التاريخ وعلم الآثار > الحضارة السورية
بيت غزالة، هل سيصبح المتحف المستقبلي لذاكرة حلب؟
بيت غزالة هو أحد بيوت حي الجديدة في حلب، والذي يعد من أهم البيوت العربية في حلب ومن أكبرها، لقد عانى بشكل كبير نتيجة إعادة توظيفه وعزل أقسامه عن بعضها وزوال بعضها الآخر، ولكنه رغم ذلك غنيٌ بخصائصه المعمارية والفنية. ما الذي يميز هذا البيت؟ وهل سيصبح المتحف المستقبلي لذاكرة حلب؟ لنتعرف سوية عليه...
يقع بيت غزالة /شكل 1/ في شارع إبشير باشا وسوق الصاغة ويبعد 40م عن بيت آجق باش ويعود تاريخ بنائه إلى القرن السابع عشر، حيث تذكر كتابة في إحدى الغرف الشمالية (أنشاء هذا المكان المبارك خجادور بن مراد بالي سنة 1619م)، سكنت الدار عائلة سابا عائدة ثم عائلة غزالة سنة 1834م، ويذكر اسم عائلة عائدة على إحدى الكتابات في قاعة الاستقبال مع تأريخ 1737 /شكل2/.
شكل /1/ مسقط أفقي لبيت غزالة.
شكل /2/ كتابة في قاعة الاستقبال في بيت غزالة تظهر اسم عائلة عايدة مع تأريخ1737م
تم إعادة توظيف الدار كمدرسة ألمانية في بداية القرن التاسع عشر ثم أصبحت مدرسة ابتدائية لطائفة الأرمن، ثم قامت المديرية العامة للآثار والمتاحف باستملاك الجزء الأوسط منه (قسم السلاملك) في حين بقي قسم من البيت ملك خاص وهو قسم الحرملك الذي يحوي الكشك المطل على الشارع كما فُقد قسم الخدم والاصطبلات المجاور للحمام /شكل3/.
شكل /3/ الواجهة الشمالية في بيت غزالة
يتألف البيت من عدة غرف موزعة على طابقين، وباحة الدار واسعة تطل عليها واجهة حجرية في الجزء الشمالي، وهي بديعة الزخرفة في وسطها درج للصعود للطابق العلوي الذي نجد في وسطه شرفة محددة بقوس مدبب، ونجد في وسط الواجهة من الأسفل تناوب جميل في الألوان (الأبلق) بين الأسود والأصفر.
يقع الإيوان في الجهة الجنوبية للصحن /تلاؤماً مع اتجاه الرياح/ وقوسه مدبب وفيه تناوب ألوان (أبلق) بين الأسود والأصفر أيضاً، ويرتفع عن أرضية الصحن ويستعان على الصعود إليه بدرجة، وفي صدره نجد مصطبة وفوقها قوس آخر للجلوس /شكل4/.
شكل /4/ إيوان بيت غزالة
على جانبي الإيوان غرفتان لهما باب على الصحن وآخر ينفتح داخل الإيوان كما في أغلب البيوت العربية في حلب، وزخرفت الغرفة الشرقية بالزخارف الخشبية والكتابات والحكم، وسقفها جمالوني، بينما الغرفة الغربية لا تحوي زخارف خشبية جيدة وتنفتح على باحة باتجاه الجنوب.
يحوي سقف الإيوان زخارف خشبية وكتابات، وتتميز شمسيته بوجود المدليات الخشبية الجميلة.
وقد رصفت أرضية الصحن أمام الإيوان بالبلاطات الرخامية على أشكال مربعة تحيط بها أشكال دائرية، ويتوسط الصحن سلسبيل ماء بدلاً من البركة، وهو مستطيل الشكل، في الجهة الشمالية منه مصطبة يتوسطها مصب المياه الذي يوصل المياه إلى الطبقة السفلية منه، وقد رصف السلسبيل بالرخام على أشكال بلاطات مربعة /شكل5/.
شكل /5/ السلسبيل في صحن بيت غزالة (تظهر أرضية الصحن أمام الإيوان)
تقع قاعة الاستقبال في الجهة الغربية من الصحن، ونجد داخلها وفي وسط العتبة فسقية صغيرة مثمنة الأضلاع /شكل6/ تتمركز أسفل القبة التي تسقف القاعة، وتستند القبة على رقبة من /16/ ضلع فتح في كل منه نافذة للتهوية والإنارة، ثم يتم الانتقال بسراويل إلى الشكل المربع، وتُحمل القبة على /4/ أقواس مدببة /شكل7/.
شكل /6/ الفسقية في قاعة استقبال بيت غزالة
شكل /7/ مشهد داخلي لقبة قاعة الاستقبال في بيت غزالة
تتألف القاعة من ثلاثة أذرع تحيط بالقبة، وقد سقفت بسقف خشبي مستوي مزخرف يحوي أشرطة كتابية، ونجد في القاعة طابقاً وسطانياً في الزوايا التي تفصل بين الأذرع يصعد إليه بدرج خشبي /شكل8/، زينت القاعة بالأخشاب المتعددة الألوان /شكل9/.
