الكيمياء والصيدلة > علاجات صيدلانية جديدة
علاجٌ واعدٌ للأمراض الالتهابية ذات المنشأ المناعي
وجد باحثون في أوروبا أن نوعاً جديداً من الجزيئات البيولوجية تُدعى "الأضداد النانوية" بإمكانها أن توقف الالتهاب وتقلل من الألم عند فئران التجارب، وهي تقنيةٌ توصَف بأنها الجيل الجديد من الاستراتيجيات المقاومة للأمراض الالتهابية.
لقد أظهرت الأضداد النانوية خلال التجارب على الفئران أداءً أكثر فاعليةً في ضبط الالتهاب من الأضداد النظامية أو حتى من الأدوية المضادة للالتهاب العادية المستخدمة بشكلٍ تقليدي، بحسب الباحثين. كما يمكن أن تكون الأضداد النانوية يوماً ما علاجاً واعداً للآلام المزمنة، التهاب القولون التقرحي، التصلب المتعدد والعديد من الاضطرابات الالتهابية الأخرى.
قام الفريق البحثي أيضاً باختبار هذه الأضداد النانوية على عينة من الدم البشري ووجدوا أنها قادرةٌ على إعاقة إفراز الوسائط الالتهابية أكثر بـ 1000 مرة من الأدوية المشابهة والجزيئات الصغيرة المرشحة للقيام بهذا العمل. البحث الذي يقوده الدكتور Friedrich Koch-Nolte من جامعة the University Medical Center Hamburg-Eppendorf في ألمانيا، أوضح ذلك في مقالةٍ بحثيةٍ تم نشرها في 23 نوفمبر 2016 في مجلة Science Translational Medicine .
الالتهاب جزء أساسي من عمل الجهاز المناعي البشري، وهي استجابةٌ بدئية للأذية حيث يرسل الجسم كريات الدم البيضاء والجزيئات الأخرى لإصلاح النسيج المتضرر أو لإيقاف أية جسيماتٍ غازيةٍ ممرضة.
لكنّ الاستجابة الالتهابية المطوّلة أو المزمنة يمكنها أن تقود إلى العديد من الأمراض مثل: الربو والحساسية والتصلب العصيدي. ويمكنه أن يؤدي إلى حدوث العديد من أمراض المناعة الذاتية مثل التهاب المفاصل الروماتيزمي والسكري من النمط الأول والتي يقوم فيها الجهاز المناعي - ولسببٍ غير مفهوم – بمهاجمة أنسجة الجسم نفسه كما لو كانت أجساماً غريبة.
يأمل العلماء بالتخفيف من أعراض هذه الأمراض عبر ضبط الحدثية الالتهابية، وأحد الأهداف التي تم اقتراحها هو بنيةٌ في الخلية تدعى P2X7 والتي تلعب دور البوابة أو القناة التي تمرر الجزيئات إلى داخل وخارج الخلية وتعطي شرارة البدء للاستجابة الالتهابية.
حاول العلماء تطوير أدوية تقوم بإغلاق هذه القناة P2X7 ولكنهم حققوا القليل من النجاح في ذلك. وكانت المشكلة أن الأدوية التي تم تصميمها لا ترتبط فقط بالقناة P2X7 بل ترتبط أيضاً مع جزيئاتٍ أخرى في الخلايا مسببةً الآثار الجانبية غير المرغوبة. في حين أن الأضداد - وهي بروتينات يمكن أن تكون فعالةً بشكلٍ كبيرٍ عبر الارتباط بشكلٍ دقيقٍ ومحددٍ تماماً مع الجزيئات الموجودة على سطوح الخلية – تميل لأن تقوم بإغلاق القناة P2X7 بشكلٍ غير فعال. ولذلك ففد تم وصف الجزيء P2X7 بأنه "هدفٌ صعب" في ملخصٍ تحريريٍ مرافقٍ للمقال الجديد المنشور في المجلة.
ثم تم إدخال الأضداد النانوية وهي أجزاءٌ من الأضداد – حوالي عشر حجمها – والتي تم تطويرها منذ 15 عاماً مضت من أضداد تم إيجادها في حيوانات الجمل، اللاما والألبكة. تشبه الأضداد النانوية الأضداد العادية من حيث أنها انتقائية بشكلٍ كبيرٍ للأجسام التي ترتبط بها وبذلك فهي تنقص الآثار الجانبية.
وقد صرح الدكتور Koch-Nolet لموقع LiveScience قائلاً بأن: الأضداد النانوية تمتلك خصائصَ مميزةً لها عن الأضداد التقليدية، كما أنها تتفكك حيوياً بشكلٍ كاملٍ إلى مركبات غير سامة.
وقد صمم فريق Koch-Nolet أضداداً نانويةً تقوم بتثبيطٍ انتقائيٍ ل P2X7 الموجودة على سطوح الخلايا المناعية وهو الضد النانوي الأول الذي يقوم بإغلاق قناةٍ بروتينيةٍ كهذه. وخلال التجارب التي تم اجراؤها على الفئران المصابة بالتهاباتٍ كلويةٍ ومشاكل تحسسيةٍ جلديةٍ حاكّة تدعى التهاب الجلد التحسسي اللمسي فقد خفضت الحقن المستخدمة والحاوية على نوع واحد من الأضداد النانوية الالتهاب وأزالت أعراض المرض كالألم بدون ظهور آثارٍ جانبيةٍ. ثم اختبر الفريق بعد ذلك أضداداً نانويةً مشابهةً على عينة دمٍ بشريةٍ حاويةٍ على خلايا مناعية. وقام الضد النانوي بإغلاق القناة P2X7 بفعاليةٍ تفوق ألف مرةٍ الأدوية الحالية الموجهة لاستهداف القناة P2X7.
ختاماً، بما أن القناة P2X7 تشارك في آلية الإمراض الالتهابية فإن إغلاقها وإيقاف عملها يمكن أن يحظى بأثرٍ علاجيٍ هائلٍ ومحتملٍ للملايين من المرضى الذين يعانون من أمراضٍ كهذه، كما يأمل الباحثون.
المصدر: