الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية
حساسية البيض
يمثل بيضُ الدجاج واحداً من أهم مسبِّبات الحساسية الغذائية حول العالم، وهو ما كان السببَ في إدراجه ضمن قائمة الأطعمة الثمانية الأكثرِ تسبباً في الحساسية. من جهةٍ أخرى، يُعتبر البيض مكوناً غذائياً رئيسياً، يُقدَّم خلال السنة الأولى من العمر إلى النظام الغذائي للطفل، وعلى الرغم من انتشار حساسية البيض لدى الأطفال، إلا أنها مشكلة يتم تخطيها خلال السنوات الستِّ الأولى من العمر علماً أنها قد تستمر إلى عمر السادسة عشرة أحياناً.
تظهرُ أعراض حساسية البيض إما على شكل ردود فعل جلدية تَظهر بعد عدّة دقائقَ من تناول البيض، أو على شكل اضطراباتٍ هضميةٍ أو تنفسيّةٍ يمكن أن تختلفَ في وقتِ بدايتها، وشدتها، وفترة دوامها. وقد تصلُ أحياناً إلى التسبب بصدمةٍ تأقيّة Anaphylaxis؛ وهي حالةٌ مرضيةٌ تهدد حياة الإنسان، إذ تُعيقُ التنفسَ وتجعل الجسم في حالة صدمةٍ بعد هضم بروتينات البيض.
وترجعُ قدرةُ البيض على التسبّب بردّات الفعل التحسسية هذه إلى البروتينات الموجودة في البياضِ بشكلٍ رئيسي، ومنها الأوڤالبومين Ovalbumin، والأوڤوميوكويد Ovomucoid، والأوڤوترانسفيرّين Ovotransferrin، والليزوزايم Lysozyme، في حين تكون الحساسيةُ الناتجة عن صفار البيض ممكنةً ولكنها نادرةُ الحدوث. وتُعتبر قدرةُ بروتينات البيض على مقاومة التسخين أهمَّ الخصائص التي تسمح بظهور الحساسية تجاه البيض المطهيّ (سواءَ كان ذلك بالسلق أو القلي) إلى جانب البيض النيء. ونظراً لتشابه بروتينات بيض الدجاج مع بروتينات بيوضِ أنواعٍ أخرى من الطيور– كالإوز والبط والديك الرومي والسُّمّان – فإنَّ معظمَ الأفرادِ الذين يتحسّسون من تناولِ بيضِ الدجاج يُظهرون ردود أفعالٍ مُشابهةً عند تناوُلِ أنواعٍ أُخرى من البيض، بينما لا يُسبّب استهلاك لحوم الدواجن أي مشكلةٍ لديهم.
يُذكر أنَّ تشخيصَ الحساسية تُجاه البيض ومنتجاتِه يتمّ عادةً باستخدامِ طريقة الوخز بمحلولٍ يحتوي على بروتينات البيض، ويساهمُ هذا التحليل في تحديد الحساسية سواءَ كانت تجاه بروتينات البياض أو الصفار. كما يتمّ إرسالُ عينةٍ دمويةٍ إلى المختبرات لتحرّي وجود الغلوبيولين المناعي E الذي يعملُ كجسمٍ مضادٍّ لبروتينات البيض. وفي حال لم تكنْ تلك الاختبارات حاسمةً، يجري عندها اختبارٌ فمويّ تحت إشرافِ طبيب مختصّ تحسُّباً لأي صدمة تحسسية ممكنة.
أخيراً، يمكن كشف الحساسية بطريقة شائعةٍ تعتمد على استبعاد المادة المشكوك بها من النظام الغذائي لفترة زمنية، يُراقب خلالها غياب الأعراض أو استمرارها، فإن غابت كلياً باستبعاد المنتج وعادت بإضافته ثانيةً، تكون الحساسية تجاهه هي الأرجح.
