الفيزياء والفلك > أساسيات الرصد الفلكي
أساسيات الرصد الفلكي_ الجزء السادس: المناظير وأهدافها لفصل الشّتاء
تُعد المناظير إحدى أكثر الأدوات البصريّة عمليّة في مجال المُراقبة والرصد، وذلك لحجمها الصّغير وسهولة حملها ووزنها الخفيف، علاوةً على ذلك فهي تتوافَرُ بأسعارٍ رخيصةٍ وتؤمن حقل رؤيةٍ كبيرٍ جداً. بالإضافة إلى ذلك فهي تُتيح للّمُستخدم القدرة على استعمالها في وضعياتٍ مُريحةٍ كالجلوس أو الاستلقاء. تختلف قدرة المناظير على التّكبير وعلى رؤية الأجرام السّماويّة باختلاف فتحة العدسة الأماميّة. إليكم هذا الدّليل الصّغير ليُطلعكم على قُدرات المنظار الخاص بكم.
في مكان ما على المنظار ستجدون عدداً من الأرقام تظهر بالشّكل التّالي المُوضح في الصّورة أدناه.
الأرقام الأولى (10×50) تُشير إلى قدرة المنظار على التّكبير. فالعشرةُ تعني أن المنظار قادرٌ على تكبير الصّورة عشر مراتٍ من الصّورة المُشاهدةِ بالعين المُجرّدة. والخمسين تعني أن فتحة العدسة الأماميّة للّمنظار لها قطرٌ قدره خمسين ميلمتراً. أما الأرقام الباقيّة فهي تتعلق بحقل الرؤيّة.
ما الذي يمكننا رؤيته عبر المنظار؟ قد تتفاجأ عزيزي القارئ بعدد الأهداف التّي يُمكن لك رؤيتها ببساطةٍ عبر منظارك. دعونا نبدأ بما يمكننا رؤيته في فصل الشّتاء.
عنقود الثُريا Pleiades Star Cluster M45:
لإيجاد عنقود الثُريا، علينا في البدايّة إيجاد أحد النّجوم اللّامعة جداً في السّماء، ألا وهو الدّبران (Aldebaran). ننطلق من كوكبة الجبار، وتحديداً من النّجوم الثّلاثة التّي تصطفُّ بجانب بعضها البعض، والآن نرسمُ قوساً وهمياً باتّجاه وسط السّماء يمتدُ مسافة اثنان وعشرين درجةً تقريباً. سنصل عندها إلى نجمٍ لامعٍ، إذا دققنا النّظر بهذا النّجم سنجد أن لونه أصفر برتقالي. هذا النّجم هو نجم الدّبران. والآن نرسم خطاً باتّجاه الشّرق (نحو اليمين) من النّجم بطولِ ثلاثةَ عشر درجةٍ تقريباً. عندها سنصل إلى عددٍ من النّجوم المُتداخلة في بعضها البعض، والتّي تُشبه بشكلها العربة. تلك النّجوم هي عنقود الثريا. إليكم الصّورة التّاليّة التّي توضح لكم كيفيّة الوصول إلى العنقود.
الهقعة Meissa λ Ori:
الهقعة هو نظامٌ نجميٌ ثنائيّ، يظهر للّعين المُجرّدة على أنّه نجمٌ واحد. ولكن، عند النّظر إليه بجهازٍ بصريٍّ بسيطٍ كالمنظار مثلاً، فسيبدو لنا شكله الحقيقيّ.
لإيجاد الهقعة ننطلق من كوكبة الجبار. وتحديداً من سيف الجبار. نرسم خطاً على امتداد نجوم سيف الجبار وباتّجاه وسط السّماء، على الخط أن يمتد تقريباً مسافة خمسة عشر درجة. لنتأكد أنّنا بالاتّجاه الصّحيح، بعد بضعة درجات سوف نجد على يمين ويسار الخط نجمين ساطعين هما المرزم (Bellatrix) ومنكب الجوزاء(Beteigeuze). عند نهاية الخط سنصل إلى نجم خافتٍ ولكنه الألمع في تلك المنطقة الصّغيرة. ذلك النّجم الخافت هو هدفنا المنشود، إليكم الصّورة التّاليّة التّي توضّح كيف يمكننا أن نصل إلى نجم الهقعة.
العنقود النّجميّ NGC 1647:
لنصل إلى العنقود ننطلق من نجم الدّبران. والآن نتجه باتّجاه الأعلى ثلاث درجاتٍ. العنقود ليس مرئياً للّعين المُجرّدة ولكن لا يوجد أيُّ مشكلةٍ للّمنظار بإيجاد ذلك العنقود. الصّورة التّاليّة توضّح مكان العنقود.
العنقود النّجميّ NGC 1746:
لنصل إلى العنقود ننطلق من نجم الدّبران. والآن نتجه باتّجاه الأعلى تسعةَ درجاتٍ. العنقود ليس مرئياً للّعين المُجرّدة ولكن لا يوجد أيُّ مشكلةٍ للّمنظار بإيجاد ذلك العنقود. الصّورة التّاليّة توضح مكان العنقود.
سديم الجبار M42 Orion Nebula:
سديم الجبار سديمٌ جميلٌ جداً. يُسمى احياناً بملكة الشّتاء. السّديم سهل الإيجاد كل ما علينا فعله هو توجيه عيوننا إلى كوكبة الجبار وتحديداً إلى سيف الجبار. السّديم هو النّجم الموجود في مُنتصف السّيف. الصّورة التّاليّة توضح مكان السّديم.
عنقودٌ نجميٌّ مدموجٌ مع سديم الوردة Star Cluster with Rosetta Nebula NGC 2244:
نجوم العنقود مرئيّة للّمناظير بسهولة ولكن السّديم خافتٌ جداً يتطلب عيناً ماهرةً أو مقراباً قوياً. إيجاد السّديم يكون بتتبّع الخطوات التّاليّة. ننطلق من كوكبة الجبار وتحديداً من النّجم اللّامع منكب الجوزاء ((Beteigeuze. باتّجاه الغرب (يسار النّجم) نرسمُ خطاً وهمياً يمتد لمسافة ثمانِ درجاتٍ تقريباً. السّديم والعنقود ليسا مرئيان للّعين المُجرّدة. الصّورة التّاليّة توضح الطريق المُتبع لإيجاد السّديم والعنقود.
العنقود النّجميّ M41:
العنقود سهل الإيجاد. كلُّ ما علينا فعله هو إيجاد الشّعرى اليمانيّة (باتباع تعليمات المقال السّابق). ومن ثم رسمِ خطٍ وهميٍ نحو الأسفل لمسافةِ ثلاثِ درجاتٍ ونصف تقريباً. سنصل عندها إلى العنقود. العنقود مرئيٌّ للّعين المُجرّدة ولكنه خافتٌ جداً بالنّسبة لها. لذا ننصحكم بتوجيه المنظار وعدم محاولة إيجاد العنقود بالعين المُجرّدة. الصّورة التّاليّة توضح كيفيّة إيجاد العنقود.
العنقودان النّجميّان M47 وM46:
العنقودان يقعان بجانب بعضهما البعض، ويشكلان مشهداً جميلاً لأصحاب المناظير. فالمقاريب بسبب قدرتها العاليّة على التّكبير ليست قادرةٍ على إظهار العنقودان معاً في صورةٍ واحدةٍ. إيجاد العنقودان يكون كما يلي: نجد نجم الشّعرى اليمانيّة ومن ثم نرسم خطاً وهمياً باتّجاه غرب النّجم (أي إلى اليسار من النّجم) ليمتد على مسافةِ اثنا عشر درجةٍ تقريباً. عندها سنصل إلى نقطةٍ تقع بين العنقودين تماماً. ومن تلك النّقطة سنتمكن من مشاهدة العنقودان سويّاً. إليكم الصّورة التّاليّة التّي توضح ما عنيناه سابقاً.
العنقود النّجميّ M35:
يُعتبر هذا العنقود النّجميّ أحد أجمل العناقيد النّجميّة. إذ أنه غنيٌّ بالنّجوم. وكما أنّ المُراقبين بالمنظار سيحصلون على هديّة إضافيّة عند إيجادهم هذا الهدف. إذ أن العنقود يقع بالقرب من سحابةٍ غازيّةٍ تُمتع النّاظرين إليها. إيجاد العنقود أمرٌ صعبٌ قليلاً ولكن باتباع التّعليمات الصّحيحة فسيصبح الأمر سهلاً. في البدايّة علينا إيجاد بعض النّجوم الجديدة. نبدأ بإيجاد نجم رأس التّوأم المؤخر(Pollux). ننطلق من نجم الدّبران ونرسم خطاً باتّجاه الغرب ووسط السّماء، الخط يجب أن يمتد على مسافة أربعةٍ وأربعين درجةٍ ونصف الدّرجة. عندها سنصل إلى نجمٍ أبيضٍ لامع. لنعرف أنّنا في المكان الصّحيح، ننظر في محيط النّجم. سنجد نجماً آخر لامعاً. النّجم الآخر هو رأس التّوأم المُقدم(Castor). الفرق بين النّجمين أنّ رأس التّوأم المُؤخر ألمع من رأس التّوأم المُقدم. كما في الشّكل التّالي:
والآن علينا إيجاد نجمِ العيوق(Capellaa). نجم العيوق سهل الإيجاد، ننطلق من نجم الدّبران ونرسم خطاً باتّجاه وسط السّماء، الخط يجب أن يمتد مسافة ثلاثين درجةً. سنصل إلى نجمٍ ساطعٍ جداً، ألمع من نجم الدّبران ولكنه أخفت من الشّعرى اليمانيّة. ذلك النّجم هو نجم العيوق. في الواقع يُعتقد أن نجم العيوق هو نظامٌ نجميٌ ثنائيٌّ مُزدوج، أي نظامٌ ذو أربعة نجوم. الصّورة التّاليّة توضح كيفيّة الوصول إلى نجم العيوق.
والآن أصبحنا جاهزين لإيجاد العنقود النّجميّ M35. نبدأ برسمِ خطٍ وهميٍ يصل النّجمين (الدّبران ورأس التّوأم المُؤخر) ومن ثم نصل خطاً يصل النّجمين (العيوق والشّعرى اليمانيّة). والآن نوجّه منظارنا باتّجاه نقطة التّقاطع وسيكون العنقود في تلك المنطقة. إليكم الصّورة التّاليّة:
العناقيد النّجميّة في منطقة ذات الكرسيّ:
تُعد كوكبة ذات الكرسيّ (لإيجاد الكوكبة، راجع مقال نقاط البدايّة) من أغنى المناطق بالعناقيد النّجميّة. العناقيد الموجودة في تلك المنطقة هي:
NGC 869 و NGC 884
NGC 457
Stock 2
NGC 663
M 103
الصّورة التّاليّة توضح أماكن العناقيد في تلك المنطقة:
سنكتفي بهذا العدد من الأهداف لفصل الشّتاء. مع العلم أن هناك عدداً كبيراً جداً من الأهداف الممكن رؤيتها. سنذكر في مقالاتٍ لاحقةٍ من السّلسلة أهدافاً أُخرى لمشاهدتها في فصولٍ أخرى.
المصادر:
Night Watch by Trence Dickinson
Stellarium Data Base