الغذاء والتغذية > عادات وممارسات غذائية
للألوان دورٌ كبيرٌ في اختياراتنا الغذائية
وفقاً لدراسةٍ أُجريت في معهدِ International School for Advanced Studies (SISSA) في مدينة Trieste الإيطالية، ونُشرت نتائجُها في مجلةِ Scientific Reports، فإن البصرَ هو الحاسّةُ الرئيسيّةُ التي نعتمدُ عليها لتقودَنا في اختياراتِنا الغذائية، إذ نعتمد على رموز الألوان في تحديد مدخول السعرات الحرارية.
يمتلك البشرُ نظاماً بصريّاً متطوراً يسمح بتمييزِ الأجسامِ المختلفةِ عن بعضها، وإذا ما تخصّصنا في الغذاء، فإن البصرَ هو المسؤول عن تمييز الثمار المختلفةِ عن بعضِها البعض، وتفريقها عن أوراق الأشجار مثلاً. ويعدّ النظامُ البصري البشري ذا طبيعةٍ ثلاثيةِ الألوان، أي أن في شبكيةِ العين ثلاثةُ أنواعٍ من الخلايا المستقبلةِ للضوء (المخاريط)، مضبوطةٌ بشكلٍ تفضيليّ إلى ثلاثةِ نطاقاتٍ مختلفةٍ من الطيفِ المرئيّ. وهذا يعني أننا نستطيعُ رؤية عددٍ كبيرٍ من الألوان، ونميّز بشكلٍ خاص بين اللّونِ الأحمرِ والأخضر.
وبحسبِ التجاربِ، فإنّ الألوانَ هي التي توجّهُنا إلى الطعام الذي نريد، إلّا أن هذا الموضوعَ لم يحصل إلّا على القليل من التركيز والاهتمام. ومن هنا كان هدفُ هذه الدراسةِ، إذ يتساءل Francesco Foroni الباحثُ في SISSA والمؤلفُ الأول للدراسة، ما الذي نبحثُ عنه في الطعام؟ الجوابُ بالطبع هو التغذية، ومقدارُ السّعرات الحراريةِ، والنسبةُ العاليةُ من البروتين. ويعتبرُ اللون مؤشّراً جيداً للسعرات الحرارية في الأطعمةِ طبيعية المصدر.
بشكلٍ عام، ننظر إلى الأطعمةُ غير المعالجةِ (الطبيعيّة) المائلةِ للاحمرار على أنّها مصدرٌ جيدٌ للمغذّيات، بينما تشيرُ الأطعمةُ خضراءُ اللون إلى محتوى أقلّ من السعراتِ الحرارية، ويتكيّفُ نظامُنا البصريّ مع هذا الانتظام. وللتأكّد من ذلك، طلب الباحثون من المشاركين أن يجيبوا عن استبياناتٍ خاصّة، ووجدوا أنهم بالفعلِ يميلون إلى الاعتقادِ بأنّ الأطعمةَ التي تميلُ إلى اللونِ الأحمر كانت أغنى بالمغذّيات، بينما وجدوا أنّ العكسَ صحيحٌ في حالةٍ الأطعمةِ خضراءِ اللون. أمّا في الأطعمةِ المُعالجة أو المطبوخة، والتي يفقد فيها اللون عادةً فعاليّتهُ كمؤشرٍ للسعراتِ الحرارية، فإن سيادةَ أحد اللونين (الأحمرِ أو الأخضرِ) على الآخر لا تعطي معلوماتٍ موثوقةً عن الطبيعةِ التغذويّةِ للمادة، وهذا يشيرُ إلى أن الدماغَ يستبعدُ بشكلٍ أوتوماتيكيّ تطبيقَ هذه القاعدةِ على الأطعمةَ المعالجةَ، إلّا أنّه في الواقع عكسُ ذلك، مما قد يشيرُ إلى ارتباط هذه العملية بآليةٍ تطوّريّةٍ قديمة قبل تعرّفِ الإنسان على عمليات الطبخ.
تجدرُ الإشارةُ إلى أنّ تجاربَ الفريقِ على رموزِ الألوان لم تأتِ بصالحِ أصنافٍ أخرى غير قابلةٍ للأكل، إذ لم يُلاحظ تفضيلٌ للونِ الأحمرِ على الأخضر، وهذا يعني أن رموزَ الألوانِ المرتبطةَ بالنظامِ البصريّ تَنشَطُ فقط مع المحفّزاتِ الغذائيّة.
اعتمِد على إشاراتِك الداخليّة لتناولِ طعامٍ أكثر صحةً
تقدّمُ النتائجُ، إلى جانبِ زيادةِ معرفتِنا بالنظامِ البصريّ، احتمالاتٍ مثيرةً للاهتمام على العديدِ من الجهاتِ التي يمكنُ أن يكونَ لها تأثيرٌ على الصحة العامة، مثل تسويقِ الطّعامِ أو علاجِ اضطراباتِ الطعام. ويجري اليومَ الكثيرُ من العملِ للتشجيعِ على تناولِ الطّعامِ الصحيّ، مثلَ محاولةِ إقناعِ الناسِ بتناولِ الأطعمةِ منخفضةِ السّعراتِ الحرارية.
كم تقترحُ بعضُ الدولِ فرض حظرٍ على بعض المنتجاتِ، كالمشروباتِ الغازيّةِ والأطعمةِ الغنيةِ بالدهون. وفي بعضِ الحالاتِ يتمّ التنويهِ على العبوةِ كما هو الحالِ في علبِ السجائر، لربّما يحققُ استخدامُ لونِ الطعامِ نتائجاً كبيرةً في هذا المجال.
المصدر: هنا
الدراسة المرجعية:
Francesco Foroni, Giulio Pergola, Raffaella Ida Rumiati. Food color is in the eye of the beholder: the role of human trichromatic vision in food evaluation. Scientific Reports, 2016; 6: 37034 DOI: 10.1038/srep37034