شكل /8/ طراز قاعة الاستقبال في بيت غزالة مع الطابق الوسطاني
شكل /9/ من خشبيات قاعة استقبال بيت غزالة
ينفتح الذراع الجنوبي من الطراز على الغرفة الجنوبية الغربية جانب الإيوان، وقد رصفت أرضية العتبة والطراز بالرخام.
زينت واجهة نوافذ وباب القاعة المطلة على الصحن بالأبلق المتناوب بين الأصفر والأسود يتوج بشريط من المزررات، ونجد في الواجهة صفين من النوافذ علوية وسفلية لغاية التهوية وتجديد الهواء، كما هو الحال في بيت آجق باش /شكل10/.
شكل /10/ واجهة قاعة الاستقبال على الصحن في بيت غزالة
يتميز بيت غزالة بوجود الحمام في الزاوية الشمالية الغربية من الدار، وهو حمام جميل متقن مسقوف بقبة فيها قمريات تستند إلى أربعة أقواس مدببة محمولة على /8/ أعمدة دائرية تيجانها مقرنصة /شكل11/، وقامت في الزوايا خلوات الاستحمام الصغيرة في حين تقوم في الأضلاع الأربعة أماكن الاستحمام المفتوحة، ونجد الأجران في أطراف الخلوات /شكل12/، وسقف الممر المؤدي إلى الحمام بقبو تنفتح فيه القمريات /شكل13/.
شكل /11/ مشهد داخلي لقبة حمام بيت غزالة
شكل /12/ خلوات الاستحمام في حمام بيت غزالة
شكل /13/ سقف الممر المؤدي لحمام بيت غزالة
وللبيت قبو في الجهة الشمالية يمتد تحت الصحن ويؤدي إلى مغارة.
زينت الغرفة الشرقية بالزخارف الخشبية والكتابات وتقول إحدى الكتابات فيها: (إذا أتتكم أطراف النعم فلا تنفروا أقصاها بقلة الشكر).
ومن الجدير بالذكر أن تحويل البيت إلى مدرسة لفترة من الزمن قد أرهق عناصره الزخرفية والجمالية وأفقدها رونقها؛ ولذلك أنجزت دراسة لتحويل بيت غزالة بعد ترميمه إلى متحف لذاكرة حلب وهي وظيفة تلائم قيمته الأثرية والجمالية لما فيه من زخارف ونقوش بالإضافة لمساحته الكبيرة، وتركز الدراسة على جانبين: التركيز على جمالية البيت ومحاولة إظهارها بشكل لائق، وجعله مركزاً حيوياً فنياً وقد تم تنفيذ هذه الدراسة، لكن بيت غزالة للأسف تعرض خلال السنوات الأربعة الماضية إلى أضرار كبيرة كما تفيد التقارير والصور الواردة مؤخراً.
- تتقدم مبادرة الباحثون السوريون بالشكر للاستاذ أحمد خربوطلي لإسهامه الفريد في مشاركته في إنجاز هذا البحث.
- الصور الميدانية بعدسة الباحثين وتعود لتاريخ اجراء البحث ربيع 2006.
المراجع:
1- الكسندر و باتريك راسل –تاريخ حلب الطبيعي في القرن الثامن عشر – المجلد الأول.
2- شوقي شعث - حلب تاريخها و معالمها التاريخية –جامعة حلب-1991.
3- عبد الله حجار– معالم حلب الأثرية – طبعة ثانية فريدة ومنقحة - مطابع مؤسسة جورج و متيلد سالم الخيرية – 1997.
4- عفيف بهنسي – الشام الحضارة – وزارة الثقافة- دمشق 1986.
5- محمد أسعد طلس– الآثار الإسلامية و التاريخية في حلب – مديرية الآثار العامة في سورية -1956م.
6- نتاليا جودت – المباني السكنية الأثرية و إعادة توظيفها في مدينة حلب – بحث أعد نيل شهادة الدبلوم - جامعة حلب – كلية الهندسة المعمارية 1999/2000.
7- نجوى عثمان – العمارة الإسلامية في آسية الصغرى محاضرة في جامعة حلب قسم الآثار2005/2006.
8- يوليا غونيلا – حلب في القرن السابع عشر (البيت الحلبي ) –ترجمة محمد وحيد خياطة، شام للخدمات الطباعية – حلب
المراجع الأجنبية:
1- Ross Borns-MONUMENT Of SYRIA an historical guide-London- 1994.
2- ALEP-J.SAUVAGET- ALBUM – PARIS – 1941.
الدوريات:
1- عادل عبد السلام– الموقع الجغرافي لحلب و بيئتها الطبيعية – الحوليات الأثرية العربية السورية – المجلد الثالث والأربعون.
2- مشاري عبد الله النعيم - التوافق الوظيفي و الجمالي في البيئة العمرانية– مجلة القافلة العدد الأول - المجلد السادس و الأربعون-الدمام – أيار حزيران 1997.
وارن جونسون - المحافظة على التبريد و التدفئة في العمارة الإسلامية – مجلة القافلة – العدد الثامن – المجلد الخامس و الأربعون الدمام – كانون الأول 1996- كانون الثاني 1997.