الفيزياء والفلك > فيزياء
الكشفُ عن خمسةِ جسيماتٍ جديدةٍ في مصادمِ الهادروناتِ الكبير
أعلنَ الباحثونَ في مصادمِ الجزيئاتِ الكبيرِ في سيرن عن اكتشافٍ استثنائيٍّ، وهو عبارةٌ عن نظامٍ تحتِ ذرّيٍّ جديدٍ مؤلّفٍ من خمسةِ جسيمات دفعةً واحدة.
ويرى الباحثون أنّ هذه الاكتشافاتِ ستحسّنُ من فهمنا للميكانيك الكمومي بشكلٍ عامّ، كما ستحسّنُ فهمنا لما حدث في اللحظاتِ الأولى بعيدَ الانفجارِ العظيم.
مصادمُ الهادروناتِ الكبيرِ الموجودِ في سيرن، هو أقوى وأكبرُ مسرّعِ جسيماتٍ بُنيَ يوماً. يبلغُ محيطهُ 27 كلم، ويحوي على وشائعَ ومغانطَ كهربائيّةٍ من شأنها أن تسرّعَ الجسيماتِ لسرعةٍ قريبةٍ جدّاً من سرعة الضّوء، وتوجيهها للاصطدامِ مع بعضها البعضِ في محاولةٍ لمحاكاةِ ما جرى لحظة الانفجارِ العظيم، وهي اللحظةُ الّتي بدأ فيها الكونُ حسب أفضلِ النّظرياتِ المتوفّرةِ حالياً.
يضمُّ هذا المشروعُ عدداً كبيراً جداً من العلماءِ والمهندسينَ يصلُ إلى 10000 يعملونَ لتحسينِ فهمنا للكون، فَهُمْ من اكتشفَ جسيم هيغز (راجع مقالتنا عنه)، وهم من أثبت عدم وجود خوارق الطبيعة، كما أنّهم أعلنوا مؤخّراً رصدَ ما يُمكنُ أن يقودَ إلى اكتشافِ جسيماتٍ تحت ذريّةٍ جديدة، وهو كشفٌ مذهلٌ لاسيما في ظلِّ ارتفاعِ الدّلالةِ الإحصائيّةِ المرافقةِ للنّتائجِ التّجريبيّةِ.
حُدّدت هذهِ الجُسيماتُ الخمسةُ على أنّها حالاتٌ مُثارةٌ من جسيمٍ يُسمى أوميغا-سي-صفر والّذي يتكوّن بدوره من ثلاثة كواركات. وقد سميّت هذه الجسيماتُ وفقاً للاصطلاحِ المعياريّ بالأسماء: Ωc(3000)، Ωc(3050)، Ωc(3066)، Ωc(3090)، Ωc(3119) ويحاولُ الباحثونَ الآن التعرّفَ على هويّةِ تلكَ الجسيماتِ عبرَ تحديدِ أعدادها الكموميّة، وسيكونُ لذلك أثرٌ كبيرٌ في الأبحاثِ النّظريّةِ المُرافقةِ للرّصدِ التّجريبيّ للكشفِ عن التّرابطِ بين الكواركاتِ والحالاتِ متعدّدةِ الكواركات، ممّا يعزّزُ من فهمنا لنظريّةِ الكمّ والكونِ بشكلٍ عام. ويؤكّدُ الباحثون على أنّ هذه هي البدايةُ فقط.
إنّ النّتائجَ الّتي حقّقها سيرن ويُحقّقها اليومَ، ما هي إلا ثمرةَ تعاونٍ بنّاءٍ بين العديدِ من البلدانِ حولَ العالم، ممّا يؤكّد على أهميّةِ ذلكَ التّعاونِ في مجال الاكتشافاتِ العلميّةِ، لاسيما في مشاريعَ بالغةِ التّكلفةِ كما هو الحالُ في مصادم الهادرونات الكبير.
ومن المتوقّعِ أن تحملَ الأشهرَ والسنواتِ القادمةِ مزيداً من الاكتشافاتِ الّتي تُعزز فهمنا للكونِ بشكلٍ غيرِ مسبوق، من خلال الكشفِ عن جسيماتٍ جديدةٍ قد تقودُ لفهمٍ أعمقَ لبعضِ الألغاز الكونيّةِ؛ كوجودِ أبعادٍ موازيةٍ، والمادّةِ المُظلمةِ، وأصلِ الكونِ.