُ على العلاجِ الكيميائيِّ الوصولَ إليه."
كما تمَّ التوصلّ من نتيجةٍ سابقةٍ بأنَّ Escherichia coli المُعدّلة جينيًا تستعمرُ نسيجَ الكبد السـّرطانيّ فقط دونَ الأعضاءِ السّليمة.
كيفَ تُحررُ البكتيريا الدواءَ؟
إنّ التحكمَ بعملية التدميرِ الذاتيِّ للبكتيريا يتمُّ عبرَ جُزيئاتِ إشارةٍ صغيرة AHL التي تستطيعُ الدخولَ والخروج من الخلايا، إذ يتمُّ إنتاجُها بوجودِ AHL كمحفّزٍّ لنموّ المُستعمرةِ البكتيريّة لحدٍّ مُعيَّنٍ. وحالما يتعدَّى تركيزُ الـAHL حداً معيناً يتمُّ إنتاجُ بروتين يقومُ بتفكيك الجدار الخَلويّ وتتحرّر الحمولة السّامّةُ من الخليّة.
يتمُّ تفعيلُ التدمير الذاتيّ حالما تبلغُ كثافةُ الـ Salmonella في الورمِ عدةَ آلافٍ منَ الخلايا البكتيريّة ممّا يُحرّرُ المزيدَ من الأدويةِ المُقاومةِ للسرطان، ويموتُ حوالي %90 من البكتيريا. أما الـ %10 المُتبقية فتقومُ بالتكاثرِ وتشكيل مستعمرةٍ جديدة. وتستمرُّ هذه الدورةُ في النموّ والتدمير الذاتي وتحريرِ الدواء.
تفقدُ البكتيريا قدرتَها على تحريرِ الدواء بعد 18 يومًا تقريبًا. وبما أنَّ تناوُلَها عبرَ الفمِ فيمكنُ إذَا أخذَ جرعةٍ أُخرى. يقول هَيستي " :Hastyإنّنا نقومُ الآنَ بتعديلِ بكتيريا تقـتلُ أيَّةِ بقايا بكتيريّة من جرعاتٍ سابقةٍ بالإضافة للخلايا السرطانية كي يتمَّ تنظيفُ النسيجِ تماماً وشفاؤه."
بعد صدور التجربة يعلّقُ Shibin Zhou عالمُ الأورامِ في معهدِ جونز هوبكينز في ماريلاند، الولايات المتحدة، والذي سجّل تجربةً مشابهة: "إنَّها طريقةٌ ذكيةٌ للعلاجِ والمفيد من هذه الدراسة أنَّ البكتيريا تتحلّلُ والمُستعمرةُ تتقلّص، وهي آليّـةٌ آمنة"، وذلكَ لأنها تحتجزُ البكتيريا في مساحةٍ مُحددةٍ مما يقلّصُ من خطرِ الاستثارةِ العكسيّةِ للجهازِ المناعيّ عندَ المريض، مضيفًا أنَّ "هذه التجربة تغيّر من طريقتنا في هندسة البكتيريا، كما أنها أولُ دراسةٍ تجمعُ بينَ طريقتين علاجيّتين يمكنُ تطبيقُها لعلاجِ السّرطان."
بعض المصطلحات :
AHL* المعروف ب :N-Acyl homoserine lactones جزيئاتُ إشارة يتمُّ إنتاجُها في الخليةِ البكتيريّة وإفرازُها عندما تبلغ المستعمرة البكتيرية كثافةً معينةً، إذ تتواصلُ الخلايا البكتيريّة مع بعضها عن طريقِهِ وتلعبُ دورًا في نفوذيّة جدرانِ الخلايا.
*السرطان النقيلي: هو عندما تهاجر الخلايا السرطانية وتنتشر في أنحاء الجسم.
المصادر: