الكيمياء والصيدلة > الآثار الجانبية
حبوب منع الحمل قد تزيد خطورة حدوث الاكتئاب
تقترح دراسةٌ كبيرةٌ تمّت في الدنمارك، أنّ النساءَ اللواتي يستخدمْن الطرقَ الهرمونيةَ لمنعِ الحملِ، مثل حبوبِ منعِ الحمل Pills، قد يكون لديهنّ معدّلاتٌ أعلى بقليلٍ لحدوثِ الاكتئاب، وقد تكون المراهقاتُ هنّ الأكثرَ عرضةً لحدوثِ ذلك، حيث يقول الباحثون أن النتائجَ أكّدت وجودَ ارتباطٍ بين منعِ الحملِ بالطريقةِ الهرمونيةِ وبين ظهورِ أعراضِ الاكتئابِ، لكنْ لم يتمَّ إثباتُ وجودِ علاقةِ مسبّبٍ - أثرٍ بينهما.
ويقوم مصنّعو هذه الأدويةِ مسبقاً بوضعِ "تغيراتِ المزاجِ"، والتي تتضمن حدوثَ الاكتئابِ أو تدهورَ حالتِه، ضمن قائمةِ التأثيراتِ الجانبيةِ المحتمَلة. لكنّ هذه الدراسةَ الجديدةَ التي تضمّنت أكثرَ من مليونِ امرأةٍ، جعلت الدليلَ على الارتباطِ بين تناولِ هذه الحبوبِ والتغيراتِ المزاجيةِ، أكثرَ قوة.
أُجريت هذه الدراسةُ من خلال متابعةِ أكثرَ من مليونِ امرأةٍ تتراوح أعمارُهن بين 15 و 34 عاماً، وذلك بين عامي 2000 و2013، حيث تمّ تتبعهنّ لمدة ستِّ سنواتٍ وسطياً.
خلال هذه المدةِ، كانت النساء اللواتي يستخدمن حبوبَ منعِ الحملِ الهرمونيةِ أكثرَ عرضةً لحدوث الاكتئابِ بنسبةٍ تتراوح ما بين 23-100% مقارنةً بالنساءِ اللواتي استخدمنَ وسائلَ منعِ الحملِ غيرِ الهرمونية. وكانت الخطورةُ أكبرَ عندما ركز الباحثون على فئة المراهقاتِ اللاتي تتراوح أعمارُهنّ بين 15-19 عاماً، حيث أظهرت النتائجُ أنّ المراهقاتِ اللواتي استخدمن اللصاقاتِ الهرمونيةَ أو الحلقاتِ المهبليةَ أو اللوالبَ الرحميةَ (الجهائز داخل الرحم) التي تحتوي على البروجستين، كنّ معرّضاتٍ أكثرَ بثلاثةِ أضعافٍ لأنْ تُوصفَ لهنّ مضاداتُ الاكتئابِ، مقارنةً بالمراهقاتِ الأُخرَيات.
أما الخطورةُ المرتبطةُ بحبوبِ منعِ الحملِ التقليديةِ (والتي تحوي إستروجين وبروجستين) فكانت أخفَّ بقليلٍ، حيث كان لدى المراهقاتِ اللواتي استخدمنَها خطورةٌ أعلى بنسبةِ 80% للبدء باستخدامِ مضاداتِ الاكتئاب، في حين أنّ اللواتي استخدمنَ حبوبَ البروجستين فقط، والتي تُدعى بالحبوب الصغيرة (Mini-Pills)، كانت لديهنّ الخطورةُ أعلى من سابقاتِهنّ بمرتين.
لكن تبقى الاختلافاتُ بالمعنى المُطْلَقِ صغيرةً، حيث أنّ أكثرَ من 133.000 امرأةً قد بدأنَ باستخدامِ مضادّاتِ الاكتئابِ في أثناءِ مدةِ الدراسةِ، وبما أنّ هنالك عواملَ أخرى يمكنها أن تؤثرَ في حدوثِ الاكتئابِ لدى النساءِ، فمن الصعبِ دوماً استثناءُ جميعِ التفسيراتِ الأخرى، علماً أن الفريقَ قد تمكّن من أن يأخذَ بالحسبانِ بعضَ العواملِ الأخرى، كالمستوى التعليميِّ للسيدةِ، وما إذا كانت مصابةً بمتلازمةِ المَبيضِ متعددِ الكيساتِ أو التهابِ بِطانةِ الرحمِ، والتي هي حالاتٌ تعالَج عادةً بحبوبِ منعِ الحملِ الهرمونية.
إضافةً إلى ذلك، فقد وجد الباحثون أنّ لدى النساءِ نسبةُ خطورةٍ أعلى للبدءِ باستخدامِ مضاداتِ الاكتئابِ في العام التالي للبدءِ بحبوبِ منعِ الحملِ الهرمونيةِ، مقارنةً بالعامِ السابقِ لها.
يوجد تفسيران محتملان لسببِ وجود اختطارٍ أعلى لدى المراهقاتِ من السيداتِ الأكبرِ عمراً، فالمراهقةُ هي مرحلةٌ حساسةٌ، لذا فإنّ المراهقاتِ قد يتأثرنَ بالهرموناتِ الخارجيةِ بدرجةٍ أكبر. كما أنّ النساءَ اللواتي يُظهرْنَ أعراضَ تغيرٍ بالمِزاجِ بعدَ البدءِ بأخذِ أدويةِ منعِ الحملِ قد يتوقفنَ عن أخذِها، وهذا يعني أنّ من يستمرِرنَ باستخدامِها في العشرينياتِ والثلاثينياتِ من أعمارِهنّ، هن مجموعاتٌ أقلُّ عرضةً للاكتئاب.
من المهمِّ إبقاءُ هذه القضيةِ تحتَ الضوءِ، والموازنةُ بين الزيادةِ الصغيرةِ في خطرِ حدوثِ الاكتئابِ وبين فوائدِ حبوبِ منعِ الحمل. كما ينبغي على الأطباءِ أن يسألوا الفتياتِ والنساءَ، إن كانت لديهنّ أيُّ قصةٍ مرضيةٍ للاكتئاب أو أعراضِه، عند مناقشةِ خَياراتِ منعِ الحملِ معهن. فهناك العديدُ من الخياراتِ، منها الهرموناتُ منخفضةُ الجرعة. كما يفضَّل أن تأخذَ النساءُ اللواتي لديهنّ تاريخٌ من أعراضِ الاكتئابِ بالاعتبارِ وسائلَ منعِ الحملِ غيرِ الهرمونية، كالجهائزِ داخل الرحميةِ التي تحرّر النحاسَ، والذي يقوم بمنعِ النِّطافِ من تلقيحِ البُويضة.
ومن المهم أيضاً أن تقومَ السيدةُ بمناقشةِ طبيبٍ تثق به بإيجابياتِ وسلبياتِ كلِّ طريقةٍ من طرقِ منعِ الحملِ، وأن تعِيَ حقيقةَ أنّ الهرموناتِ قد يكون لها تأثيرٌ على المِزاج.
المصادر: