الكيمياء والصيدلة > تأثير أدوية
هل يعتبر الميتفورمين فعّالاً في إنقاص الوزن؟
بالاعتماد على الدراسة الاستقصائية التي أقامتها National Health and Nutrition Examination Survey، وُجد أن 34.9% من البالغين الذين تتراوح أعمارهم بين الـ 20 فما فوق يعانون من البدانة بحيث يكون مؤشر كتلة الجسم "Body Mass Index "BMI أكبر من 30 كغ/م2.
تعتبر البدانة عامل خطورة للعديد من الأمراض المزمنة، وتُذكر خطورتها بشكلٍ خاص في المتلازمات الاستقلابية والتي يمكن أن تؤدي إلى دَاءِ السُّكَّري من النمط الثاني والأمراض القلبية الوعائية.
يعتبر الميتفورمين خط علاجي أول للمصابين بداء السُّكَّري من النمط الثاني (T2D- type 2 diabetes)، ومن الممكن أن يكون مفيد في منع أو تأجيل حدوث مرض السُّكَّري لدى الاشخاص المؤهبين لذلك prediabetes المعروف بالهيموغلوبين السُّكَّري A1c بنسبة تتراوح بين 5.7% و6.4%.
يعتبر الميتفورمين علاجاً قيّماً لدى مُعظَمِ المصابين بداء السُّكَّري من النمط الثاني بسبب معدلات فعاليته العالية في خفض السكر، وانخفاض احتمال حدوث نوبة نقص سكر، كما أنَّ آثاره الجانبية قليلة، ويعتبر سهل الاستخدام ومنخفض التكلفة.
بالإضافةِ لذلك، للميتفورمين آثار مفيدة إضافيّة في تخفيض الوزن لدى المصابين بداء السُّكَّري من النمط 2، وبشكلٍ محتمل لدى المُصابات بمتلازمة المِبيَض المُتعدد الكِيسات PCOS، والبَدانة غير المترافقة مع مرض السُّكَّري.
إنَّ الاستخدامَ الوحيدَ المُوافق عليه للميتفورمين هو علاج داء السُّكَّري من النمط 2. وعليه، فإنَّ معظم المعلومات المُدرَكة عن تأثيراته في خفض السكر تعودُ إلى الدّراساتِ التي قامت على مرضى السُّكَّري من النمط 2.
تُعدُّ آليّة تأثير الميتفورمين مميزة وفريدة بالمقارنة مع بقية خافضات السكر. حيث ينقص من اصطناع الغلوكوز في الكبد، وينقص امتصاصه في الأمعاء، ويُحسّن حساسية الأنسجة للأنسولين عبر زيادة قبط الغلوكوز من قِبَل العضلات وزيادة استهلاكه.
يُرَجَّح تأثير الميتفورمين المُساعِد على التنحيف لتحفيزه فقدان النسيج الشَّحمي عوضاً عن التأثير على الطاقة التي يستهلكها الجسم كما تفعل التمارين الرياضية.
قامَت مجموعةُ بحثٍ تابعة لبرنامج منع مرض السُّكَّري Diabetes Prevention Program Research Group بدراستين لتقييم فعالية الميتفورمين في إنقاص الوزن.
نُشِرت الدّراسةُ الأولى في عام 2009، فقد خضعَ المرضى إلى نظامٍ صحيٍّ علاجيٍّ، وصرَّحُوا أن أوزانهم قد انخفضت في البدء ولكنَّهم عاودوا كَسْبَ الوزن المفقود بشكلٍ تدريجيٍّ خلال فترة عشرة سنوات لاحقة. في حين أنَّ المجموعة الأخرى من المرضى الذين تناولو الميتفورمين قد خسروا وزناً أقل من المجموعة الأولى في بداية الدراسة (حوالي 2.5 كغ)، ولكنَّهم استطاعو الحفاظ على الخسارة بالوزن خلال فترة العشرة سنوات اللاحقة. وفي الدّراسة الثّانية التي نُشِرت في عام 2012، أُتيح فيها للمشتركين في الدراسة الأولى الفرصة بالمشاركة مجدداً وتناول الميتفورمين بطريقة Open Label (وهي أحد طرق التجارب السريريَّة التي يكون فيها كل من الباحثين والمشتركين الخاضعين للتجربة يعلمون ما هو الدواء الذي تتم دراسته واعطاءه للمشتركين في الدراسة).
فكان الوزن الإجمالي المفقود خلال مدة 7 إلى 8 سنوات من الـ Open label هو 1.9 كغ. أمَّا لدى الأشخاص المطاوعين لأخذ الميتفورمين بشدّة فكان متوسط فقدان الوزن 3.1 كغ.
وفي دراسة أخرى تمَّت مقارنة تأثير كل من الميتفورفين لوحده، مع التمارين الرياضيَّة لوحدها (حوالي 190 دقيقة في الأسبوع)، مع الاثنين معاً وذلك عند مجموعة من البالغين المصابين بعدم تحمل الغلوكوز (وقد تمَّ استبعاد المصابين بالداء السُّكَّري من النمط 2). فكانت النتيجة أنَّ تناول الميتفورمين وحده أو تناوله بالتزامنِ مع القيام بالتمارين الرياضيَّة ينقصُ الوَزن أكثر من ممارسة التمارين الرياضية وحدها. كما قام الميتفورمين لوحده بتقليل الوحدات الحرارية المتناولة، ولكنَّه لم يقلل من نسبة الدهون بالجسم.
أمَّا بالنسبة للنساء المصابات بالـ PCOS فيكون لديهم اختطار الإصابة بمرض السُّكَّري أعلى من النساء الأخريات الأصحّاء ذوات نفس العمر والوزن.
يتم استخدام الميتفورمين في حالة PCOS لمنع حدوث داء السُّكَّري وتنشيط الإباضة عبر إنقاص الوزن (وهذا الاستخدام غير مصرَّح به من قبل الـ FDA).
وفي تجربةٍ مضبوطةٍ حديثة، تمَّ دراسة أثر تناول الميتفورمين بالمقارنة مع موانع الحمل الفموية بالمقارنة مع تناول الميتفورمين وموانع الحمل الفموية معاً، وذلك لدى مصابات بالـ PCOS دون الداء السكري من النمط 2، فكانت النتيجة أنَّ الميتفورمين إذا تم تناوله وحده أو تناوله مع مانع حمل فموي فإنَّه سيُنقص الوزن و الـ BMI.
كان متوسط خسارة الوزن عند تناول الميتفورمين وحده يعادل 3 كغ بالسنة. وعند تناول مانع الحمل الفموي لوحده فزاد الوزن بمقدار 1.2 كغ. ولكن عند تناول الميتفورمين بالتزامن مع مانع الحمل الفموي أدى ذلك لانقاص الوزن بمقدار 1.9 كغ. وحصلت حالة اغماء وحيدة نتيجة للغثيان في مجموعة الميتفورمين لوحده، ولم يتم تسجيل أي عرض جانبي آخر.
تم القيام باستطلاع تضمّن 12 تجربة عشوائية مضبوطة لنساء تعانين من الـ PCOS، فنجح الميتفورمين بإنقاص الـ BMI لديهن بشكلٍ واضحٍ بالمقارنة مع الدواء الوهمي placebo. ومع ذلك العديد من الدراسات لا يتم اعتبارها موثوقة بشكلٍ كاف، ولذلك يجب أن يتم اعطاؤه بحذر مع مراقبة للحالة الفردية للمريض.
كان العرض الأكثر شيوعاً لدى المرضى المتناولين للميتفورمين هو المشاكل الهضمية. وانخفضت شدة الأعراض عندما تمَّ تخفيض جرعة الميتفورمين المتناولة. ولم يتم التركيز على أثر تخفيض السكر بشكل خاص.
الخلاصة: يمتلك الميتفورمين تأثير خافض للوزن بشكل متوسط لدى مرضى السُّكَّري من النمط 2، وبشكل محتمل لدى البدينين ذوي مستويات غلوكوز طبيعية.
ما زال يلزمنا دراسات وتجارب سريرية مضبوطة لتقصي جرعة ومدة العلاج بالميتفورمين، والآثار الضّارة المحتمل حدوثها في حال الاستعمال طويل الأمد لهذا الدواء لدى الأشخاص غير المصابين بـداء السكري من النمط 2.
كما يجب إعلام المريض أن فقدانه الوزن باستخدام الميتفورمين لن يكون بشكل دراماتيكي، وبالتالي يجب أن يترافق تناوله مع تعديلاتٍ وتحسيناتٍ لنمط الحياة، حتى يتم الحصول على الفائدة المرجوّة. ولا يمكننا في النهاية أن نشجع على أخذ الميتفورمين كدواء لانقاص الوزن دون المراقبة المستمرة من قبل الطبيب المختص.
المصادر: