الطب > موسوعة الأمراض الشائعة
خلع الورك الولادي CDH وعُسرة تصنع الورك الولادية DDH
عُرِفَ خلعُ الوَرِكِ الولاديُّ (CDH) لدى الاطباءِ الأوائلِ، فقد تحدث عنه أبُقراط، كما تمكّن الاطباءُ منذ قرونٍ مضت من تشخيصِه ووضعِ علاجاتٍ له، وتطورت الوسائلُ المستخدمةُ لذلك كثيراً على مَرِّ الزمنِ، مما سمح بتجنبِ عواقبِه التي قد تكون جَدِّيةً ومعيقةً للحياة وذلك عن طريقِ تشخيصِه المبكرِ ووضعِ خطةٍ علاجيةٍ مناسبةٍ، فالفشلُ في وضعِ التشخيصِ المبكرِ هو السببُ الرئيسُ لتفاقمِ الحالةِ وظهورِ الاختلاط.
يُصنَّف بوجهٍ عامٍّ تحت اسمِ خلّل تنَسُّج الوَرِكِ النمائيّ (أو عُسرة تصنُّع الوَرِك التطوّرية) Developmental Dysplasia of the Hip (DDH)، المرضى المولودون مع خَلعٍ جُزئيٍّ (خروجٍ جزئيٍّ لرأس الفَخِذِ من الجوفِ الحقّي) أو خَلعٍ تامٍّ (خروجٍ كاملٍ لرأسِ الفَخِذِ من الجوفِ الحقّي)، أو عدمِ ثباتٍ (أي قابليةٍ للتطورِ إلى خلعٍ جزئيٍّ أو خلع) قد يتطور لاحقاً إلى خلعٍ، نتيجةَ عيبٍ تشريحيٍّ في أحدِ مكوّناتِ مَفصِلِ الوَرِك.
مَفصِلُ الوَرِكِ هو المَفصلُ الذي يربط بين الحوضِ والفَخِذِ، ويتشكل من رأسِ عظمِ الفَخِذِ (الذي يشبه الكرة) المُتثبِّتِ داخلَ الجوفِ الحقي (جوفً في عظمِ الوَرِكِ يشبه الكأس)، إضافةً إلى الأربطةِ المثبِّتةِ والمحفظةِ المَفصِليةِ، لذلك فإنّ قوةَ وثباتَ المَفصِلِ تنتُج عن تناسقِ وتوازنِ نموِّ مكوناتِه في مرحلةِ النّماءِ الجنينيِّ وبعد الولادةِ، وهذا يحدَّد وراثياً.
يؤدي الخللُ في هذا النّماءِ إلى خلَل تنسُّج ومن ثَمَّ عدمِ ثباتِ المَفصِلِ؛ فَرأسُ عظمِ الفَخِذِ قد يكون أكبرَ أو أصغرَ من الجوفِ الحقّيِّ، والجوفُ الحقّيُّ قد لا يكون عميقاً بشكل كافٍ، كما أنّ المحفظةَ المَفصِليةَ قد تكون متمدّدةً ورخوةً، وهذا كله يؤدي لعدمِ ثباتِ المَفصلِ، وخروجِ رأسِ الفَخِذِ من موقعِه الطبيعيِّ في الجوفِ الحقّيِّ في الحالاتِ الشديدةِ وبالتالي الخَلع.
يُشاهَد خلَلُ تنَسُّجِ الوَرِكِ النمائيُّ وسطياً في 17 ولادةً من كل 1000 ولادةٍ حيةٍ، ويحتاج للعلاج في حالتين منها، ومعظمُ حالاتِ عدمِ الثباتِ تصبح ثابتةً خلال بضعةِ أسابيعَ بعد الولادةِ، ويمكن أن يُشاهدَ في كلا الوَرِكينِ أو أحدِهما لكنّ حالاتِ الوَرِكِ الأيسرِ هي الأشيعُ، كما أنّ الولادةَ الأولى والولادةَ القيصريةَ وقلّةَ السائلَ الأمنيوسيِّ والخِداجَ (الولادة قبل الأوان) والتوائمَ والولاداتِ المتعددةَ والمجيءَ المقعديَّ (الولادةُ والقدمين أو المَقعدَ أولاً بدلاً من الرأس) والسوابقَ العائليةَ تُعتبر عواملَ اخْتِطارٍ للخَلع.
كما ذكرنا فإن التشخيصَ المبكرَ هو الأساسُ في تجنبِ المضاعفاتِ، ومنها:
- ميَلانُ الحوض.
- قِصَرُ الطرَف.
- العَرَج.
- ألمُ الوَرِك.
- التهابُ مَفْصِلِ الوَرِكِ التنكُّسي.
- آلامُ المفاصل.
- الجَّنَف.
- النّخْرةُ الجافةُ في رأسِ الفَخِذ (موتُ رأسِ الفَخِذِ نتيجةَ انقطاعِ الترويةِ عنه).
لتقليلِ حالاتِ تأخّرِ التشخيصِ وُضِعتْ برامجُ فحصٍ روتينيةٌ للمواليدِ، تُستخدم فيها الأمواجُ فوقَ الصوتيةِ (الإيكو) ووسائلُ تشخيصيةٌ سريريةٌ مختلفةٌ، وتجري على مرحلتين؛ الأولى في الأيامِ الثلاثِ الأولى من الولادةِ، والثانيةُ بعد 6-8 أسابيعَ، كما يجب إجراءُ فحوصاتٍ مكثّفةٍ ومتكررةٍ في حالِ وجودِ أحدِ عواملِ الخطورةِ سابقةِ الذكرِ أو أكثرَ، ولكنّ انتشارَ الجهلِ وغيابَ الوعيِ والإهمالَ الطبيَّ يَترك حالاتٍ عديدةً بلا تشخيصٍ في مجتمعاتِنا، ولا تُشخَّصُ إلا بعد فَواتِ الأوان.
عند وضعِ التشخيصِ المبكرِ لخَلَل تنسُّجِ الوَرِكِ النَّمائيِّ يمكن استخدامُ جَبِيرةٍ خاصةٍ لعدةِ أسابيعَ، تعمل على تثبيتِ مَفصِلِ الوَرِكِ ومنعِ حدوثِ الخَلعِ، وهذا يسمح بتطورِ مكوّناتِ المَفصِلِ بشكلٍ متوازنٍ وعودةِ ثباتِ الوَرِك.
أما عند وضعِ التشخيصِ بعد ستةِ أشهرٍ من الولادةِ أو في حالِ عدمِ نجاحِ الجبيرةِ، يتمّ اللجوءُ إلى الردِّ المغلقِ (دونَ شقٍّ جراحيٍّ) أو المفتوحِ (مع شقٍّ جراحي) لرأسِ عظمِ الفَخِذِ إلى الجوفِ الحقّيِّ، ومن ثَمَّ تثبيتِه في مكانِه باستخدامِ جبائرَ أو وسائلَ جراحيةٍ. وقد يستدعي الأمرُ في بعض الحالاتِ قَطعَ العظمِ من أجلِ تصحيحِ التشوُّهِ التشريحي.
نتائجُ العلاجِ ممتازةٌ في معظمِ حالاتِ التشخيصِ المبكّرِ، ويستعيد مَفصِلُ الوَرِكِ ثباتَه وحركتَه السليمةَ في مختلفِ الاتجاهاتِ. أما في الحالاتِ المتقدمةِ والمتأخرةِ فالعلاجُ ليس بالفعاليةِ نفسِها، والجراحةُ هي الحلُّ الوحيدُ لإصلاح التشوّهِ، كقَطعِ العظمِ أو تقصيرِ الفَخِذ.
في ما يلي سنذكر علاماتٍ قد تدلّ على وجودِ خلعِ وَرِكٍ ولاديٍّ غيرِ مشخَّصٍ، وتستدعي مراجعةَ الطبيب:
- تَحَدُّدٌ في حركةِ أحدِ طرفَي الطفل.
- جرُّ أحدِ القدمين عندَ الزحف.
- أحدُ القدمين تبدو أطولَ من الأخرى.
- عدمُ تناظرِ الثّناياتِ الجلديةِ على جِذعِ الطفل.
- العَرَجُ أو التمايُلُ عند المشيِ، أو المشيُ على رؤوسِ الأصابع.
أخيراً من المهم ذِكرُ أنّ خلعَ الوَرِكِ الولاديَّ لا يمكن منعُ حدوثِه وليس ناتجاً عن خطأٍ طبيٍّ أو توليديٍّ، فهو مرتبطٌ بعواملَ وراثيةٍ في الكثيرِ من الحالاتِ، كما أنّ مفاصلَ حديثي الولادةِ أقلُّ ثباتاً من مفاصلِ البالغين بشكل فيزيولوجيٍّ طبيعيٍّ وذلك لفترةٍ قصيرة.
المصادر: