الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية
خطواتٌ جديةٌ للحدّ من الصوديوم في الأطعمة المصنعة
يمكن لاستهلاكِ الفردِ العادي من الصوديوم أن يبلغَ الـ 3400 ميلي غرامٍ بكل سهولة، أي ما يُقارب مقدارَ 1.5 ملعقةٍ صغيرةٍ في اليومِ الواحد، ومع ذلك فإنّ المصدرَ الأساسيّ لمعظمِ الصوديوم ليس المِملَحة التي تتوسّط مائدةَ العشاء في منازلِنا، بل الأطعمةَ المصنّعةَ والجاهزةَ كالمخبوزاتِ ورقائقِ البسكويتؤ المملحة والجبنِ وحتى بعض المنتجاتِ التي لا يميل طعمُها إلى الملوحة كرقائقِ الفطور.
وقد أحدَثت إدارةُ الغذاءِ والدواء FDA قفزةً نوعيةً باتجاهِ استهدافِ الأطعمةِ التي تُعد مصدراً للكمياتِ المفرطة من الملح، مطلقةً مخططاً تمهيدياً بالأهدافِ الطوعيةِ للحدِّ من الصوديوم يشملُ أكثرَ من 150 مجموعةً من الأطعمةِ المصنّعةِ والجاهزةِ والمغلّفة.
يتسبّبُ الصوديوم غذائيُ المصدرِ بارتفاعِ ضغط الدم، والعديدِ من أمراضِ القلب والسكتات الدماغية، وبحسبِ الدكتور Frank Sacks فإنّ إرشاداتِ الـ FDA لصُنّاعِ الأغذيةِ لخفضِ محتوى الصوديوم في مصادرِ الغذاء الأساسية في النظام الغذائي تُعد خطوةً هائلةً للأمامِ باتجاه خفضِ معدّل الإصابةِ بالأزمات القلبية والسكتات الدماغية. وتوضّحُ الإرشادات الصادرة عن الـ FDA للمرةِ الأولى استراتيجياتٍ قصيرةَ وطويلةَ المدى لضبطِ عملياتِ التصنيع الغذائيّ ووضعِ أهدافٍ نحو محتوى أقلَ من الصوديوم في مجموعاتٍ محددةٍ من الأغذية التي تعتبرُ مصدراً أساسياً للصوديوم.
وفي دراسةٍ تجريبيةٍ للمناهج المتبعة لوقفِ ارتفاعِ ضغطِ الدم الناجمِ عن الصوديوم، شغلَ الدكتور Sacks منصبَ الباحث الرئيسيّ، وعملَ مع فريقِه على اختبارِ تأثيرِ مدخولِ الصوديوم على ضغطِ الدم بصرامةٍ شديدة، وخَلُصت الدراسةُ إلى أنّ الرابط قويٌ وسببيُّ التأثير. وقد ساهمَت هذه الدراسةُ بالكثير من الأسسِ العلمية المتّبعةِ عند وضعِ التوجيهات التغذوية للأمريكيين،وأوصَت بحدٍ أقصى يبلغُ 2300 ميلي غرامٍ من الملح (أي ما يُعادل ملعقةً صغيرةً واحدة).
وعلى الرغمِ من ذلك، فإن المخاطرَ الصحيةَ المرتبطةَ باستهلاكِ الملح شديدةُ الانتشار، الأمرُ الذي دعا خبراءَ التغذية في كلٍ من كليةِ الصحة العامة بجامعة هارفرد، وجمعية القلب الأمريكية، ومركز العلوم في المصلحة العامة إلى حثّ الحكومة الأمريكية على خفضِ الحدّ الأقصى المسموحِ به إلى 1500 ميلي غرامٍ من الصوديوم في اليوم (ما يعادل ثلثي ملعقةٍ صغيرةٍ من الملح)، علماً أنّ بعض الأبحاث التي أُجريَت في الآونةِ الأخيرة دعت إلى التساؤلِ حولَ هذه التوجيهات، حتى ذهبَ بعضُها إلى استنتاجات بعيدة بقولِهم أنّ نظاماً غذائياً قليلَ المحتوى من الصوديوم قد يزيدُ من خطرِ الإصابة بأمراض القلب!
يُذكر أن توجيهات الـ FDA قد لاقَت قبولاً كبيراً نتيجة تحقيقها رابطاً علمياً قويّاً بين مدخولِ الصوديوم والنوبات القلبية والسكتات الدماغية، فضلاً عن أهميّتِها في ضحدِ عدة دراساتٍ حديثةٍ وجدت ارتفاعاً في معدلاتِ الوفاة في حال انخفاضِ المدخول اليومي من الصوديوم، علماً أن مؤلّفي هذه الدراساتِ قد أوضحوا أن هذه الملاحظاتِ ناتجةٌ عن مشاكلَ منهجيةٍ خطيرة، وليست ذاتَ علاقةٍ بين المُسببِ والأثرِ.
ما زالت المستويات المنخفضةُ المطلوبةُ اختياريةً لمصنّعي الأغذية، إلّا أنّ منظمةَ الغذاءِ والدواء FDA تعتزمُ إتمام الجهودِ الحالية لمصنعي الأغذية والمطاعم ومزوّدي الخدماتِ الغذائية لتحقيق هذه الأهداف والسماحِ لكل من الـ FDA والمُصنّعين بامتلاكِ نظامٍ مشتركٍ لتعريفِ وقياسِ عملية خفضِ محتوى الصوديوم في الأطعمة.
وعلينا أن نتذكر بأنّ تقليلَ المحتوى من الصوديوم لا يعني بالضرورةِ فقدانَ الطعم، ذلك لأنّ براعمَ التذوق لدينا ليست حساسةً كفايةً لملاحظةِ التغيرات الطفيفة في كمية الملح، إذ يصل الانخفاضُ غيرُ المحسوسِ في نسبةِ الملح أحياناً إلى 30%، ممّا يعني أنّ باستطاعةِ مصنّعي الأغذية والطهاةِ في المطاعم أن يُخفّضوا كمياتِهِ بشكلٍ ملحوظ بالترافق مع أدنى تأثيرٍ ممكنٍ على المذاق. ويبقى الطهي المنزلي أفضلَ الطرقِ لخفض مدخولِكَ من الصوديوم، مع التركيزِ على استخدامِ المكوناتِ الطازجةِ وغير المُصنّعةِ للتحكمِ بكميةِ الملح في الوجبة.
المصدر: هنا