التاريخ وعلم الآثار > حقائق تاريخية
حرب السنوات السبع
تضمنت حرب السنوات السبع نزاعين رئيسيين: أولهما بحري استعماري بين بريطانيا من جهة وفرنسا واسبانيا اللتين حُكمتا من قبل العائلة البوربونية في ذلك الوقت، والثاني بين فريديريك الثاني حاكم بروسيا وأعدائه في النمسا والسويد وفرنسا وروسيا. بالإضافة الى نزاعات اقل أهمية بين فرنسا وجورج الثاني أمير هانوفر حليف بروسيا الذي لم يملك الّا عدداً صغيراً من الجنود في البداية حتى مجيء الدعم البريطاني لاحقاً أما النزاع الآخر فهو الهجوم الاسباني في عام 1762م على البرتغال حليفة بريطانيا بدعم فرنسي الذي حقق بعض الانتصارات في البداية إلى أن أتت المُساعدة البريطانية.
مثلت الحرب البحرية والاستعمارية نصراً مهماً للإنكليز حيث أظهرت قوة البحرية الإنكليزية التي أنتجتها ثروة بريطانيا من التوسع الاستعماري وقوة التمويل العام الإنكليزي.
خطط الفرنسيون لاجتياح بريطانيا ولكنهم تعرضوا للعديد من الهزائم البحرية في عام 1759م أولها في لاغوس قرب البرتغال في آب، ثم في خليج كويبرون في تشرين الثاني. هذه الانتصارات سمحت لبريطانيا باحتلال لويزبورغ (1758) وكيبيك (1759) ومونتريال (1760) في أمريكا الشمالية، وغوادالوب (1759)، مارتينيك (1762) وهافانا (1762) في حوض الكاريبي بالإضافة الى مانيلا والعديد من القواعد الفرنسية في أفريقيا وأمنت بقائها في الهند بالسيطرة على قاعدة بونديشيري (1761) هذه الانتصارات حول العالم حافظت على قوة ومجال بريطانيا الحيوي.
أوروبياً، اندلعت الحرب في عام 1756م عندما احتل فريديريك الثاني ساكسونيا حليفة النمسا بسبب خوفه أن تصبح قاعد لهجوم نمساوي-روسي لاحق عليه، نجح فريديريك في ساكسونيا ولكن هذا تسبب في تشكيل تحالف قوي ضده، أكمل فريديريك هجومه بمحاولة السيطرة على بوهيمية ولكنه فشل بسبب المقاومة النمساوية غير المتوقعة وإجباره على الانسحاب.
بقاء فريديريك نتج من نجاحه العسكري وحظه الجيد من ناحية أخرى؛ حقق الانتصار في روسباك ولويتن من جهة واستغل انقسام الحلف الذي يقاتله حيث كان شرق بروسيا محط أنظار الروس بينما ركز النمساويون على سيليسيا بينما تضاءل الدعم الفرنسي بسبب الحرب مع بريطانيا.
عانت بروسيا من خسائر كبيرة رغم نجاحها في مقاومة الغزو حيث اكتشف فريديريك ضعف أراضيه وانكشافها رغم أن مساتتها ساعدته في التخلي عن الأرض مقابل الوقت لاستغلال المشاكل الداخلية في صفوف أعدائه وهزيمتهم بعد عزلهم.
في عام 1757م غزا الروس بروسيا الشرقية ولكن فريديريك هزم الفرنسيين في روسباك (تشرين الثاني/ نوفمبر) والنمساويين (كانون الأول/ديسمبر). في عام 1758م نجح الروس في السيطرة على بروسيا الشرقية ولكن معركة زورندورف التي خسر فيها فريديريك ثلث جيشه بينما خسر الروس ثمانية عشر ألف جندي، أوقفت الزحف الروسي باتجاه قلب الأراضي البروسية في براندنبورغ. ولكنهم عادوا في العام التالي وانتصروا في معركة كونرسدورف حيث خسر البروسيون ثلثي قواتهم ولكن الروس لم يستطيعوا تنسيق هجوم تالٍ مع النمساويين.
عزز النمساويين مواقعهم في ساكسونيا وسيليسيا خلال 1760- 1761 حين سيطر الروس مؤقتاً على برلين واجتاحوا بوميرانيا. ولكن الحظ أتقذ فريديريك بموت عدوته اللدود الامبراطورة اليزابيث الروسية الذي خلفها ابن اختها بيتر الثالث الذي كان معجباً بفريديريك ومعارضا للحرب عليه. فأمرَ بإيقاف القتال بسرعة، وببقاء النمسا وحيدةً تم طردها من سيليسيا واجبارها على توقيع معاهدة هوبيرتسبورغ في شباط 1763م التي نصت على عودة الوضع الى ما كان عليه قبل الحرب.
تسببت الإصلاحات في الجيشين الروسي والنمساوي قبيل الحرب بجزء كبير من المصاعب التي عانى منها فريديريك، حيث حارب الروس ببسالة وأُعجب فريديريك بمواردهم وعتادهم، ولمواجهة هذه التحديات اضطر لتغيير تكتيكاته أثناء الحرب حيث حاول الجميع الاستفادة من أخطاء الحملات السابقة للحرب فقد تشكل الصراع من التغييرات السلسة بين الجيوش المتحاربة؛ اعتمد فريديريك بدايةً على الفولاذ ولكن بسبب الخسائر الكبيرة أمام نيران المدفعية والبنادق النمساوية في معركة براغ عام 1757م فقد زاد اعتماده على المدفعية وتجلى هذا في معركة لويتن حيث استخدمت المدفعية في فتح الجبهات المتكافئة ولكن نجاح فريديريك في تفادي الخسارة لا يلغي مقدرة خصومه على الابتكار لمواجهة التكتيكات البروسية التي فقدت حداثتها.
وأظهرت هذه الحرب أن تشابه الأسلحة والتدريب بين الجيوش الأوروبية جعل تحقيق الانتصارات الساحقة صعباً على عكس المعارك والحروب ضد الخصوم خارج أوروبا.
المصدر: