التعليم واللغات > اللغويات
التواصل اللفظي مع الكلاب: لِمَ يُستخدَم؟ ولماذا يجتذب اهتمام الكلاب؟
يستخدمُ البالغون عادةً عند التحدثِ إلى صغارهم نظاماً خطابياً خاصاً يختلفُ عن ذاك الموجهِ للبالغين، ويتسمُ بنبرةٍ أعلى وأبطأ وأكثر تغيراً، إضافة إلى حروف صوتية أوضح. ويلعبُ هذا الخطابُ دوراً إيجابياً في إشراكِ الأطفالِ في الحديث ِ، وشد انتباههم، وتسهيل تفاعلهم الاجتماعي. كما يبدو بمثابةِ وسيلةِ اتصالٍ تطورت لتواكبَ التطور الإدراكي للطفل والتي قد تعتمد آليات مباشرة ثابتة وديناميكية.
ولأن الكلابَ كانت على علاقةٍ طيبةٍ ووثيقةٍ مع البشر منذ آلاف السنين، انعكس هذا التقاربُ الحميمِ في كثير من جوانب التعاطف والتفاهم المتبادل. فأكثر من 80% من أصحاب الحيوانات الأليفة يشيرون إلى أنفسهم بـ "آباء الحيوانات الأليفة"، كما تُظهرُ النساءُ أنماطاً متماثلة من النشاطِ الدماغي عند عرضِ صورٍلكلابها الأليفة أو لأطفالهم على حد سواء. فالعديدُ من الكلابِ تستجيب لإشاراتِ الإنسان الصوتيةِ أو الإيمائيةِ وحتى للمشاعر. وعلى الرغم من افتقارِ الكلاب لمَلَكة الكلام، إلا أن الإنسان يغير من أنماطه الكلامية عند مخاطبة الكلاب فيما يعرف بـ "الخطاب الموجه للحيوانات الأليفة" والذي يتشارك مع الخطاب الموجه للأطفال بخصائص هيكلية مماثلة.
وعلى الرغمِ من الاهتمامِ الواسع في فهمِ طبيعة علاقة البشر والكلاب، تبقى العوامل المباشرة والنهائية التي تُشجع الإنسان على استخدام الخطاب الموجه للحيوانات الأليفة غير معروفة، وقد يكون للتوازي الكبير بين الخطاب الموجه للأطفال والخطاب الموجه للحيوانات الأليفة أصولاً مختلفة. وقد يشكل الخطاب الموجه للحيوانات الأليفة استجابة عفوية من المتكلم للخصائص الطفولية التي يتشاركها حديثو الولادة (فرضية مخطط الطفل) أو أنه قد يمثل محاولة المتكلم جذب كائن غير قادر على التكلم في التفاعل (فرضية التعلم). وتشير فرضية مخطط الطفل إلى حصر استخدام البشر لخطاب الحيوانات الأليفة في حالة توجيه الخطاب للجراء الصغيرة فقط. في حين تخالفها فرضية التعلم قائلة إن على المتحدث متابعة استخدام الخطاب الموجه للكلاب مع الكلاب البالغة لعدم تطويرها لأي مقدرة لغوية. وللتحقق من أن عمر الكلب المتلقي يلعب دوراً في تنظيم خصائص واستخدام الخطاب الموجه للحيوانات الأليفة، أجريت دراسة تقيم القيمة الوظيفية للخطاب الموجه للحيوانات الأليفة عن طريق اختبار مدى فعالية خطاب الحيوانات الأليفة في شد انتباه الكلب أكثر من استعمال خطاب البشر البالغين عند مخاطبة الكلب.
جرى الجزء الأول من التجربة باختيار 90 صورة من الأنترنت لكلاب، منها 30 صورة لجراء لا يتجاوز عمرها السنة، و30 صورة أخرى لكلاب تترواح أعمارها بين عام وثمانية أعوام، و30 صورة أيضاً لكلاب عجوزة تزيد أعمارها عن الثماني سنوات. وتمّ تسجيل خطاب 30 امرأة تتراوح أعمارهن بين 17-55 عند رؤيتهن صورة كلب من كل مجموعة. وتم أيضاً تسجيل أصوات نصف المشاركين قبل رؤية الصور، وأصوات النصف الآخر بعد رؤية الصور. فتشارك جميع المشاركين سواء ممن رأوا صور مجموعة الكلاب أو ممن لم يروها باستخدام مجموعة واحدة من العبارات كـَ: مرحباً أيها اللطيف! مرحباً أيها الجميل! ما ألطفه! ما أجمله! يالظرافته!
فكان لكل مشارك بالتالي أربعة تسجيلات، سجل فيها خطابه الموجه للجرو وللكلب البالغ وللكب العجوز وخطابه العادي. ومن تمت دراسة هذه التسجيلات كتحليل النبرة والصوت ومدة التسجيل وغيرها.
أما الجزء الثاني من التجربة فقد تم تشغيل تسجيلات صوتية بشرية لكلاب منزلية لاختبار فعالية الخطاب الموجه للجراء في شد انتباه الكلب أكثر من الخطاب العادي الذي يستعمله البشر ولاختبار ارتباط هذه الفعالية بعمر الكلب وفيما إذا كان تأثير خطاب الجراء أكبر من خطاب الكلب البالغ.
وتوصلت الدراسة إلى ان البشر يستخدمون الخطاب الموجه للكلاب في مخاطبة الكلاب بغض النظر عن أعمارها، وأن الجراء فقط تستجيب بفعالية أكبر عند سماعها للخطاب الموجه للكلاب. كما بينت الدراسة دور نغمة الخطاب كعامل مهم في حث الاستجابة السلوكية للجراء.
المصدر: