الفنون البصرية > فن وتراث
1- سلسلة مبادئ التصميم الداخليّ
التصميم الداخلي هو كل ما يتعلق بتفاعل الإنسان مع الفضاء الداخلي لمكانٍ ما وكيفية معالجة الفراغات والمساحات المختلفة لأي مكان كلٌّ بحسب مواصفاته˛ ويعتمد على جوانب تقنية وتخطيطية ومهارات تواصل وبحثٍ بالإضافة إلى الاهتمام بالناحية الجمالية مع استيفاء الشروط المناسبة للمعيشة ضمن هذا الفراغ الداخلي وبحسب وظيفته. لذلك يؤثر التصميم الداخلي في حياتنا وعلى طريقة عملنا وحتى شفائنا.
فعندما بدأ البشر بالاستقرار على شكل تجمّعات˛ أخذ الإنسان يهتم بترتيب وتزيين المكان الذي يعيش فيه. وغالباً ما ينسب الفضل في ولادة التصميم الداخلي إلى المصريين القدماء الذين بنوا مساكنهم الطينية المتواضعة وقاموا بصناعة مفروشات بسيطة مزيّنة بجلود الحيوانات أو بالمنسوجات بالإضافة إلى استخدام الجداريات و المنحوتات و المزهريات المزخرفة في تزيين هذه المساكن. ويجدر بالذكر أن الحلي الذهبية التي اكتشفت في المقابر المصرية (كقبر توت عنخ آمون) أظهرت أهمية وجود واستخدام الزينة الفاخرة من قبل الطبقة الأغنى والأقوى في مصر القديمة. وقد تأثّرت كل من الحضارة اليونانية والرومانية تأثراً كبيراً بفن الديكور والتزيين المصريين.
تطوّرت الأحوال في العصر اليوناني مما سمح لعامة الشعب بالاهتمام بتزيين منازلهم كلًّ بحسب إمكانياته فالأغنياء منهم كانوا يملكون مفروشات مرصعة بالعاج والفضة. كذلك الأمر في العصر الروماني تم استخدام الجداريات والموزاييك بالإضافة لتفصيل المفروشات.
وبعد هذه الفترات الهامة والحضارات˛ أخذت أساليب تصميم جديدة بالظهور في أوروبا أهمّها فن العمارة القوطية الذي امتد من منتصف القرن الثاني عشر حتى القرن السادس عشر. تلا ذلك نقلة كبيرة في الفن و لتصميم في عصر الباروك مروراً بالثورة الصناعية ووصولاً إلى الآرت ديكو و الفن الحديث (سنتحدث عن الحركات التصميمية في مقال منفصل لاحقاً) ليصبح التصميم الداخلي بذلك ليس بغريب على أحد. فهو لم يعد محصوراً بطبقة معينة وذلك عندما أصبحت مجلاّت الموضة والمطبوعات منتشرة في كل مكان في فترة الثورة الصناعية التي تبعتها فترة الحداثة وما بعد الحداثة و أصبحت أسماء المصممين متداولة ومعروفة بعدما كانوا يعملون من وراء الكواليس.
إنّ مهنة التصميم الداخلي ليست بمهنة قديمة فعمرها يقارب الـ 100 عام فقط. فعلى مر السنوات التي مضت تطوّر فن التزيين بشكل كبيرليصبح اختصاصاً بحد ذاته يحتاج إلى سنوات من الدراسة والعمل والخبرة.
تم استخدام مصطلح "Interior Decorator" لأول مرة في الولايات المتحدة في بدايات عام 1900˛ ولم يكن ممارسوا هذه المهنة حملة شهادات جامعية أو ممن تلقوا دراسة أكاديمية في هذا المجال بل كانت النخبة تعتمد في عملها على حس عالي وذائقة جمالية وقدرة على معالجة المشاكل التي قد تعترض المصمم مثل النسبة والحجم و المساحة وغيرها˛ أي أنّهم كانوا يعتمدون تماماً على موهبتهم الطبيعية.
أُطلق مصطح مصمم داخلي أو”Interior Designer” لأول مرة في العام 1930 من قبل مجلة مختصة في التصميم والديكور عُرفت باسم Interior Style and Decorationn إلى أن أصبح التصميم الداخلي اختصاصاً جامعياً بحد ذاته يدّرس لمدة لاتقل عن أربع سنوات في كليات الفنون التطبيقية.
إن التصميم الداخلي مازال في تطور مستمر خاصةً في وقتنا الحالي حيث أصبح الطلب على الأختصاصيين أكبر بكثير عما كان عليه في السنوات الماضية˛ وأصبح عمل المصمم الداخلي جزء من عملية إنشاء أي فراغ حيث راحة وسلامة قاطني هذا المكان تعد من أهم الأولويات سواءً كان المكان المراد تصميمه تعليمياً أو ترفيهياً أو سكنياً أو حتى صحياً.
المصادر: