الطبيعة والعلوم البيئية > علم البيئة
طاقة خضراء من حديقتك
تشكل المساحات العشبية الخضراء حوالي 26% من إجمالي مساحة الأراضي و80% من الأراضي الإنتاجية الزراعية وتتواجد بشكل خاص في الدول النامية المدارية حيث تعدّ مصدر رزق هام لمليار فرد من شعوبها الفقيرة، وغذاءً أساسياً للمواشي، ومصدراً للكثير من المنتجات الزراعية عالية الجودة، كما تتميز بأنها مجمّعات للمياه ومحميات للتنوع الحيوي ويمكن أن تكون بالوعة للكربون لتساهم بذلك في التخفيف من انبعاث غازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري.
دفعت هذه الميزات كثيراً من العلماء للبحث في إمكانية الاستفادة من المساحات العشبية الخضراء الشاسعة في مجالات عديدة لاسيما الطاقات المتجددة، وهو ما قامت به مجموعة بحثية بريطانية عبر دراستها لإمكانية تحرر الهيدروجين من الكتلة الحيوية العشبية بما فيها تلك الموجودة في الحدائق المنزلية، بمساعدة أشعّة الشمس وبعض المحفزات الرخيصة.
الهيدروجين مصدر أخضر للطاقة
يمتاز الهيدروجين بإمكانياته الهائلة في بناء طاقات متجددة، لمحتواه العالي من الطاقة، ولكونه لا يطلق غازات سامة أو مسببة للاحتباس الحراري لدى حرقه، كما أنه يتواجد بكميات هائلة في جميع أنحاء العالم سواء في المياه أو الهيدروكربونات أو المواد العضوية الأخرى، كما ينظر الباحثون في العالم إلى الهيدروجين باعتباره ناقلاً هاماً نحو الطاقة المستقبلية تزامناً مع انتقال العالم من استخدام الوقود الأحفوري إلى استخدام المواد الأولية المتجددة.
ويُظهر هذا البحث أن أعشاب الحدائق المنزلية يمكن أن تكون وسيلة جيدة للحصول على هذا العنصر الهام "مصدر الطاقة الأخضر"، كما يُبرهن للمرة الأولى صحة الطريقة التي اتبعها الباحثون والتي قد تقود إلى وسيلة مستدامة لإنتاج الهيدروجين.
ولذا فإن التحدي الذي ينتظر الباحثين بعد هذا الإنجاز، هو ابتكار الوسيلة الرخيصة والفعالة والمستدامة لاستخراج الهيدروجين من هذه المساحات العشبية.
السيليلوز مصدر واعد بالهيدروجين
يعتبر السيليلوز مصدراً واعداً للهيدروجين، وهو مركب عضوي ومكوِّن أساسيٌّ في النباتات، كما أنه البوليمير الحيوي الأكثر وفرة على الأرض.
وما قام به فريق البحث في هذه الدراسة هو التحقق من إمكانية تحويل السيليلوز إلى هيدروجين باستخدام ضوء الشمس، ومحفّزٍ (1) بسيط، من خلال عملية تدعى إعادة التشكيل ضوئياً photoreforming أو إعادة التشكيل بالتحفيز الضوئي photocatalytic reforming، حيث تقوم أشعة الشمس بتنشيط المحفز للعمل على تحويل السيليلوز والماء إلى هيدروجين.
التجربة العملية ونتائجها
استخدم الباحثون ثلاثة محفزات ذات أساس معدني من البلاديوم والذهب والنيكل، حيث تكمن أهمية النيكل بأنه أكثر المعادن وفرة في الأرض متفوقاً حتى على المعادن الثمينة، وبالتالي أوفر اقتصادياً منها.
وفي الجولة الأولى من التجارب، جمع الباحثون المحفزات الثلاث مع السيليلوز في أسفل دورق قاعه مستدير، ثم عرّضوا الخليط لضوء مصباح مكتبي، حيث قام الباحثون خلال فواصل زمنية متساوية بجمع عينات غازية من الخليط ليتم تحليلها ومعرفة كمية الهيدروجين الذي تم إنتاجه، ثم كرر الباحثون التجربة لاختبار التطبيقات العملية لهذا التفاعل لكن مع أعشاب من حديقة منزلية.
أظهرت نتائج تجاربهم إمكانية إنتاج كميات كبيرة من الهيدروجين بمساعدة بسيطة من أشعة الشمس ومحفزات غير مكلفة، وفوق ذلك فقد أثبتت العملية فعاليتها باستخدام أعشاب حقيقية مأخوذ من الحديقة، لتكون هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها كتلة حيوية خام لإنتاج الهيدروجين مما قد يجنب العلماء عملية فصل وتنقية السيليلوز من العينة التي قد تكون عملية شاقة ومكلفة.
الهوامش:
(1) المحفز catalyst: هو مادة كيميائية تدخل في التفاعل وتسرعه دون أن تستهلك.
المصادر: