الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
العصر البرمي والانقراض الكبير
تعدّدت الأسباب المُحتملة للانقراض العظيم، الذي حدث ضمن عمليّة واحدة مؤلّفة من جزأين، منذ ما يقرب الـ 252 مليون سنة، لذلك يعمل الباحثون بشكل دائم لفك هذا اللغز ومعرفة الأسباب الحقيقية وراء حدوث ذلك الانقراض، ولعل البحث الذي نتناوله اليوم أحدث المحاولات الرامية إلى تحديد أسباب "الاحتضار الكبير" الحاصل في نهاية العصر البِرميّ، يوضّح هذا البحث من خلال تحليل عيّنات صخرية ودراسة ما تعكسه من وصفٍ لطريقة تغيّر كيميائيّة محيطات الأرض أن الجزء الثاني من الانقراض، وهو الجزء الذي اختفت فيه جميع الكائنات البحريّة، حدث نتيجة ثوَران بركاني هائل تسبّب بإنتاج ثاني أكسيد الكربون في الجو والمحيطات مما جعلها أكثر حامضيّة.
ما معنى الانقراض والانقراض الكبير؟
يعرف الانقراض بأنه اختفاء كامل أو موتٌ لنوع معيّن نتيجة حادثة أو تغيّر بيئي، حيوي أو طبيعي وهذا الاختفاء يعني موت آخر فرد من ذلك النوع.
شهد كوكب الأرض خمس انقراضات جماعية كان الانقراض الكبير إحداها وأشدّها تأثيراً، أدّى الانقراض الكبير؛ والذي يعرف أيضاً بالانقراض البرمي-الترياسي (أو انقراض نهاية العصر البرمي)، أدى إلى اختفاء معظم الأنواع الحيّة على سطح الأرض، ويعتبر الانقراض الوحيد من نوعه والذي أدّى لاختفاء جماعي لمعظم أنواع الحشرات.
أسباب الانقراض الكبير:
يشرح أحد علماء الجيو-كيمياء الضغط الهائل الذي تعرّضت له الأرض والحياة المائيّة الأمر الذي تسبب بحصول انفجارات بركانيّة سريعة أدّت إلى تحوّل بيئة المحيطات إلى أوساط حامضيّة، فمثلاً أدّى ثوَران براكين سيبيريا إلى إطلاق كميّات هائلة من ثاني أكسيد الكربون خلال فترة زمنيّة قليلة لم تستطع المحيطات امتصاص كل تلك الكميّات خلالها فتحولت طبيعتها إلى الحامضية بعد حوالي 10,000 سنة.
وبحسب الدراسة أيضاً، فإن تغيّر قيمة الـ pH في المرحلة الأولى من العصر البرمي-والتي استمرّت لحوالي 50,000 سنة- كان ضئيلاً جداً، على عكس المرحلة الثانية التي استمرّت لـ 10,000 سنة وكان تغيّر القيمة فيها بحدود 0.7 وسطيّاً، وهذا التغيّر-كما ورد سابقاً- ناتج عن الانفجارات البركانية السريعة التي تلاها انطلاق كميّات كبيرة من CO2 إلى الجو والمحيطات.
ولكن مع ذلك تبقى هناك بعض الأمور المجهولة، فمثلاً ما تزال مسبّبات المرحلة الأولى من الانقراض-والتي حدثت قبل ثوَران البراكين- غير محدّدة بالإضافة لأنه يجب تحليل عيّنات أخرى من الصخور المائية في مناطق متفرّقة من العالم لتحديد السبب المؤكّد للمرحلة الثانية من الانقراض.
كيف تتم هكذا دراسات؟
يــُـشارُ إلى أن الكشف عن هذا التحول الحاصل بتحليل نظائر الكالسيوم في عيّنات صخورٍ قديمة، يضاف إلى ذلك اعتماد الدراسة الحديثة بشكل رئيسي على دراسة نسب نظائر البورون في عيّنات صخور في منطقة الإمارات العربيّة المتّحدة تعود للعصر البرمي، إذ يوجد البورون في مياه البحر بشكلين رئيسيّين، النسبة بينهما تحدد حمضيّة أو قلويّة الماء، وقد تمكّن الباحثون من تحديد طبيعة المياه الذي غمرت بعض الطبقات الصخريّة في منطَقة الإمارات العربيّة من خلال قياس مستويات كل من نظيريّ البورون في تلك الطبقات.
ما نتائج الانقراض الكبير؟
يعتبر الانقراض العظيم أحد الظواهر التي أدّت -تقريباً- لاختفاء معظم أشكال الحياة عن سطح الأرض حيث تسبّب باختفاء حوالي 95% من أشكال الحياة المائية و70% من الزواحف، البرمائيّات والأنواع النباتيّة عن سطح الأرض كما يعد أيضاً الانقراض الجماعي الوحيد للحشرات تاريخياّ.
إنّ مرحلة نهاية العصر البرمي من الفترات المعقّدة جيو-كيميائياً والتي تحتاج الكثير من الدراسة والبحث في العوامل المتعلّقة بها لمعرفة أسرارها.
اقرأ أيضاُ مقالاتنا السابقة
رحلة منذ الانقراض البرمي وحتى انقسام الثدييات المشيمية
هل إننا أمام الانقراض الجماعي السادس؟؟
الانقراض والتاريخ الذي يعيد نفسه اليوم
الانقراض الكبير في أواخر العصر الرباعي، ما السبب؟
كتاب "6 درجات"، محيطات حامضة ومدن عطشى
المصادر:
الدراسة الكاملة
المقال الكامل:
مصادر أخرى: