علم النفس > القاعدة المعرفية
الهو والأنا والأنا الأعلى
معقوووول تكون كلّ حياتنا مجرّد مسرحية و نحنا الممثلين و مالنا عرفانين !!!؟؟
كان باستطاعة سيغموند فرويد أن يصبح كاتب سيناريو هوليوودي رائع! فـ "قصته" عن الشخصية خليط من الرغبة، القوة، السيطرة، و الحرية. حبكة القصة معقّدة و شخصياتها تتنافس فيما بينها.
تمثّل شخصياتنا نوعاً من الدراما التي تجري في عقولنا، فـ أنت ناتج عن صراع القوى العقلية و التفاعلات بينها. كان اعتقاد الاغريقيين القدامى أن الناس ما هم إلا ممثلين في الدراما الإلهية العليا. أما بالنسبة لفرويد، فنحن ببساطة ممثلين و لكن في الدراما العقلية الخاصة بنا، المدفوعة بالرغبة، و المجذوبة بالوعي. تحت المظهر الخارجي، تمثل شخصياتنا صراع القوى الحاصل في أعماقنا.
الممثلون الأساسيون الذين سيقومون بتمثيل هذه الدراما هم:
ال "هو" (ID): و هو مركز الدوافع و الرغبات.
ال "أنا" (EGO): يتفاوض مع الهو، و يرضي الأنا العليا.
ال "أنا العليا" (SUPEREGO): يبقينا على الصراط المستقيم الأخلاقي.
كل واحد من هذه الشخصيات يلعب دوره الخاص الذي سيؤثر على نهاية القصة، و صراع هذه القوى تحرّكه دوافع قوية كل منها يسعى للظهور.
أنا أريد إذاً أنا أكون
-------------------------
المكون الداخلي الأول و الشخصية الأولى في دراما فرويد هي ال "هو" “id”. هل لديك حاجة، دافع، أو رغبة قوية جداً تشعر بأنه يجب عليك إرضائها رغماً عنك؟ سيارة جديدة، رغبة جنسية، وظيفة الأحلام؟ الجواب على الأغلب هو نعم. و لكن من أين تأتي مثل هذه الرغبات؟ وفقاً لفرويد فإن هذه الرغبات تأتي من قسم شخصيتك المسمى بال"هو"، و الذي يتوضع في أدمغتنا. انظر حولك، في أعماقك، انظر إلى زملائك في العمل، إلى مديرك، إنها موجودة عند الجميع، حتى تلك السيدة العجوز في محطة الباص، يختبئ تحت مظهرها الهادئ و اللطيف رغبة متقدة تحتاج لإشباع.
تحتوي ال"هو" على معظم دوافعنا الأساسية الحيوانية و الأولية التي تتطلب الإشباع. هي الرغبة الدفينة التي تظهر من الشخص المكبوت. هي ذلك الشيطان الصغير الذي يقف على كتفك و يوسوس لك و يغريك. كلما رأيت في المتجر طفلاً أنانيّاً مدللاً يطلب من والديه لعبة و يغضب بشدة إذا لم يحصل عليها، اعلم أن هذا من فعل ال"هو".
ال"هو" يشبه ذلك الوعاء الذي يحتوي جميع رغباتنا، و الذي تقوده بتهوّر قوة يسميها فرويد بالـ libido ، هذه القوة الجماعية التي تحركها إرادة الحياة و غريزة البقاء، و يجب أن يتمّ إشباع ال"هو". كلنا نولد مع طاقة كبيرة تملكها ال"هو"، طاقة كبيرة غير منظمة و غير مضبوطة بقيود العالم الخارجي. فعندما يجوع الطفل هل يجلس بهدوء منتظراً أن يتذكر أحد إطعامه؟ أي شخص استيقظ من نومه في منتصف الليل لإطعام طفل صغير يعلم الإجابة!
و لكن لا تعطوا ال"هو" سمعة سيئة، فأين سنكون لولا الرغبة؟ هذه الرغبات هي التي تدفعنا لمواجهة الحياة، و تقودنا للبحث عن الأشياء التي نحتاجها للبقاء. بدونها سنموت، أو بأفضل الأحوال سنكون مملين جداً! لذا تذكروا دائماً أن جزءاً كبيراً من شخصيتنا يتكون من رغباتنا و محاولاتنا لإشباعها.
داخل ال"أنا" EGO
----------------------------
أليس رائعاً لو تمكنّا من الحصول على كل ما نريد، حينما نريد، و كيفما نريد؟
لسوء الحظ، الغالبية منّا تعلم العكس. كلنا نعلم كم هو محبط أن تبقى إحدى رغباتنا مكبوتة و غير ملبّاة. يمكننا لوم ال"أنا" على هذا، فال"أنا" هو الشخصية العقلية الثانية في قصتنا، وظيفتها الرئيسية هي التوفيق بين مطالب ال"هو" و العالم الخارجي المحيط بنا –أو الواقع. بالتأكيد خطرت ببالكم أغنية you can’t always get what you want .
حتى الآن، يبدو أنه لولا الوقع لكانت رغباتنا أكثر إشباعاً بكثير. على الرغم من أن ال"أنا" يجد نفسه في صراع مع ال"هو"، و لكن إشباع الرغبات ليس مرفوضاً. ال"أنا" تشبه الوكيل الرياضي للاعب موهوب، قد يطلب اللاعب توقيع عقد بملايين الدولارات، و لكن الوكيل ينبهه إلى أن هذا سيضرّ بسمعته و عمله. إذاً فال"أنا" يتفاوض مع ال"هو" ليلبّي له رغباته مراعياً ألا يخسر على المدى الطويل. تنجز ال"أنا" هذه المهمة عبر تغيير و تحويل قوى ال"هو" ليتم إشباعها بطرق مفيدة و واقعية. ال"أنا" يحاول تسخير قوى الهو و تنظيمها ليحقق الرضا و الإشباع ضمن حدود الواقع.
الحُكم النهائي
-------------------------
رغم أن عمل ال"أنا" كَحَكَم بين ال"هو" و الواقع صعب بما فيه الكفاية، فإنه يخضع لمراقبة مستمرة و صعبة من "الأنا العليا". فبينما ال"أنا" تتفاوض مع ال"هو" محاولةً ألّا تثير غضبها، تقوم "الأنا العليا" بالحكم على الأداء. "الأنا العليا" هي الاسم الآخر للضمير، و التي تتوقع من ال"أنا" ان يكون قوياً في صراعه ضد قوى ال"هو".
في العادة، يأتي ضميرنا من أبوينا أو من تربيتنا المنزلية، فبينما نكبرنقوم بزرع قيمهم داخلنا، تلك القيم هي التي تجعلنا نشعر بالذنب عندما نكذب أو نغش.
و لكن هل يملك الجميع ضميراً؟
لقد مر في التاريخ بعض الأشخاص الذين ارتكبوا جرائم عنف فظيعة لدرجة جعلتنا نتوقع أنّهم بلا ضمير! كيف يستطيع القتلة المتسلسلين كـ تيد باندي أو واين ويليامز أن يرتكبوا هكذا جرائم شنيعة؟ هؤلاء الأشخاص ينقصهم القدرة الأساسية على الإحساس بالذنب، لذلك فلا يوجد لديهم شيء يمنعهم من ارتكاب تلك الفظائع.
و في النهاية، لا يمكننا إلا تذكُّر قول أحد الأطباء النفسيين المشهورين بأن الرجال الأشرار يفعلون ما يحلم الرجال الطيبون بفعله فقط.
و هلأ شو رأيكن بهالمسرحية يلي عم تصير جواتنا ؟
المصدر: هنا