التعليم واللغات > اللغويات
هل بإمكان التلفزيون تغيير لهجتك؟
تقدِّمُ دراسةٌ جديدةٌ أولَ دليلٍ عملي يُثبت أنَّ مشاهدةَ التلفزيون قد تساعدُنا على تغييرِ سماتٍ محددةٍ في لهجاتنا. ففي هذه الدراسة قامَ عددٌ من علماءِ اللغةِ من جامعاتٍ مختلفةٍ بالنظرِ في الأثر الذي تركهُ المسلسلُ التلفزيوني EastEnders على بعضٍ من مشاهديهِ في تغيير بعض من ملامح اللهجة الاسكتلندية . والمعروف أنَّ EastEnders مسلسلٌ بريطانيٌ طويلٌ من تأليف جوليا سميث وَ توني هولاند بدأ بثُّه على قناةِ BBC1 منذ عام 1985. ويتناولُ العملُ الحياةَ اليوميةَ لسكانِ (ميدان ألبرت) المنطقة الشرقية في لندن من خلال عرضِ القصص والمواقف التي يواجهونها يومياً, وتدورُ الأحداثُ منذُ فترةِ الثمانينات وحتى وقتنا الحالي.
تبيّنُ الدراسةُ أنَّ البرامجَ التي نشاهدها على شاشاتِ التلفزيون يمكن أن تساعدَ على حدوثِ تغيراتٍ سريعةٍ في بعضِ سماتِ اللهجةِ والتي تقعُ أيضاً دون مستوى الإدراك الواعي. وقد كان محورُ هذه الدراسة على وجه الخصوصِ كيف تقومُ بعض السماتِ اللغويةِ الموجودة في لهجة كوكني Cockney dialect البريطانية بالدخول التدريجي في لهجةِ Glaswegian الاسكتلندية.
وجدَ الباحثون سمتين خاصتين بالنطقِ ترتبطان عادةً باللغةِ الإنجليزيةِ البريطانيةِ على وجهِ التحديدِ وقد أصبحتا واضحتين بشكلٍ متزايدٍ بين الناس الذين يتحدثون لهجةَ Glaswegian الاسكتلندية و يشاهدون برنامجَ EastEnders بانتظامٍ. فعلى الرغم من أن هذه الميول والتأثر كان واضحاً أيضاً لدى الأشخاص الذين كانوا على تواصل مع أصدقاءٍ أو أفراد من العائلة من القاطنين في لندن، إلا أنَّه كان هناك تأثيرٌ أقوى بالنسبة للأشخاصِ الذين كانوا من المعجبين بشخصياتِ المسلسلِ والمتابعين لأحداثهِ.
فكانت السمات الخاصة المعنية التي تبيّنَها الباحثون هي استخدام الصوت [f] بدل \th\ في كلمات مثل "think" وَ "tooth "، أيضا استخدام حروف العلة كالصوت المستخدم في كلمة “good” بدل \l\ في كلمات مثل " milk" وَ "people". وأظهرت النتائجُ وجودَ علاقةٍ وطيدةٍ بين استخدامِ هذه الميزات والارتباط العاطفي والنفسي القويِّ بين المشاهدين وشخصياتِ البرنامج.
ومع ذلك، فقد خلُصتِ الدراسةُ أيضاً إلى أنَّ مشاهدةِ التلفزيون فقط والتعرضَ للهجةٍ أو اللغةِ من خلاله ليس كافياً في إحداثِ التغييرِ. فيحتاجُ تغييرُ أسلوب كلام شخصٍ ما إلى مشاهدةِ البرنامجِ المؤثِّر بانتظامٍ علاوةً عن الانخراطِ عاطفيا مع الشخصياتِ.
يحذّرُ الفريقُ من أنّ التلفزيون وغيرهِ من أشكالِ وسائلِ الإعلامِ يشكّلُ واحداً فقط من العواملِ العديدةِ التي تساعدُ على تسريعِ تغييرِ اللهجةِ. ويعتبرُ التفاعلُ الاجتماعي بين الناسِ من العواملِ الأقوى في إحداثِ التغيير في اللهجةِ. ويختمُ الباحثون: "نحن لا ندركُ الآلياتِ الكامنةَ وراء هذه التغييرات بشكلٍ صحيحٍّ، ولكننا نرى أن تأثيرَ وسائلِ الإعلام أضعفُ من تأثيرِ التفاعل الاجتماعي الفعلي. ولا زلنا بحاجةٍ إلى العديدِ من الدراساتِ من هذا النوعِ من أجلِ تقديرٍ صحيحٍ لتأثير ِالتلفزيون ووسائل الإعلام الأخرى على تغييرِ اللهجةِ".
المصدر:
هنا...