العمارة والتشييد > التشييد
الجسور المعلقة
عندما يُبسط الإنشاء لأغراض إنسانية، وتتدخل الرياح تَدخُّل لاعب رئيسي في الحسابات.
إن نموذج التعليق بالحبال على أنَّها عناصر رئيسية لنقل الحمولة مُستخدَم منذ القدم؛ إذ ربطت حضارة الإنكا شبكتها الطرقية البالغ طولها 39000 كم بواسطة الجسور المعلقة بالحبال، أما أول منشأ محمول على أسلاك الحديد المسحوب بُنِي عام 1823 في جنيف.
ويستخدم نوعان رئيسيان من الجسور المعلقة حاليًّا هما:
(cable-stayed bridges) التي يصل مجازها (المسافة بين المساند) إلى 1100 م، و(suspension bridges) التي تتراوح مجازاتها بين 1000 و 2000 م.
وتشكل الكابلات الفولاذية في هذه الجسور العنصرَ الإنشائي الرئيسي الحامل الذي ينقل الحمولات المطبقة على بلاطة الجسر إلى الدعامات على ضفتَي الجسر، وتستعمل الكابلات لأنها ذات قدرة على التغلب على المجازات الكبيرة.
ونميز في جسور (suspension bridges) نوعان:
1. (suspension bridge) تكون أبراج الدعامات فيها طويلة: مما يعطي تدلٍّ أكبر وانتقال أكثر فعالية للحمولات الشاقولية، فتكون بلاطة الجسر صلدة وأفقية ويمكن في بعض الحالات أن يجعلها المصمم منحنية.
2. (suspended bridge) تكون أبراج الدعامات أقصر وبلاطة الجسر منحنية.
وتعاني الجسور المعلقة بسبب صغر قيم الحمولات الميتة المطبقة على الجسر (الوزن الذاتي لعناصر الجسر) وصغر قيمة القساوة الجانبية للجسر (مقاومته للانتقال تحت تأثير الحمولات في الاتجاه المتعامد مع محوره) من ظاهرة التأرجح التي تكون فيها أكبر منه في الأنواع الأخرى، ويمكن أن تؤدي إلى خروج الجسر مؤقتًا عن الخدمة أو انهياره.
لذلك فإن حمولة الرياح تعد من الأحمال الرئيسية الواجب دراستها عند تصميم هذه الجسور، وتؤثر الرياح في الجسور بأربع أشكال:
1. (Buffeting): يسبب اضطراب سرعة الرياح حمولة غير متجانسة مع الزمن على المنشأ وتكون هذه الحمولة أفقية "جانبية" أو شاقولية أو فتل، وتعتمد شدتها على شكل بلاطة الجسر، ويمكن أن يحدث طنين عند اقتراب تردد اضطراب الرياح إلى التردد الطبيعي للجسر، ولا يؤدي عادة هذا النوع من الحمولات إلى أضرار إنشائية في الجسر لكنه يعرقل استثمار الجسر ويسبب إجهادات تعب في العناصر المحلية للجسر.
2. (Flutter): إنّ أي جملة فيزيائية مهتزة تتخامد حتى تصل إلى السكون، لكن في حالة الجسر المهتز بتأُثير الرايح وعندما تتجاوز طاقة تيار الرياح المنقولة إلى الجسر مقدار تخامد الجسر (أي حدوث التخامد السلبي، ويحصل في النظم ذات درجة حرية واحدة مثل حالة الفتل الصافي في الجسور المعلقة)، أو عندما تسبب الرياح أنماط اهتزاز مركبة (شاقولي مع فتل)، عندها تحدث ظاهرة "flutter" التي تسبب عدم استقرار للجسر وتعد أشد المشاكل التي تسببها الرياح للجسور النحيلة وتؤدي لانهيارات كارثية (مثل انهيار جسر توكامو ناروز الشهير).
3. (Vortex shedding عندما تؤثر الرياح في الأجسام ذات العطالة كالجسور تتشكل الدوامات على جوانبها ويكون تشكلها دوريًّا يؤدي إلى تشكل ضغط هوائي ديناميكي متبدل ويسبب قوًى عرضية على اتجاه جريان الرياح، ويحدث الطنين عندما يتماثل تردد تبدل الضغط مع تردد أحد أنماط فتل الجسر، ولا تسبب الاهتزازات الناتجة عن هذه القوى عادة مشاكل إنشائية للجسر لكنها تسبب إحساسًا بعدم الراحة لمستخدمي الجسر.
4. (Galloping): وعلى نحو مشابه لظاهرة "flutter" تحدث ظاهرة "galloping" لكن يحرضها اهتزاز الجسر عموديًّا على تيار الرياح وتكون الحركة الناتجة وفق درجة الحرية العرضية للجسر. وتحدث هذه الظاهرة في المنشأت الخفيفة ذات المقاطع غير الدائرية (ففي حالتنا عندما يتراكم الجليد على مقاطع الكابلات فتصبح غير دائرية) وتعتمد على سرعة الرياح المؤثرة على المنشأ.
تعد الجسور من نوع suspended bridges)) فعالة إنشائيًّا ومُجدية اقتصاديًّا، نظرًا لأنها مناسبة للامتدادات الطويلة وذات تكاليف منخفضة، بسبب سهولة إنشائها وعدم الحاجة لاستخدام تقنيات تشييد متطورة فيه وطبيعة عناصرها وموادها الفعالة.
وهذا من أهم الأسباب الذي جعلها تُستخدَم استخدامًا واسعًا في مشاريع المساعدات للمجتمعات الريفية حول العالم إذ تربط التجمعات الريفية المعزولة أو أجزاء شبكات المواصلات في الأماكن التي لا تتوافر فيها البنية التحتية وتكون ذات طبوغرافيا صعبة، وتؤدي هذه المهمة العديد من المنظمات اللاربحية بالتعاون مع السكان المحليين، كمنظمتي (Helvetas) و(Bridges to Prosperity).
وقد أعدَّ كل من Viktor Hermansson وJonas Holma أطروحة ماستر تضمنت تحليل الجسور المعلقة من نوع (suspended bridges) ذات المجازات الصغيرة التي لا تتجاوز 200 م بهدف تسليط الضوء على تصميمها وسلوكها تحت حمولات الرياح "سلوكها الديناميكي" وفروق معايير تصمميها بين دليل منظمة "Helvetas" ومنظمة (Bridges to Prosperity) المأخوذ من الأخيرة مع بعض التعديلات، و الكود الأوروبي"Eurocode" إذ تنعكس معايير التصميم على فعالية المواد المستخدمة في هذه الجسور وكلفة بنائها.
وقد توصلا عن طريق الأطروحة إلى استنتاجات منها:
•يعد تقييم اهتزاز كبل مفرد له نفس التدلي ونفس المجاز تحت تأثير وزنه الذاتي تقريبًا جيدًا عند تحليل التردد الطبيعي لاهتزاز الجسر المعلق.
•إن أفضل طريقة لتعديل التردد الطبيعي لاهتزاز الجسر هي تعديل مسافة تدلي الكبل المنحني.
•يجب الاعتماد على معيار انزياح الجسر تحت تأثير الرياح عوضًا عن تسارعه عند دراسة استقراره تحت تأثير الرياح.
•يفضل إجراء تحليل ديناميكي كامل للجسر عند دراسة استجابته لحمولة الرياح نظرًا للسلوك اللاخطي للكابلات الشاقولية الحاملة لبلاطة الجسر.
• إن تصميم الجسور المعلقة تبعًا للكود الأوروبي يؤدي إلى مقاطع كابلات أصغر منها في حال التصميم تبعًا لدليل (Helvetas) و(Bridges to Prosperity).
المصدر:
Analysis of suspended bridges for isolated communities،Viktor Hermansson & Jonas Holma،2015.