طريق المدرسة أكثر تلوثاً عند الذهاب إليها!

استمع على ساوندكلاود 🎧

بيّن التقرير الأخير لمنظمة الصّحة العالمية WHO وفاة 570،000 طفلاً تحت سن الخامسة سنوياً نتيجة أمراض تنفسية، كالالتهاب الرئوي، والتي تعزى إلى الهواء الملوث داخل المنزل وخارجه، وإلى التدخين السلبي (التدخين غير المباشر).

وأظهرت دراسات قديمة أن الأطفال الصغار أكثر حساسيّة، وتأثراً بتلوث الهواء من البالغين، حيث تكون أجهزة أجسامهم في طور النمو وغير مكتملة بعد، وأوزانهم أخفّ.

وتأكيداً على ذلك، توصّلت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة سوري Surrey في المملكة المتحدة، إلى أنّ الأطفال الصغار في عرباتهم يتعرّضون وهم في طريقهم إلى المدرسة صباحاً برفقة ذويهم لمقدارٍ من التلوث أعلى بكثير مما يتعرضون له أثناء عودتهم منها.

هدفت الدراسة إلى تقييم تعرض الأطفال الصغار في عرباتهم للجسيمات الدقيقة (الدقائقيات)، والجسيمات المتناهية في الصغر على طول طريقهم إلى الحضانة أو المدرسة برفقة ذويهم، وعودتهم منها، إضافة إلى دراسة الفرق في مستويات التعرض بينهم وبين ذويهم.

لأجل ذلك، ركّب الباحثون أجهزة قياس لتلوث الهواء ذات مواصفات عالية ضمن عربات أطفال، وقاسوا التراكيز الكتلية للدقائقيات (PM1، وPM2.5)، والتراكيز العددية للجسيمات المتناهية في الصغر (PNC; 0.2–1 μm)، خلال 64 رحلة قطعوا فيها ذهاباً وإياباً مساراً طوله 2.7 كم، ويحتوي على أربعة تقاطعات مرورية، وموقف للحافلات، وذلك أثناء ساعات المغادرة إلى المدرسة صباحاً، والعودة منها بعد الظهر.

أظهرت نتائج الدراسة أن تراكيز الدقائقيات، والجسيمات المتناهية في الصغر، كانت في ساعات الصباح أثناء ذهاب الأطفال إلى المدرسة أعلى منها في ساعات بعد الظهر أثناء عودة الأطفال من المدرسة، وذلك بمقدار 66% للدقائقيات PM1، و29% للدقائقيات PM2.5، و31% للجسيمات المتناهية في الصغر، وهو ما يعكس تأثير الانبعاثات المرورية خلال ساعات الذروة صباحاً.

وعلى العكس كانت تراكيز الجسيمات الخشنة (PM2.5-10) خلال ساعات بعد الظهر أعلى منها في ساعات الصباح بنسبة 70%، بسبب رطوبة الطريق التي يسببها الندى، والتي ترسب هذه الجسيمات ولا تسمح لها بالتعليق في الهواء حتى ساعات بعد الظهر حين يصبح الطريق جافاً.

حددت الدراسة النقاط الساخنة الأكثر تلوثاً على طول الطريق، والتي كانت التقاطعات المرورية، وبشكل أقل مواقف الحافلات، فقد كانت تراكيز الدقائقيات في هذه النقاط أعلى في ساعات الصباح وبعد الظهر بمقدار (10-19) % من باقي أجزاء المسار المدروس، وكذلك كانت تراكيز الجسيمات المتناهية في الصغر فيها أعلى في ساعات الصباح وبعد الظهر بمقدار يزيد عن 62%.

كما أظهرت التحاليل أن العناصر السائدة في الملوثات كانت الكلور Cl، والصوديوم Na الناتجان عن عمليات إزالة الجليد عن الطريق خلال فترة القياس، وكذلك الحديد Fe الناتج عن الانبعاثات غير العادمة من احتكاك المكابح.

يتضح من نتائج الدراسة أن التراكيز الأعلى لكل من الدقائقيات، والجسيمات المتناهية في الصغر تكون خلال ساعات الذروة صباحاً، خصوصاً عند التقاطعات المرورية، ومواقف الحافلات، والذين يشكلون الأماكن الأسوأ بالنسبة للأطفال حيث تزداد فرصة تعرضهم لتلوث الهواء.

يؤكد الباحثون ضرورة اتخاذ تدابير حماية فعالة أثناء نقل الأطفال في العربات، خصوصاً عند نقاط التلوث الساخنة، وذلك للحد من تعرضهم للتلوث، كاستخدام أغطية خاصة للعربات عند هذه النقاط، وكذلك حثّ الصناعيين على تطوير طرق مبتكرة لتنقية الهواء حول الأطفال ضمن عرباتهم الصغيرة.

الهوامش:

PMC: التركيز الكتلي للجسيمات Particle Mass Concentration، وهي طريقة لقياس تراكيز كلٍّ من الجسيمات الدقيقة (الدقائقيات) ذات الأقطار في المجال (0.25-32) ميكرو متر.

PNC: التركيز العددي للجسيمات Particle Number Concentration، وهي طريقة لقياس تراكيز الجسيمات المتناهية في الصغر Ultrafine Particles ذات الأقطار ضمن المجال (0.2-1) ميكرومتر، وتستخدم هذه الطريقة بسبب صغر كتلة الجسيمات المتناهية في الصغر مقارنة بكتلة الدقائقيات الأكبر حجماً.

المصادر:

هنا

هنا