الفيزياء والفلك > فيزياء
مُسرّع للجسيمات تحت متحف اللوفر، للكشف عن اللوحات المزوّرة
في القبوِ وعلى عمقِ 15 متراً تحتِ الهرم الزجاجيّ لمُتحفِ اللوفر في باريس، توجدُ قطعةٌ لم يَعرضها القيّمون للزوّار. هذه القطعة هي: مسرّع الجُسيمات الخاص بمتحفِ اللوفر.
هذه ليست رواية للكاتب دان براون، فمُسرّع الجُسيماتِ هذا حقيقيّ، وهو عنصرٌ مهم من عناصر المُتحف منذ عام 1988 ويُسمّى مسرّع اللوفر لتحليل العناصر Accélérateur Grand Louvre d’analyse élémentaire أو اختصاراً AGLAE’s.
يوجدُ ما يُقارب الثلاثون ألفَ مسرعاً حولَ العالم، تُستخدمُ تلك المسرعات في مجالاتٍ علميّةٍ شتى، لعلَّ أغربَها هو المُحافظة على التُراث.
من الغريبِ حقًا أنّ نجدَ آلةً مثل هذه تحتِ متحف اللوفر العريق في باريس، ولكن مسرّع اللوفر الكبير لتحليلِ العناصر يؤدي عملاً غايةً في الأهمية، إذ يُستخدَمُ في التأكُدِ من كميّات ونِسب العناصر الكيميائية الموجودة في التحف الأثرية.
يُمكِّن المُسرّعُ العُلماء من فحصِ التحف الأثرية للتأكّد من أصالتها ولمعرفةِ الكثير من المعلوماتِ عنها، من خلالِ دراسة المواد الّتي صُنِعت مِنها تِلك التُحف، لتحديدِ زمان ومكان نشأتِها. إذ يقومُ الباحثون بفحصِ عيّنات الطلاء، والمواد المتنوعة مثل الزجاج، والسيراميك والمعادن من أجلِ تحديدِ مكوّناتها بدقة، وصولًا إلى معرفةِ مكان المناجم التي استُخرِجت منها هذهِ المكوّنات بالإضافةِ لتحديدِ الزمن الّذي استُخرجت فيه.
على سبيل المثال، استخدم الباحثون هذا المُسرّع في عمليّة التحقق من غمدِ سيفٍ ذهبيٍّ أهدتهُ الحكومة الفرنسيّة لنابليون بونابرت، للتأكد فيما إذا كانَ من الذهب الخالص أم لا، ليجدوا أنّه ذهبيّ بالفعل. كما استخدم العلماء المُسرّع أيضًا للتعرّف على المعادن الموجودة في العيون النابضة بالحياة لمنحوتةٍ مصريّةٍ قديمة تبلغ مِن العُمر 4500 سنة، تُعرفُ باسم "الكاتب المصري" أو "الكاتب الجالس" (The Seated Scribe)، فوجدوا أنّها مُوَشّاةً ببلوراتٍ صخريّة سوداء وكربونات المغنيسيوم البيضاء، أمّا العروق الحمراء الرقيقة داخل العيون فهي ناتجة عن أكسيد الحديد.
تمثال الكاتب المصري| متحف اللوفر
تشملُ التقنيات المُستخدمة في مُسرّع اللوفر قياس طيفِ انبعاثاتِ الأشعّة السينية، وأشعّة غاما، والّتي تُمكنُ العلماء من التّعرُفِ على أيّ أثرٍ لعناصِر مثل الليثيوم واليورانيوم.
يجرى الآن العمل على تحديثِ هذا المُسرّع بحيث يستخدمُ شعاعًا ذا طاقةٍ أقل، ويعتمدُ على مجسّاتٍ أكثرَ حساسيّةً. سيُقللُ هذا التحديث من احتمالِ إتلاف طلاءِ اللوحات أثناء دراستها، كما سيُمكّن الباحثين من تشغيلِ المسرّع بلا انقطاع طوالَ اليوم.
المصادر: