الهندسة والآليات > التكنولوجيا
نوع جديد من المواد يمكنها نقل السوائل من نقطةٍ لأُخري دون الحاجة لأيَّةِ مضخات
يتطلَّبُ نقلُ سائلٍ من نقطةٍ A إلى نقطةٍ B إمّا سطحاً مائلاً عند الانتقالِ نحوَ الأسفلِ أو مِضخَّةٍ لتطبيقِ الضّغطِ من أجلِ الانتقالِ نحوَ الأعلى، لكن هل يمكن أن يتحرَّك السَّائلُ بعكسِ الجاذبيّةِ الأرضيّةِ بدونِ مضخّةٍ.
هناكَ نوعٌ جديدٌ من الموادِ والّتي تمَّ تطويرها مؤخراً لا تتطلَّبُ وجودَ سطحٍ مائلٍ عندَ الانتقالِ نحوَ الأسفلِ أو مِضخّةً لتطبيقِ الضّغطِ للانتقالِ نحو الأعلى حيثُ أنَّها تعتمدُ ِلنقلها في اتجاهٍ ما على هيكلٍ مُتَمَعّج(مُتَلوي) من الأليافِ المجهريّةِ، فاتحةً بذلك الطريقَ أمامَ فئةٍ من السّوائلِ قادرةً على تحريكِ نفسِها كالدّيدانِ من خلالِ قناة.
أخذ باحثون من جامعة برانديس في ماساتشوستس الفكرةَ من خلالِ التّدقيقِ في الطّبيعةِ. تتلَّخصُ هذه الفكرةُ بأنَّ الخصائصَ البيولوجيّةَ والميكانيكيّةَ لموادٍ تُدعى النَّبيبات الدَّقيقة "microtubules" يُمكنُ تطبيقها على خليطٍ لِجعلها تتحرَّكُ في اتّجاهٍ واحدٍ حول إناء.
أيُّ شخص قد شاهد الأميبا المجهريّة وهي تتمدَّدُ لِتسحبَ نفسها فَقد شاهد هذه المواد أثناء العمل.
تحتوي معظمُ الخلايا المُعقّدةِ، وحتّى الخلايا البكتيريّةِ على شبكةٍ مُجمّعةٍ من الأليافِ الدّقيقة والّتي تُدعى الهيكلَ الخلويَّ " cytoskeleton"، وهي المسؤولة عن إعطاء الخليّةِ شكلها ونقلِ الموادِ حولها كما أنّها تَلْتَوي وتنحني وتتقَلَّص وتتمدّد.
تتكوّنُ هذه الأليافُ من سلسلةٍ من البروتيناتِ تُدعى تيوبولين "tubulin"("البروتين المُكوِّنُ للنَّبيباتِ الخَلويّة") والّتي تَلْتَفُّ حولَ نفسِها مُكوّنَةً أسطوانةً ذات مقطعٍ يساوي حوالي 25 نانومتر.
في هذه الاختباراتِ استخدم الباحثون النّبيباتِ الدّقيقةِ الموجودةِ بداخلِ أعصابِ دِماغِ البقر.
إنّ كتلةً من الأليافِ قد تَكون مثل خيوط العنكبوتِ الرَطِبةِ. ولكنَّ الباحثونَ وجدوا أنَّه يمكنهم تحويلُ خليطٍ مائيٍّ من النبيبات الدّقيقةِ للبقرِ إلى مُحركاتٍ جزيئيّةٍ عن طريقِ إضافةِ اثنينِ من المكوِّناتِ الأخرى.
الأوّل كينيسين kinesin، وهو البروتينُ الّذي يرتبطُ بشكلٍ طبيعيٍّ بالنّبيبات الدّقيقة ويتحرَّكُ على طولِ امتدادِهِ في شكله الجُزيئيِّ المُتمايل.
والمكوِّن الآخر هو جُزيء أدينوزين ثلاثي الفوسفات (ATP) الّذي يحمل الطّاقة، والّذي يُوفِّرُ عادةً دُفعةً من القُدرةِ كلَّما منح واحدةٍ من الفوسفات الثّلاثيِّ الخاصِّ به للبروتينات مثل كينيسين.
وبِوضعهم معاً، وَجد الباحثون أنّ كينيسين يرتبطُ مع زوجٍ من النّبيباتِ الدّقيقةِ المَجْدولةِ مثلَ الدَّرجْ على السُّلَّم -عندما تُدفع بواسطة أدينوزين ثلاثي الفوسفات -ويسيروا في اتّجاهاتٍ مُتعاكسة.
وسُرعانَ ما استُبدل كلُّ كينيسين خرجَ من نهاية الأليافِ بآخرَ ُمتَّصلٍ مع الأليافِ الأخرى، مُحدثاً بذلك فوضى من الدّيدان المجهريّةِ المُتَلوية (المُتَمَعّجة).
تابع مقْطع الفيديو التّالي الّذي يُبيّنُ كيفيَّةَ انزلاقِ خيوطِ البروتينِ المُتَلويةِ ضدَّ بعضِها البعض بمساعدةِ البروتينِ كينيسين.
كان الشّيءُ المُثيرُ للاهتمامِ هو هذه الدّوّاماتِ من الأليافِ حيث أنّها أنتجت دوّاماتٍ صغيرةٍ في خليطٍ من مادةٍ تُشبه الهُلام.
يمكن تسخير هذا الاضطراب لدفع السَّائلِ في نفس الاتّجاه ببساطةٍ وذلك عن طريقِ اختيارِ الشّكلِ الصّحيحِ للوعاء.
يمكن للباحثين تَعينُ الأوعيةِ المُستخدَمَة ورسمُها رياضياً، مثل الأقراص والأنابيب الحلقيّةِ الّتي تُشبه الكعكَ الحلقيّ المُحلّى، والّتي تمَّ إيجادُها باختيارِ الأبعادِ الصّحيحةِ للأوعيةِ حيثُ أصبحت الحركاتُ الفوضويّةُ للأليافِ تيّاراً ثابتاً في اتّجاهٍ واحدٍ.
في حين أنَّ هذا يعمل فقط في الأوعيةِ ذاتِ الأبعادِ المناسبة، فإنّها قد تتوسَّعُ، وهذا يعني أنَّ السَّوائلَ يمكنُ حثُها لَتتدفَّقَ فوق عددٍ من الأمتار.
وبطبيعةِ الحالِ فإنّ السّريان يتدفَّقُ إلى أن يقف، فبمُجردِ نفاذ الأدينوزين ثلاثي الفوسفات من الفوسفات لتسليمها إلى الكينيسين فإنّها تتوقف، الأمرُ الّذي من شأنهِ أن يجعلَ من غير المُحتملِ النّقلَ على نطاقٍ واسعٍ من السّائل.
ومع ذلك، يمكن أن يكون هناك وبسهولةٍ دوراً للموادِ الهُلاميّةِ ذاتيّةِ الدَفع في مُستقبل الهندسة الميكانيكيّةِ. من وجهة نظر التّكنولوجيا، فقد وضعت هذه السّوائلُ الفعّالةُ ذاتيّةَ الضّخِ مرحلةً جديدةً لِهندسةِ الآلاتِ، والّتي تُحوّلُ وبشكلٍ مُباشَرٍ الطّاقةَ الكيميائيّةَ إلى عملٍ ميكانيكيٍّ".
وحتّى من دون أيِّ تطبيقٍ، فقد زوّدَنا هذا البحثُ بنظرةٍ ثاقبةٍ في ديناميكا السّوائلِ المُتحرّكةِ داخلَ الخلايا الحيّةِ الخاصّةِ بنا.
رُبّما في يومٍ من الأيام سَنرى الرّوبوتات الرَّطِبة الّتي تعمل على تزويد أجزاءٍ من أجسامنا بالسّوائل ذاتيّةِ الدّفع مُتغذيّةً بذلك على احتياطي أدينوزين ثلاثي الفوسفات الموجود في أجسادنا.
لمزيدٍ من المعلوماتِ يمكنكم قراءة مصدر البحث كاملاً: هنا
المصدر: هنا