كتاب > الكتب الأدبية والفكرية
مراجعة كتاب (طوق الحمامة، في الألفة والألاف)
يُقسم طوق الحمامة إلى ثلاثين باباً مرفقاً بأخبار وأشعار تناسبها، منها في أصول الحب العشرة، ومنها في أعراض الحب وصفاته المحمودة والمذمومة اثنا عشر باباً، ومنها في الآفات الداخلة على الحب ستة، وبابان عن قبح المعصية وفضل التعفف .
يتنقل الكتاب في بدايته بين أبواب أصول الحب العشرة التي يأتي في مقدمتها باب علامات الحب. تلك العلامات التي يهتدي إليها الذكي، ومنها إدمان النظر فالعين باب النفس الشارع و هي المُنقِبة عن سرائرها و المُعرِبة عن باطنها، ومنها الإقبال بالحديث فكأن المحب لا يرى إلا محبوبه فلا يحادث سواه، والإنصات لحديثه وتقبُل كل ما يأتي به حتى لو كان عين المُحال، ومنها الإسراع بالسير نحو المكان الذي يكون فيه وتعمُد الدنو منه وطرح الأشغال الموجبة للزوال عنه، ومنها اضطراب المُحِب عند رؤية محبوبه أو أي أحد يشبهه أو عند سماع اسمه. وهذه العلامات قبل استعار نار الحب وتأجج حريقه، أما بعد أن يأخذ الحب مأخذه فترى الانبساط الزائد على وجه من يحب والمبالغة في بعض التصرفات كشرب فضلة ما أبقى المحبوب في الإناء، فإذا تأكد لكل من المحبين حُبّ الآخر تراهما يختلفان على كل كلمة ويرضى كل منهما ببعض الكلمات مهما كان الاختلاف كبيراً، ثم يأتي باب من أحب في النوم، فمن المحبين من يهيم بمحبوب رآه في منامه دون أن يدرك من هو، وهذا الحب من ضروب الوهم والتمني.
ثمّ باب من أحب بالوصف، فقد تقع المحبة بالوصف دون المعاينة، فإن الحكايات ونعت المحاسن ووصف الأخبار تؤثر بالنفس تأثيراً واضحاً فترى المُحب يهيم بمحبوبه ويرسم تفاصيل وجهه وجسده في خياله، فإذا حدث اللقاء يتأكد حبه أو يبطل كليّاً.
ثم باب من أحب من نظرة واحدة، فقد يعشق المُحب صورة المحبوب دون أن يعرف أي شيء عنه إلا صورته، أو قد يعشق محبوباً معروف الاسم والمكان، ولكن هذا يبدو ضرباَ من ضروب الشهوة، وأسرع الأشياء نُمواً أسرعها فناءً.
ثم باب من لا يحب إلا مع المطاولة، فمن الناس من لا تتأكد محبته إلا بعد طول الحديث وكثرة المشاهدة وهذا الحب يتجاوز الشهوة ويوشك أن يدوم ويثبُت فكل من المحبين يعرف طبائع محبوبه وأسرار نفسه، وهذا الحب يُسمى عِشقاً.
ثم باب التعريض بالقول، فلا بد لكل مطلوب من مدخلٍ إليه، و أول ما يستعمل طالبوالوصل هو التعريض بالقول إما بإلقاء الشعر أو تسليط كلامٍ ثم انتظار جواب المحبوب.
ثم باب الإشارة بالعين، فإن المحبين يتواصلان بلغة العيون التي توافق وترفض وتُنهي وتأمر وتضحك وتحزن، فلكلٍ من هذه المعاني ضربٌ من هيئة اللحظ.
ثم باب المراسلة، فتكون الرسائل بين العشيقين من ألطف الأشكال وأجمل الكلمات، ووصول الرسالة إلى المحبوب ومعرفة المُحب بذلك يجدها المحب عجيبة وترى المحبوب يضع الرسالة على عينيه وقلبه ويعانقها ويُقبِلها.
ثم باب السفير، فلا بد من سفير يوصِل الرسائل بين المحبين على أن يكون حافظاً للسر غير مثير للشك موثوقاً .
أما عن أبواب أعراض الحب وصفاته فيبتدئها باب الصديق المُساعد، فإذا كان للمحب صديق فهيم ذكي يحفظ السر يُتقن النُصح يعرف الإصغاء فهو من أكثر المحبين حظاً.
ثم يأتي باب الوصل، الوصل الذي هو الحياة المتجددة والسرور الدائم، هو الفرح الذي لا كدر فيه لا سيما إن جاء بعد امتناعٍ طويل وحلول الهجر.
ثم باب طيّ السر، ومن بعض صفات الحب الكتمان باللسان وإنكار نار الكلف المتأججة في الضلوع، وقد يمكن تمويه الأمر في البداية ولكن بعد تمكُّن الحب فهذا محال.
ثم باب الكشف والإذاعة، فقد يكون الكشف عن الحب طوعاً وقد يكون قسراً لعدم القدرة على إنكاره، وللكشف عن الحب سببٌ ثالث ولكنه قبيح وهو الكشف بغرض الانتقام والتشهير بالمحبوب عندما يرى منه المحب غدراً أو مللاً.
ثم باب الطاعة، فإن المحب يطيع محبوبه ويصرف طباعه قسراً إلى طباعه فترى الوحش رقيقاً لطيفاُ إذا أحب غزالاً.
ثم باب المخالفة، وقد يشفى المحب من حب محبوبه بعد أن ينال شهوته فتراه لا يبالي برضا المحبوب ويعمد أحياناً إلى مخالفته الرأي.
ثم باب من أحب صفة لم يستحسن بعدها غيرها مما يخالفها، فبعض الناس الذين عشقوا ثم هجروا لا يهجرون حبهم لبعض صفات أحبائهم التي قد تكون صفات حميدة أو غير حميدة، لا بل ينفرون من الصفات الأخرى التي لا توافق ما أحبوا من الصفات مهما كانت مستحسنة ومحبوبة من قبل بقية الناس.
ثم باب القنوع، فلا بد للمحب إذا حرم الوصل لسببٍ من الأسباب من القنوع بما يجد، وقد يقنع برؤية المحبوب ومحادثته، أو القنوع بقطعة ثوب أو خصلة شعر من المحبوب أهداه إياها لتكون تذكاراً قبل البين، ومن القنوع الرضى بمزار الطيف وتسليم الخيال.
ثم باب الوفاء ومنه الوفاء لمن يفي، و الوفاء لمن غدر، والوفاء لمن توفاه الله.
ثم باب الغدر، وهو نقيض الوفاء في كل شيء. ثم باب الضنى، فلا بد لكلّ عاشق ممنوع الوصل بسبب بينٍ أو هجرٍ أو كتمان سر من الضنى والسقام.
ثم باب الموت، فقد لا ينسى المحب محبوبه المحروم منه ويتعاظم أمره فيكون الهجر سبباً لموته فيكون شهيداً.
أما عن أبواب آفات الحب فتبدأ بباب العاذل، ومن العذل عذل الصديق، وهو من الحظ وأفضل من الكثير من المساعدات.
ثم باب الرقيب، فالرقيب آفة من آفات الحب وقد يكون مُثقلاً بالجلوس عن غير قصد في مكان اجتمع فيه عاشقان عزما على الانفراد بالحديث، وقد يكون مُتعمداً ليبعد العاشقين عن بعضهما.
ثم باب الواشي، وقد يريد الواشي التفريق بين المتحابين فقط أو التفريق بينهم للانفراد بالمحبوب.
ثم باب الهجر، فقد يكون الهجر خشية رقيب حاضر، وقد يكون لاختبار صبر المحب وحبه، أو عقاباً على ذنب اقترفه المحب، أو هجراَ بسبب الوشاة، أو هجر الملل، أو هجر المحب لمحبوبه بسبب جفائه.
ثم باب البين، فلا بد لكل مجتمِعٍ من افتراق ولابد لكل دان من بُعد وهو أخو الموت بل إن الموت أخو الفراق، تتعدد أسبابه وهو مؤقت أو دائم.
ثم باب السلو، وقد يكون السلو عن المحبوب طبيعياً وهو ما يسمى بالنسيان أو تطبعياً يقهر المحب فيه نفسه ويظهر تجلداً رغم تأجج النيران في باطنه.
أما عن البابين اللذين يختم بهما ابن حزم كتابه فهما باب قبح المعصية، فإن في الإنسان طبيعة لا تشير إلا بالخير و طبيعة لا تشير إلا إلى الشهوات يتنازعان أبداً، فإذا غلب العقل-النفس ارتدع الإنسان و إذا غلبت النفس-العقل عُميت البصيرة. و باب فضل التعفف الذي يقول فيه ابن حزم " من أفضل ما يأتيه الإنسان في الحب هو التعفف".
معلومات الكتاب:
المؤلف : ابن حزم الأندلسي
تاريخ النشر : 1022 م
عدد الصفحات : 216 صفحة
أما عن النسخة المقروءة من الكتاب :
الناشر : مكتبة عرفة
تاريخ النشر : 1980
عدد الصفحات : 160