الإدارة والعلاج
يتوجب على الأفراد الذين يعانون من حساسيةِ البيض تجنبُ تناول البيض بشكل كامل (صفارُهُ وبياضُه) فضلاً عن تجنّب الأطعمة المعروفة باحتوائها عليه. ونظراً للانتشار الواسع للبيض في الأغذية المُصنّعةِ، فإنه ينبغي عليهم الابتعاد عن العديد من الأطعمة المخبوزة، والمايونيز، وبعض أنواع الباستا، وصلصات السلطات، إلى جانب بعضِ مستحضرات التجميل والمنتجات الطبية (مثل منتجاتِ العناية بالشعر، ومواد التخدير، وبعض لقاحات الزكام والحمّى الصفراء). بل إنّ بعضَ بدائلِ البيض تحتوي على بروتيناته أيضاً! إلّا أنَّ أسلوبَ استبعاد البيض يُعدّ الطريقَ الأسلمَ والأكثر نجاحاً في تجنّب حساسية البيض.
وبشكلٍ عام، يتوجب على جميعِ من يعانون من الحساسية تجاه البيض توخّي الحذر، وقراءةُ الملصقات الغذائية بصورةٍ دائمة، ويُفضّل أن يتمَّ الاستفسار عن مكوناتِ الأطعمة التي يقوم الآخرون بتحضيرها أيضاً.
ويمكن أن يتمَّ تصنيفُ الأطعمة المحتوية على البيض إلى ثلاثِ مجموعات عامة:
1- المنتجات المحتوية على البيض المخبوز أو المطهو بشكل كامل: مثل الكيك العادي، والباستا المجففة، وبعض أنواع النودلز، والفطائر وبسكويت الوافِل، وبعضِ أنواع كريمة الخفق المخصصة لتزيين الحلويات.
2- المنتجات المحتوية على البيض المطبوخ بشكل خفيف: مثل الفطائر الفرنسية المالحة (كيش Quiche)، والتورتيلا الإسبانية، والبيض نصف المسلوق، ومطحون الكعك المستخدم لتغليف الدجاج والسمك.
3- المنتجات المحتوية على البيض النيء: مثل حلوى الموس Mousse الطازجة، وبعض أنواع الآيس كريم وخاصة تلك المحتوية على القشدة المخفوقة، إضافةً إلى بعض أنواع الأجبان التي يمكن أن تحتوي على إنزيم الليزوزايم أو غيرِه من بروتينات البيض المسببة للحساسية.
بدائل البيض:
بما أن استبعادَ البيض ومنتجاتِه عمليةٌ مهمة لتجنّب أعراض الحساسية، فإنّه لا بدّ من البحث عن بدائلَ للبيض، والتي يمكن أنْ تتوفر عن طريق وصفةٍ طبية، كما يمكن شراءُ بدائلِ البيض الكامل أو بياضِه من الصيدليات أو متاجرِ الأغذية الصحية.
وعن الناحية التغذوية لبدائل البيض، فإنّها تفتقر للفوائد الصحية أو الغذائية، إلّا أنها مفيدة في عملية الطبخ، ولكنّها ليست ضروريةً جداً، إذ يمكن الاستعاضةُ عن البيض بالكثير من الخَيارات المتوفرة في المنزل دون الحاجة لشراء هذه البدائل، وفيما يلي بعضٌ من هذه الخيارات:
1- يمكن إعداد الكيك المنزلي دون استخدام البيض، إذ يقوم مسحوق الخبيز Baking powder بالمساعدة على ارتفاع المزيج. كما يمكن استخدام التفاح المهروس كعاملٍ ربطٍ لتجميع المكونات مع بعضها.
2- استخدام الجيلاتين غير المُنَكّه والمُذَاب في ملعقتين من الماء الدافئ.
3- استخدام ملعقةِ طعامٍ من الخميرة المذابة في كوبٍ من الماء الدافئ.
وعلى أية حال، يمكن لأخصائي التغذية أن يساعدَ في التخطيط لوجباتٍ خاليةٍ من البيض مع التأكد من حصول الجسم على احتياجِه من البروتين في ظلّ غياب بروتينات البيض التي تُعتبر ذات قيمةٍ حيوية مرتفعة. ولا بدَّ دائماً من إخطار الطبيب المعالج أو المختص بأي حالة مرضية عن المعاناة من حساسية البيض.
المصادر: