الفيزياء والفلك > علم الفلك
كيفَ يُنظّف رواد الفضاء ملابسهم؟
تنظيف الملابس في الفضاء
أنّ تعيش في الفضاءِ ليس بالأمرِ السَهل على الإطلاق، فبالإضافةِ لِصعوبَةِ التّأقلمِ مَع بيئتكَ الجديدة، وصعوبةِ توفيرِ المتطلّباتِ الحياتيّةِ الاعتياديّةِ المتعلّقة بالطّعام والماءِ الّتي تُواجهها، هناك أيضاً صعوباتٌ من نوعٍ آخرَ كالحفاظِ على نظافةِ ملابسك مثلاً!
من المعروفِ أنّ الماءَ لا يتوفّرُ بكثرةٍ في الفضاء، لذلك تعدُّ فِكرةُ استخدامِهِ في التّنظيفِ غيرَ واردةٍ إطلاقاً، فكيف إذاً يتدبّرُ روّادُ الفضاءِ أمرهم هناك؟ وما هي آخر الأبحاثِ بهذا الصّدد؟
ارتدى رائدُ الفضاءِ الأمريكيّ؛ خرّيجُ كليّةِ الهندسةِ من جامعةِ أريزونا دون بيتيت "Don Pettit" سروالهُ القصيرُ لِأشهرٍ أثناءَ مُكوثِهِ في مَحطّةِ الفضاءِ الدّوليّة، إذ لَم يتسنّى له أن يُنظّفهُ على متنِ المحطّة. عندما تُصبِح الملابسُ مُتّسخةً للغايةِ يقومُ طاقمُ المحطّةِ بتخزينها حتّى يتمكنّوا من التّخلّصِ منها لاحقاً مع باقي النّفايات عبر إطلاقها لِتحترقَ أثناء دخولِها الغلافَ الجويّ الأرضيّ.
تحاولُ كريستينا موريسون؛ طالبةٌ في قسمِ الهندسةِ الكيميائيّةِ والبيئيّةِ وحاصِلةٌ على شهادةِ البكالوريوسِ في تخصّصِ علم البيئةِ والأحياءِ التّطوريّةِ من جامعةِ أريزونا، جَعلَ حياةِ روّادِ الفَضاءِ أسهلَ عن طريقِ إيجادِ طريقةٍ تجعلُ ملابِسهُم أنظفَ لِمدّةٍ أطول. إذ أنّ الاحتفاظَ بملابِسَ إضافيّةٍ يُضيفُ وزناً كبيراً إلى المركباتِ الفضائيّة، كما أنّ استخدامَ الماءِ لأغراضِ التّنظيفِ غير ممكن، لذلك تسعى موريسون لإيجادِ طريقةٍ تُمكّنُ روادَ الفضاءِ من غسل ملابسهم دونَ استخدامِ المياه.
موّلَ البحثَ مؤسّسة "Space Grant" التّابِعةُ لِوكالةِ ناسا، وهو المشروعُ البحثيّ الوحيدُ الّذي ترعاهُ ناسا لمعالجةِ هذه المشكلة.
جواربُ خاصّةٌ بالفضاء:
يُعرفُ عن الفِضّةِ وبيروكسيدِ الهيدرُجين فَعّالِيّتُهما في القضاءِ على الجراثيم، كما أثبتَ باحثونَ زيادةَ فعّالِيّتهما عند مَزجِهِما وإضافَتِهما إلى الماء. أجرت موريسون بحثها مع أستاذِ الأحياءِ المجهريّةِ من جامعةِ أريزونا تشارلز جيربا "Charles Gerba" وتمكّنت للمرّةِ الأولى من أثباتِ فعاليّة تأثيرِ المُرّكبينِ على الأقمشةِ المنسوجةِ أيضاً.
جرّبت كريستينا بالتّعاونِ مع تشارلز وضعَ تراكيزَ مُنخفِضةٍ من بيروكسيدِ الهيدروجين على قطعةِ قماشٍ من جواربَ مُضادّةٍ للميكروباتِ تحتوي خيوطاً من أيوناتِ الفِضة، ثُمّ عَرَضّا هذه القماشةَ المُعالجَةَ إلى البِكتيريا الكرويّةِ العنقوديّةِ الذّهبيّة "Staphylococcus aureus"، وهي بكتيريا غالباً ما توجدُ في الأنفِ وعلى الجِلد.
قارنَ الباحثانِ بين انحسارِ البِكتريا عن الجواربِ الخاصّة المُعالَجةِ ببيروكسيدِ الهيدروجين، وانحسارِها عن جواربَ عاديّةٍ عُولِجت بمضادٍّ للجراثيم، وبعد مرورِ ساعةٍ واحدةٍ قُضي على نحوِ 99.999 % من الجراثيمِ في الجواربِ المُعالجَة، مقابل القضاءِ على نحو 43.76 % من البكتيريا في الجواربِ الأخرى المضادّة للبكتيريا.
قد تُجعلُ هذه الأرقامُ الحياةَ في محطّةِ الفضاءِ الدّوليّةِ أسهل. يُمكنُ للملابسِ الّتي تحتوي على أيوناتِ الفضّة و المُعالَجةِ ببيروكسيدِ الهيدروجين أن تبقى نظيفةً من الجراثيمِ فترةً زمنيّة أطولَ، وعبرَ غسلِها مرّتين بِهذا المُركّب يُمكِنُ لِقميصٍ واحدٍ أنّ يبقى بلا ميكروباتٍ أو رائحةٍ نتنةٍ مُدّةٍ تعادلُ مدّةَ استخدامِ رائدِ الفضاءِ لثلاثةِ قمصانٍ والتّخلّص منها. إنّ هذا يعني أنّ المساحةَ والكُتلةَ الّتي كانت تحتلّها الملابسُ الزّائدةُ عن الحاجة سَتنخفضُ، ممّا سيسمحُ بزيادةِ مدّةِ المهمّات في الفضاء.
ستكونُ المرحلةُ القادمةُ في هذا المشروعِ البحثيّ عبرَ ارتداءِ مجموعةٍ من الأشخاصِ لِجوارِبَ مُضادّةٍ للميكروباتِ أو جوارِبَ عاديّةٍ، ومن ثُمّ خلعُ هذه الجواربِ وتسليمها للعلماءِ لمعالجتها ببيروكسيدِ الهيدروجين، ثُمّ تقيسُ مجموعةٌ أخرى رائحةَ عيّناتٍ عشوائيّةٍ من الجواربِ لتقييمِ نظافةِ كلّ منها. قالت موريسون مازِحة "نأملُ أن نجدَ متطوّعينَ لهذه المهمّة".
قدّمت موريسون بحثها في نهايةِ نيسانَ الماضي خلال ندوةِ أريزونا الفضائيّة لعامِ 2017 "Arizona Space Grant Symposium".
المصدر: هنا