الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
هل يمكن للّحوم المقددة أن تسبب تفاقُماً في أعراض الربو؟
تُعتبر عمليةُ تقديدِ ومعالجةِ الأغذيةِ Curing إحدى الطرق المُعتمدةِ لحفظِ بعضِ أنواعِ الأغذية، وخاصةً اللحومُ والأسماكُ وبعضُ أنواعِ الخضارِ، ويتمّ ذلك عبرَ إضافةِ خليطٍ من الملحِ والنتراتِ والنتريتِ، وأحياناً السكر، بغرضِ نزعِ الرطوبةِ من هذه الأغذية، مما يساعد في تقليلِ نشاطِ الأحياءِ الدقيقة وبالتالي يحفظ تلكَ الأغذية، وقد تترافقُ أيضاً بعملياتٍ أخرى كالتدخينِ والمعاملاتِ الحراريّةِ وغيرها.
وقد أوضَحت العديدُ من الدراساتِ في السنواتِ الأخيرة ما للّحومِ المُقدّدةِ والمعالجةِ Cured meat من آثارٍ ضارةٍ على الصحة. كما أعلَنت منظمةُ الصحةِ العالمية World Health Organization (WHO) مؤخراً عن إمكانيةِ تسبُّبِ اللحومِ المقددةِ بأمراض القلب والشرايين، والسكري من النوع الثاني وعدد من أنواعِ السرطانات. وعن ارتباطِها بأمراضِ الرّئة، وجدَ الباحثون علاقةً بين تناولِ السالامي وغيرها من اللحومِ المعالجة والإصابةِ بسرطانِ الرئة، أو تراجعِ وظائفِها، بالإضافة إلى إمكانيةِ الإصابةِ بمرض الانسدادِ الرئويّ المزمِن COPD.
كما أظهرَت دراسةٌ حديثةٌ نُشرت في مجلةِ Thorax وجودَ تأثيرٍ سلبيّ للّحومِ المُقدّدةِ على مرضى الربو، علماً أن عدد الدراسات التي بحثَت في هذا التأثير لا يزيد عن اثنتين فقط، كلاهُما لم تأتِيا بنتيجةٍ تُذكر، فأُعيدَ البحثُ في هذه العلاقةِ ولكن بعدَ إضافةِ دورِ البدانةِ في تفاقمِ أعراضِ الربو.
بعد فحصِ النتائجِ، وجد الباحثون أنّ أعراضَ الربو قد ازدادَت سوءاً بنسبةِ 14% لدى مستهلكي الكمياتِ المنخفضةِ من اللحومِ المقدّدة، وبنسبة 20% و22% لدى مستهلكي الكميات المتوسطة والعالية على التوالي.
ولكن، كيف يُمكن للحومِ المقدّدةِ أن تُسبّبَ ضررَ الرئتين؟
يعتقدُ الباحثون أنَّ هذه اللحوم يمكن أن تؤثرَ على أنسجةِ الجسم وتُسبّب لها الضرر بطريقتين على الأقل؛ الأولى ناتجةُ عن احتوائِها على كمياتٍ كبيرةٍ من النيتريت، والذي يؤدي إلى حدوثِ عملية أكسدةٍ وتلفٍ للخلايا. والثانية، ناتجةٌ عن علاقةٍ بين استهلاكِ اللحومِ المعالجة وزيادةِ مستويات بروتين C التفاعليّ C-reactive protein –وهو لاعبٌ أساسيٌّ في الجهازِ المناعي- إذ تحفّزُ هذه الزيادةُ الالتهابَ مما يُفضي إلى تلفِ الأنسجةِ مع مرورِ الوقت.
من المهم أن نشير إلى أنّ هذه الدراسة اعتمدَت على الملاحظةِ، وأنّ النتيجةَ التي تمّ استخلاصُها حولَ المُسبّبات لا يُمكن اعتمادُها بشكلٍ نهائيّ، خاصّةً وأن الدراسة استندَت على ذاكرةِ المشاركين، فضلاً عن بعضِ الأسباب الأخرى التي يمكن أن تُسبّبَ تفاقمَ أعراضَ الربو من غيرِ تناولِ اللحومِ المعالجة، كالتدخين ومرضِ الانسدادِ الرئوي.
المصدر: هنا