الغذاء والتغذية > التغذية والأمراض
جرعة عالية من فيتامين C يمكن أن تجعل من علاج السرطان أكثر فعاليّة
يمتلك الفيتامين C تاريخاً طويلاً في العلاجِ الطبيّ، فاستُخدِم في العامِ 1753 لدرءِ مرضِ الاسقربوط الذي كان شائعاً وقتَها بين البحّارة، ومنذ ذلكَ الحين سادَ اعتقادٌ بأنّ هذا الفيتامين فعّالٌ ضدَّ الفيروساتِ المسبّبة للإنفلونزا ونزلاتِ البرد. عاد الفيتامين Cإلى الاضواء في سبعينيّاتِ وثمانينيّاتِ القرنِ العشرين،عندما وضعَ العالمُ Linus Pauling الحائزُ على جائزةِ نوبل بالتعاونِ مع الجرّاح Ewan Cameron أوّلَ فرضيّةٍ لفوائدِ الفيتامين C السريريّةِ في علاجِ المصابين بالسرطان. ومنذُ ذلك الوقت تهافَتت الدراساتُ المجراةُ على الحيوانات والمزارع الخلوية السرطانية والتي اقترَحت أنّ إعطاءَ تركيزٍ عالٍ من حمضِ الأسكوربيك Ascorbic Acid قد يمنعُ أو يُعالجُ السرطان.
وقد درَست العديدُ من الأبحاثِ الحديثةِ التأثيرَ المشتركَ للجرعاتِ العاليةِ من الفيتامين C بالترافقِ مع العلاجِ التقليديّ للسرطان. فأظهرت بعضُ هذه الأبحاثِ أنّ تطور المرضِ لدى الأشخاصِ الذيم تلَقَوْا العلاجَ المشتركَ كان أبطأ، في حين أشارَ آخرون إلى أنّ الآثارَ الجانبيّةَ للعلاجِ الكيميائيّ كانت أقلّ وضوحاً بين أولئكَ الذين تناولوا جرعاتٍ عاليةً من الفيتامين C أيضاً.
يُذكر أن إعطاءَ الجرعاتِ العاليةِ كان ناتِجاً عن قِصَر عمر النصف للفيتامين C في الجسم، إذ أنّه يُطرح خلال مدةٍ تُقاربُ الساعتين فقط، ممّا يتطلّب إعطاءَهُ عبر التسريب الوريديّ. وهو ما دفعَ فريقاً من العلماءِ إلى اعتمادِ جرعةٍ تزيد عن الجرعةِ اليوميةِ الموصى بها بحوالي 800 إلى 1000 ضعفٍ، وذلك لمرضى سرطانِ الدماغ والرئة.
بدأت التجربة بإعطاء الفيتامين C عبرَ الوريد إلى جانبِ العلاجِ الكيميائي التقليدي والعلاج الإشعاعي وذلك ثلاثَ مرّاتٍ في الأسبوع لمدةِ شهرين، ثم مرّتين في الأسبوع لمدةِ سبعةِ أشهر. وتبيّن بشكلٍ عام أن تحمُّلَ العلاجِ من قِبل المرضى كان جيّداً باستثناءِ القليلِ من التأثيراتِ الجانبيّةِ الثانويّة كجفافِ الفم أو ارتفاعٍ نادرٍ في ضغط الدم.
بيّنَت البياناتُ المُستنتَجةُ من المرحلةِ الأولى أنّ فترةَ حياةِ المرضى المصابين بالورم الأرومي الدبقيّ Glioblastoma والذين تلَقَوا جرعاتٍ عاليةً من فيتامين C قد امتدّت بين 18 إلى 22 شهراً مقارنةً مع المعدّلِ النموذجيّ للحياة والذي يتراوح عادةً بين 14 إلى 16 شهراً. ويرغبُ العلماءُ في المرحلةِ الثانيةِ من التجاربِ السريريّة ببحثِ تأثيرِ الفيتامين C على مرضى سرطانِ الرئة في مرحلتِهِ الرابعة والمزيدِ من سرطاناتِ الدماغ شديدة العدوانيّة.
ما هي إذاً آليّةُ عملِ الفيتامين C في إضعافِ الخلايا السرطانيّة؟
تتعلقُ الآليّةُ التي يمكن أن تُفسِّرَ الفعاليّةَ المحتملةَ للفيتامين C في علاجِ السرطان بعمليّةِ الاستقلابِ في الخلايا السرطانيّة نفسِها، إذ يتفاعلُ الفيتامين C مع نواتجِ الاستقلابِ في ميتاكوندريا الخلايا السرطانيّة، فينتُجُ بيروكسيدُ الهيدروجين وعددٌ من الجذورِ الحرّةِ المشتقّةِ من بيروكسيد الهيدروجين. ويعتقدُ العلماءُ أنّ هذهِ الجذورَ الحرّة تدفعُ الخلايا السرطانية إلى الموتِ عن طريقِ إِتلافِ الحمضِ النوويّ فيها، كما يُعتَقد أنّ الجذورَ الحرّة تعملُ على إضعافِ الخلايا السرطانية وجعلِها أكثرَ حساسيّةً للعلاجِ الكيميائيّ والإشعاعي.
وبحسبِ الدكتور Douglas Spitz المؤلّفِ المشاركِ في الدراسة، فإنّ هذه الدراسةَ تُعتبر مثالاً هاماً على دورِ المركّباتِ النشطة في تفاعلات الأكسدة وتأثيرِها في الخلايا السرطانية الذي يُمكن أن يُساعد سريريّاً في علاجِ السرطان.
للمزيد، يمكنكم قراءة مقالاتنا التالية
فيتامين C وسرطان الرأس والعنق هنا
الليكوبين ودور محتمل في منع سرطان الكلى بعد سن اليأس هنا
المصدر