الطب > أمراض نسائية وتوليد
الإخصاب في المختبر IVF (طفل الأنبوب)
تنخفضُ الخصوبةُ الطبيعيّةُ في منتصف الثلاثينياتِ من العمرِ، ممّا يسبّب مشاكلَ للنساءِ اللواتي يُردْنَ إنجابَ الأطفالِ في وقتٍ لاحقٍ من الحياة. عند فشلِ المحاولاتِ في الإنجابِ أو وجودِ مشاكلَ جسديةٍ أو فيزيولوجيةٍ تعيق الإنجابَ لدى أيٍّ من الزوجين، يتّجه البعضُ لعلاجاتِ الخصوبةِ، مثلَ الإخصابِ في المختبرِ (التلقيح الصناعي). وقد تمّت بالفعل ولادةُ خمسةِ ملايينِ طفلٍ بهذه الطريقةِ؛ نصفُ هذا العددِ وُلدوا فقط منذ عام 2007!
كيف تعمل:
تهدف عمليةُ الإخصابِ في المختبرِ إلى جمع نطافٍ وبويضاتٍ في وعاءٍ زجاجيٍّ يَسمحُ للنطافِ بتلقيح البُويضات. يمكن استعمالُ نطافٍ وبويضاتٍ من الزوجين اللذَين يحاولان الإنجاب، ويمكن استعمالُ بويضاتٍ أو نِطافٍ من متبرّعٍ في حال وجودِ مشاكلَ لدى أحدِ أو كلا الزوجين، ثمّ توضع بيضةٌ ملقّحةٌ أو أكثرُ داخلَ الرحم.
الخطوةُ الأولى هي جمعُ البويضاتِ من المرأة؛ إذ تتلقّى المرأةُ معالجةً هرمونيةً للتحكمِ بإنتاجِ البيوضِ، وذلك لمنعِ الإباضةِ غيرِ المتوقعة. تُجرى المعالجةُ الهرمونيةُ باستخدام نظائرِ الهرمونِ GnRH (الهُرْمونُ المُطْلِقُ لمُوَجِّهةِ الغُددِ التناسُلِيَّة) أو ضادّاتِه، وهرمونِ FSH (الهرمون المنبّه للجُريب*).
يقوم الطبيبُ بإجراءِ فحوصٍ دمويةٍ وبالتصويرِ بالأمواجِ فوقَ الصوتيةِ ليراقبَ نضوجَ الجُّرَيْباتِ الحاويةِ على البويضاتِ، وعندما تُصبح الجُرَيباتُ متطورةً بالكاملِ قبل الإباضةِ، يُعطى هرمونُ hCG (مُوَجِّهَةِ الغُدَدِ التَّنَاسُلِيَّةِ المَشيمائِيَّةِ البَشريَّة) للمرأة ليُساعدَ في نضجِ الجُريباتِ وما تحويه من بويضاتٍ، ثم تُستخرج البويضاتُ الناضجةُ بعد مرورِ 34-36 ساعةً باستخدام إبرةٍ رفيعةٍ موجّهةٍ باستخدامِ الأمواجِ فوقَ الصوتية.
تستغرق عمليةُ استخراجِ البويضاتِ حوالي 20 دقيقةً، تُعطى المريضةُ خلالَها أدويةً مهدِّئةً ومضادّةً للألمِ؛ وتُعزلُ البويضاتُ من السائلِ الجُرَيْبي وتوضع في وعاءٍ زجاجيٍّ مُعبَّأٍ بالمواد المغذية.
هنا يأتي دورُ النِّطافِ، إذ يجري الحصولُ على عيّنةِ النطافِ إمّا بالاستمناءِ أو من الخصيةِ مباشرةً في حال وجودِ عوائقَ للقذفِ أو مشاكلَ في تطوِّرِ النطافِ، ثمَّ تُغسلُ وتُرَكَّزُ لتُخلطَ مع البويضاتِ في الوعاءِ الزجاجيِّ حيث يتمُّ الإخصابُ؛ ويمكنُ حقنُ النطافِ مباشرةً داخلَ البويضةِ إن وُجِدت مشاكلُ في حركتِها. ثمَّ يُنقل الوعاءُ الحاوي على البيوضِ والنطافِ إلى حاضنةٍ ذاتِ جوٍّ ودرجةِ حرارةٍ مناسبَين لمدة 48-120 ساعةً وتراقَب.
تُترك الأجنّةُ لتنموَ لمدةِ يومين إلى خمسةِ أيامٍ، وتُختار أكثرُها صحّةً لتُزرعَ داخلَ الرحم، إذ يُنقل جنينٌ إلى ثلاثةِ أجنّةٍ إلى تجويفِ الرحمِ عبرَ عنقِ الرحمِ باستعمالِ أنبوبٍ بلاستيكيٍّ مرنٍ رقيقٍ؛ في حين يمكن تجميدُ باقي الأجنّةِ في حالِ الاحتياجِ لمحاولاتِ إخصابٍ أُخرى لاحقاً.
بعد 5-6 أيامٍ من الإخصابِ، يخرج الجنينُ من غشاءِه وينغرسُ في بِطانةِ الرحمِ لتستمرَّ باقي مراحلِ الحملِ على الوجهِ الطبيعيٍّ مثلَ أيِّ حملٍ آخر.
يقلُّ احتمالُ انغراسِ الجنينِ عند النساءِ بعدَ عمرِ الـ35، لذا تُنقل العديدُ من الأجنّةِ إلى الرحمِ لزيادةِ احتمالِ حدوثِ الحملِ، ممّا يؤدي إلى زيادةِ احتمالِ حصولِ الحملِ المتعدّدِ.
فرصُ نجاحِ هذه الطريقةِ للمرة الأولى عادةً أقلُّ من 40%، وتنخفض الفرصةُ مع زيادةِ العمرِ، لذلك يمكن أن تقومَ امرأةٌ بعدّةِ محاولاتٍ للإخصابِ في المختبرِ حتى نجاحِ الحمل.
تزداد هذه الفرصةُ في حالِ قامت المرأةُ بولادةِ رضيعٍ حيٍّ سابقاً، كما يُلاحظ ارتفاعُ فرصةِ الإخصابِ في حال استعمالِ بويضاتٍ متبَرَّعةٍ، خاصّةً عند النساءِ فوقَ الـ40 عاماً، إذ تكون فرصةُ نجاحِ الحملِ حوالي 55% عند استعمالِ هذه البويضات.
مخاطر الإخصابِ في المختبر:
قد تتسبّبُ كلُّ هذه الإجراءاتِ الاصطناعيةِ، مثلَ التجميدِ والذوبانِ، وبيئةِ الوعاءِ الزجاجيٍّ، والأدويةِ والهرموناتِ، بالضررِ للأجنّةِ وتُعرضُها لآثارٍ دائمةٍ.
فالمخاطرُ الرئيسيّةُ للأطفالِ المولودينَ بهذهِ الطريقةِ هي عيوبٌ خِلْقِيّةٌ واضطراباتٌ وراثيّةٌ، ويمكن تفادي الأخيرةِ بتفحّصِ الأجنةِ قبل زرعِها في الرحم. يُضاف إلى ذلك مخاطرُ الحملِ المتعدّدِ، والولادةِ المبكّرةِ، وانخفاضِ الوزنِ عند الولادة. كما يمكن أن يوُرَّثَ العقمُ للوليدِ سواءٌ كان ذكراً أم أنثى.
ويجدر بالذكرِ أنَّ أولَ "اختبارٍ لطفلِ أنبوبٍ" وُلدَ في عام 1978، لذلك لا توجد أيُّ دراساتٍ طويلةِ الأمدِ حتى الآن. كما أنّ هذه العمليةَ مُكلفةٌ، إذ تقارب كلفتُها الـ 10-15 ألفَ دولارٍ أمريكيٍّ في الولاياتِ المتحدةِ الأمريكية.
*الجُرَيب المَبيضي: هو كيسٌ صغيرٌ في المَبِيضِ، تنمو داخلَه البويضاتُ، ثم ينشقّ لتخرجَ منه البويضةُ في طريقِها إلى الرحمِ عبر قناةِ فالوب.
المصادر: