الرياضيات > الرياضيات
خفايا الرّياضيّة صوفي جِرمان
للرّياضيّات عشّاقها المخلصون غير المستسلمون للقيودِ العائليّةِ والاجتماعيّةِ وقد ينتحلون أسماءَ مستعارةٍ لوضع اللّبنة الأولى في مفاهيمها و قوانينها ليس ما يهمّه أن يتفوّق اسمهم لائحة الأسماء بقدر ماتعلو كلمة القانون الرّياضيّ لتتطوّر البشريّة وتنتهي قوانين العادات والتّقاليد البالية الّتي وضعها المتحيّزون. هذا ما أرادتْ أن تُعلِمنا به وما أردتُ نقله في هذا المقال عن حياة مؤسسة قوانين السّطوح المرِنة صوفي جِرمان.
خفايا الرّياضيّة صوفي جِرمان
من هي الرّياضيّة الفرنسيّة الّتي كانت تعمل مع الرّياضيّ الشّهير كارل فريدريك غوص بالاسم المستعار م. لُ بلون ؟
عاشت صوفي جِرمان في فترةٍ كان من المفترض أن تبقى فيها المرأةُ في المنزل والدّراسة العليا للرّجال فقط. كان عليها أن تتصدّى لمعارضةِ عائلتها والمجتمع لكي تصل إلى النّجاح والشّهرة في الرّياضيّات. ومن أحد إنجازاتها الهامّة نظريّتها التّالية الّتي كانت الخطوة الأهم في برهان نظريّة فِيرما الأخيرة :
نظريّة صوفي جِرمان. إذا كان n عدداً أوّليّاً فرديّاً ووُجِدَ عددٌ أوّليٌّ مساعدٌ p يحقّق الخواص التّالية:
1-
2- المُطابقة
عندئذٍ تكون الحالة الأولى من نظريّة فِيرما الأخيرة صحيحة من أجل n .
كانت جِرمان في تنسيقٍ مُستمرٍ مع الرّياضيّ البارز كارل فريدريك غوص (1777-1855) لعدّةِ سنواتٍ ولكنّها أخفَت هويّتها تحت اسمٍ مستعارٍ. و يعودُ السّببُ للعصر الّذي عاشت فيه.
وُلِدَت صوفي جِرمان في باريس في الأوّل من نيسان عام 1776 وكَبُرَت في فتراتٍ صعبةٍ. كانت في سنِّ المُراهقةِ حين ضربت الثّورة الفرنسيّة فرنسا بعنفٍ وكان والدَيها معارضَين جداً أن تدرس الريّاضيّات.
وبعد أن مرّ ضجيجُ الثّورة. تقدّمَت جِرمان بأوراقها باحثةً عن قبول في المدرسة متعدّدة التّقنيَّات (École Polytechnique) والّتي كانت حديثةَ التّأسيس آنذاك. وعلى الرّغم من أنّ الثّورة الفرنسيّة لم تُحدِث تغييراً في وضع المرأة من النّاحيةِ التّعليميّة فقد تمّ رفضها في تلك المدرسة إلّا أنّها استمرَّت بدراسةِ الرّياضيّات حيث جمّعت كلَّ المحاضرات من عدَّةِ طلبةٍ وكانت تُرسِلُ بوظائفها إلى الرّياضيّ الفرنسي القدير جوزيف لويس لاغرانج (1736-1813) باسمٍ مستعار.
وبَعدَ أن نَشرَت عدّةَ مقالاتٍ زادَت شهرتها. وفي العام 1810 أَمَرَ نابليون بونابارت بتقديمِ جائزةٍ لأفضَلِ مقالٍ يربِط مابين القوانين الرّياضيّة للسّطوح المرنة والبيانات العمليّة. وبعد عدّةِ مقالاتٍ مقدّمةٍ قدّمت جرمان مقالها الّذي ربح الجائزة الكُبرى من الأكاديميّة الفرنسيّة في عام 1816، حيث تناول مقالها اهتزاز السّطوح المرنة، الموضوع الّذي كان ذا فائدة في بناء الأبراج الحديثةِ وناطحاتِ السّحاب ذات البنية .(skyscrapers with a steel superstructure)الفوقيّة الصلبة
ثمّ ومن بعد هذا النّجاح استُقبِلَت جِرمان في الدّوائر العليا بين طبقاتِ المفكِّرين في فرنسا و تَبوّأت مكانتَها كخَلَف إميلي دو شاتلِة (1701-1749) كالرّياضيّة المرأة الأكثر شُهرةً في أوروبا.
أمّا بالنّسبة لتنسيقها مع غوص كطالبةٍ جامعيّةٍ، فقد تفوّقت جِرمان بدراستها وأرسَلَت في عام1804 نسخةً إليه مُعلِّقةً على أحدِ مقالاته الّتي نشرَها وكونها طالبةً مجهولةً وامرأةً بآنٍ واحدٍ فقد كانت توقِّع باسمٍ مستعارٍ م. لُ بلون (M. Le Blanc)، طالبٌ حاليٌّ في المدرسة متعدّدةِ التّقنيَّات. وتابعت جِرمان تنسيقها مع غوص باسمها المستعار لغاية عام 1807 عندما استولت القوّات الفرنسيّة على هانوﭬر حيث كان يعيش غوص. خوفاً على أمن غوصٍ قامت جِرمان بالتّواصل مع جِنرالِ القوّاتِ الفرنسيّةِ الّذي تجمعه بها صلةُ قرابةٍ وطلبَتْ مِنهُ أن يوفّر الأمان لغوص. بحث الجنرال عن مكان غوص لحمايته وفي أثناء ذلك كشفَ له الجنرال أنّ الطّالب اللّامع الّذي كان يرسل إليه الرّسائل من فرنسا بالاسم المستعار م. لُ بلون (M. Le Blanc) هو صوفي جِرمان.
وعلى الرّغم من أنَّ جِرمان وغوص لم يلتقيا إلّا أنّ غوص كتبَ عنها قائلاً:
<< عندما تتجاوز امرأةٌ كونها أنثى عاداتنا وتحيّزاتنا هذه الصّعوبات إنّها ومن دون شكٍّ تتمتّع بالشّجاعةِ الأنبل وموهبةٍ خارقةٍ و عبقريّةٍ لا مثيلَ لها >>.