الطب > مقالات طبية
التنظيرُ تحت الماء: كشفٌ أبكر لسرطان القولون
يعتبرُ تنظيرُ القولوناتِ وسيلةٌ تشخيصيّة وعلاجية هامّة في أيامنا هذه، حيثُ يُمكنّنا خلالَ دقائقٍ من كشفِ أورامٍ سرطانيّةٍ صغيرةٍ لا يتجاوزُ حجمُها السنتمترِ الواحد واستئصالها وبذلكَ يؤمّنُ شفاءَ المريضِ قبلَ إحساسهِ بأيةِ أعراضٍ.
ومنَ المحتملِ أنّ بعضَ الأطبّاءِ قد اكتشفوا وسيلةً أكثرَ حساسيةً ودقة في كشفِ هذه الأورامِ مما يساعدُ في التخلّصِ منها بشكلٍ أبكرَ.
تبعاً لأحدثِ الدّراساتِ التي أُجريت في مركزِ UC Irvine الطبي في كاليفورنيا، تنظيرُ القولوناتِ بضخِّ الماء ضمنَها، أثناءَ الإجراءِ يساعدُ الأطبّاءَ بشكلٍ مهمٍّ على كشفِ البوليباتِ بنسبةٍ أكبرَ (وهي أورامٌ غدّية تحملُ خطورةَ التطورِ إلى سرطاناتٍ في المستقبل) مقارنةً بالطرق التقليديةِ وهي حقنُ الهواءِ أو غازِ ثنائيّ أوكسيدِ الكربونِ.
منَ المفضّلِ لهذهِ التقنيّةِ أنْ تُستخدمَ لدى مرضى الخطورةِ العاليةِ للإصابةِ بسرطانِ القولونِ الذين يكونون بحاجةٍ لمراقبة دقيقة وصارمة، كالمرضى ذوي السوابقِ العائليةِ للإصابةِ السرطانية أو سوابقِ أمراضٍ مهيِّئةٍ للسرطانِ كداءِ الأمعاءِ الإلتهابيّ، ولكن يُمكن أن تُستخدمَ روتينيّاً لدى جميعِ المرضى الذين يكونون بحاجةٍ لتنظيرِ القولونات.
من مزايا هذه الطريقةِ أنَّها تنظّفُ القولونَ من الفضلاتِ المتبقّيةِ وتؤمن ساحةَ رؤيةٍ وعملٍ أوضحَ وتضخّمُ مظهرَ الآفةِ مثلَ البوليباتِ اللاطئةِ صعبةِ الرؤيةِ (المسطّحة والملتصقة ببطانة الأمعاء) مما يُسهّلُ كشفَها، هذا بالنّسبةِ للطبيبِ، أمّا بالنّسبةِ للمريض فهو يُعتبرُ إجراءً مريحاً وغيرَ مخيفٍ لأنَّ الماءَ يَبسطُ ويقوّمُ القولونَ السّينيّ ممَا يُسهّلُ عمليّةَ إخراجِ المنظارِ بعدَ انتهاءِ التنظيرِ، وهي العملية الّتي تسبّبُ الكثيرَ من الألمِ عند التنظير باستخدام الهواءحسبَ أقوالِ المرضى، ممّا يدعمُ الآراءَ التي تؤيّدُ جعلَهُ إجراءً روتينيّاً.
ولكن هناكَ بعضُ الانتقاداتِ، أنَّ هذهِ الطريقةُ تتطلّبُ وقتاً أكثرَ، بالإضافةِ إلى أنَّ راحةَ المريضِ ليستْ على مقدارٍ كبيرٍ من الأهميّةِ نظراً لكونِه تحتَ التخديرِ أثناءَ الإجراءِ.
السبّبُ الرئيسيّ لإجراءِ هذه الدراسةِ هو أنَّ بعضَ أطبّاءِ المركزِ الخبراءِ بتنظيرِ القولونات لاحظوا أن معدّلَ كشفَهم عندَ استعمالِ الماءِ لبعضِ الأورامِ الّتي لا يُمكنُ كشفَها بالتقنيّاتِ التقليديّةِ يزدادُ بشكلٍ ملحوظٍ.
وبالحديثِ عن بعضِ الأرقامِ التي تضمّنتها الدراسةُ، فقد تمَّتْ مقارنةُ 3946 تنظيرٍ بينَ أيلول 2014 و تشرين الأول 2016، 1959 منها قد تمَّ تنفيذُها بنفخِ الهواءِ و1987 بضخِّ الماءِ، وكانَ الفرقُ واضحاً، حيثُ أظهرَ استعمالُ الماءِ تزايداً مهمّاً في معدّلاتِ كشفِ البوليباتِ والأورامِ المختلفةِ.
أمّا بالنّسبةِ للانتقادِ الذي يتعلّقُ بأنَّهُ إجراءٌ يستلزمُ المزيدَ من الوقتِ، فقد أظهرَتِ الدّراسةُ أيضاً أنَّ فارقَ الوقتِ كانَ غيرَ ذي أهميّةٍ ولم يتجاوزْ بضعةَ دقائقٍ قليلةٍ.
ويجبُ التنويهُ إلى أن استعمالَ هذه التقنيّة مازالَ غيرَ شائعٍ بشكل كبير في الوقتِ الحالي ولكنه قد ازداد في السنواتِ القليلةِ الماضية ومن المحتملِ أن يُصبحَ مع الوقتِ الإجراءَ المعتمدَ للمراقبةِ والكشفِ المبكرِ عن سرطانِ القولون.
المصدر: