الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
أحد مركبات السوس (العرقسوس) وتداخلٌ مع وظائف هرمونات المبيض
يتميز السوسُ (العرقسوس) بأنه ذو فوائدَ كثيرة للصحة، يتم الحصول على السوس من جذر نبات Glycyrrhiza glabra الذي ينمو في اليونان وتركيا بشكلٍ خاص. وعُرِفَ عن السوس عبر التاريخ استخدامُهُ للعديد من الأهداف الطبية، وهو يفوق حلاوةَ السكر بحوالي 50 ضعفاً، مما جعَلَهُ يُستخدم في الكثير من الأغذية كمادة محلّية ومُنَكِّهة أيضاً وأشهر منتجاته شراب العرقسوس (للمزيد حول السوس وفوائده يمكنكم الاطلاع على المقال التالي هنا).
ولكن وفي دراسةٍ جديدةٍ من نوعها أُجريت على الأنسجة التناسلية لدى الفئران توصل الباحثون إلى نتيجةٍ مفادُها بأن التعرض لـ isoliquiritigenin -وهو مركبٌ يوجدُ في نبات السوس licorice- يُعطل إنتاجَ الهرمونات الجنسية الستيروئيدية في المبيض. وتُعد هذه الدراسة الأولى من نوعها والتي تختبر آثارَ هذا المركب الكيميائي على المبيض.
وقد وجد الباحثون في هذه الدراسة بأن التعرضَ لمستوياتٍ عاليةٍ من المركب والذي سمي اختصاراً iso قد تسبَّبَ في خفض التعبير الذي تقوم به الجينات الرئيسية المشاركة في إنتاج الهرمون الجنسي، وبشكلٍ خاصٍّ التعابير التي يصوغها الجين المرتبط بإنزيم الأروماتاز aromatase، وهو إنزيمٌ يقوم بتحويل هرمون التيستوستيرون إلى هرمون الإستروجين، حيث لوحظ هذا الانخفاض بنسبة 50% أو أكثر في حالة هذا الجين.
وقد تم نشر النتائج التي توصل إليها الباحثون في مجلة Reproductive Toxicology. وبالرغم من هذه النتيجة، تؤكد البروفيسور في علوم الأحياء المقارِنة Jodi Flaws من جامعة Illinois أنه ينبغي كمرحلةٍ تمهيديةٍ إجراءُ المزيد من الأبحاث لتحديد تأثيراتِ المركب iso على الحيوانات والتي تُعد محط اهتمامِ هذا الاكتشاف. تقول Flaws أنه وبشكلٍ عامٍ عندما تبدأ مستويات الهرمونات لديكَ بالانخفاض، فقد تبدأ مشكلاتٌ في الخصوبة بالظهور كذلك، ولأن الإستروجين يعدّ مهماً للحفاظ على سلامة الدماغ والعظام والجهاز القلبي الوعائي، فإن انخفاضَ مستوياتِه لفترةٍ طويلةٍ جداً قد يسبب مشاكلَ صحيةً فيها، وهو يعد أمراً محتمَلَ الحدوث وليس نتيجةً حتميةً. وتشير Flaws إلى أنَّ انخفاضاً بنسبة 50% لإنزيم الأروماتاز aromatase لدى البشر يمكن أن يمثل مشكلةً جديةً فيما يتعلق بالخصوبة وأمورٍ أخرى.
يُستخدم جذر السوس كاملاً إلى جانب الصيغ المكررة من المركب آيزو في المكملات الغذائية العشبية وأنواع الشاي والحلوى وكعوامل نكهة في منتجات التبغ. ويُباع الآيزو في بعض الأحيان للنساء كمسكن للهبّاتِ الساخنة أو الأعراض الأخرى المرتبطة بسن اليأس أو انقطاع الطمث. وتشير Mahalingam إلى أنَّ الدراساتِ أثبتت بأنه يمتلك خصائصَ مضادةً لبعض أنواع سرطاناتِ الثدي والبروستات والقولون. إلا أن الخصائص ذاتَها التي تجعل من مركب الآزو فعالاً ضد بعض السرطانات قد تجعله ذا تأثيرٍ سامٍّ للنمو الطبيعي وتطورِ المبيض كما تقول الدكتور Flaws.
ويتم استخدام بعض مثبطات الأروماتاز في علم الأورام لوقف نمو الأورام التي تستجيب لهرمون الإستروجين. ولكن يحذر الأطباء من الآثار المحتمَلة على خصوبة النساء اللواتي هُن في سن الإنجاب. وقد يكون لاستخدام الآيزو في تثبيط الأروماتاز التأثيراتُ ذاتُها التي تمتلكها مثبطات الأروماتاز الأخرى. ويمكن لهذه الملاحظات أن تقود إلى نتائجَ جيدةٍ فيما يتعلق بأنسجةٍ معينةٍ، اعتماداً على الجرعة وزمن التعرض. كذلك فعند خفض نسبة الأروماتاز، فإن ذلك يؤدي إلى خفض مستوى الإستروجين مما يعني احتمالَ تغييرِ درجةِ الخصوبة.
وحسب ما يشير البروفيسور في علوم الغذاء وتغذية الإنسان William Helferich، فإن الإستروجينات النباتية تعد معقدةً للغاية، ويمكن للأنسجة المختلفة أن تتجاوب معها بطرقٍ متمايزةٍ اعتماداً على الجرعة.
ويختم الباحثون بأن هذه النتائج التي تم التوصل إليها ما هي إلا خطوةٌ أولية في فهم دورِ مركب الآيزو وتأثيره على الخصوبة.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
الدراسة المرجعية:
Sharada Mahalingam, Liying Gao, Jacqueline Eisner, William Helferich, Jodi A. Flaws. Effects of isoliquiritigenin on ovarian antral follicle growth and steroidogenesis. Reproductive Toxicology, 2016; 66: 107 DOI: 10.1016/j.reprotox.2016.10.004