الغذاء والتغذية > مدخل إلى علم التغذية
الصيامات الغذائية بين خسارة الوزن والمحاذير!
الصيام هو الامتناع عن الطعامِ أو الشراب أو كليهما معاً، أو الحدِّ منهُما بكميةٍ معينة أو نوعٍ معين ولفترةٍ مُحدّدة. وتختلفُ الصيامات باختلاف مدّتها، وأوقاتها، وتواترها، ونوعية أو كميةِ الأغذية والمشروبات الممنوعة خلالها.
ونظراً لضرورةِ التوضيح، فإن بعضَ الصياماتِ تُطبّقُ لأسبابٍ دينية بحتة، ونذكر هنا أن الصيام الدينيّ يتّصفُ بمميزاتٍ تفصلُه عن الصيام الغذائي الذي يهدف لخفض الوزن، ولا بدّ هنا من التنويه لما ينفردُ به الصيام الإسلامي تحديداً من امتناعٍ عن شرب الماء والسوائل وطول مدّةِ الانقطاع عن الطعام خلال شهر رمضان.
أما الصيام الغذائي، فلا يعتمدُ وقتُه وطبيعتُه على الطقوسِ الدينية، وفي مقالنا هذا سنركّزُ على بعضِ الصيامات الغذائية المُعتمدة وعلافتِها بخسارةِ الوزن، مع التنويه مرةً أخرى إلى أن نتائجَ الدراسات المذكورةِ في مقالنا هذا تنطبِق على نوع الصيام المحدّد فيها حصراً، وليس على جميعِ أنواعْ الصيامات.
الصيامُ التبادليّ (صيام اليوم البديل) Alternate Day Fasting:
تعتبر خسارة الوزن أمراً صعباً، ولكنها ليست بالأمر المُعَقَّد، خاصة إذا اتّبعت المعادلةُ التالية:
"كُل كميةً أقل وتمرّن أكثر". ويبقى الجزءُ الأولُ من تلك المعادلة القسمَ الأصعب من العملية ككل، ولذلك يعمل الباحثون والأطباءُ على البحثِ عن طرقٍ لمساعدةِ الناس على التكيّفِ مع هذا الجزءِ من المعادلة.
وقد حازت الصيامات الغذائية على الكثير من الاهتمامِ في السنوات الأخيرة، وخاصةً فكرةُ صيامِ يومٍ واحدٍ كلَّ بضعةِ أيام (يومان في الأسبوعِ مثلاً). وقد لاقت هذه الفكرةُ إعجابَ العديد ممن يكرهون الحمياتِ التقليديةَ التي تتطلّب التقيّد بعددٍ معين من الحريرات في كلّ يوم، إذ يصبح بإمكانهم بهذا الشكل أن يتناولوا كميةً قليلةً من الطعام في بعضِ الأيام ويعود لتناول الكمية المعتادةِ في الأيامِ الأخرى.
ولكنّ السؤال الأقوى هنا هو: هل يمكن لهذا النوع من الحميات أن يكون ناجحاً؟
نتائج الدراسات:
يمكننا تلخيص مفهوم الصيام المتقطّعِ بما يلي:
في أيام الصيام، يتم تناول 25% فقط من مجمل السعراتِ الحرارية التي يحتاجُها الشخص والتي كان يتناولها في الأيام العادية، (فإذا كان متوسطُ مدخولِهِ من الحريرات 2000 حريرةٍ، فهذا يعني أن عليهِ تناولَ 500 حريرةٍ فقط في أيامِ الصيام)، وهي كميةٌ قليلةٌ جداً من الطعامِ، تُضاف إليها المشروبات الخاليةُ من السعراتِ الحرارية.
في أيام الطعام، يمكن للشخصِ أن يتناول ما يرغبُ دون تحديدِ هدفٍ معين، ويمكن تحديدُ الكميةِ المتناولةِ بـ 125% من احتياجاتِهِ المعتادة، أي ما يُقارب 2500 حريرة في حال كان متوسط مدخولِه كما ذكرنا سابقاً.
وبحسبِ بعض الدراسات التي نُشرت مؤخّراً، فإن هذا النوعَ من الحمياتِ يمكن أن يساعدَ على خسارةِ الوزن، ولكن ليس بشكلٍ أكبرَ من الحمياتِ التقليدية، بل إنهما متقاربان كثيراً. فقد استمرّت إحدى الدراساتِ لمدةِ عامٍ كامل، وشملت ثلاثَ مجموعات، طُلب من المجموعة الأولى اتباعُ حمية الصيامِ المتقطع، ومن المجموعةِ الثانية اتباعُ حميةٍ تقليديةٍ لخسارةِ الوزن من الحمياتِ التي تُقيّدُ كميةَ الحريراتِ المُستهلكة، في حين لم يغيّر أفرادُ المجموعةِ الثالثةِ أيّاً من عاداتهم الغذائيةِ السابقة.
بعد مرورِ عامٍ على ذلك، لوحظَ أن كلاً من أفرادِ المجموعتين الأولى والثانية قد خسرَ ما يُقارب 6 كغ، إلّا أن مجموعةَ الصيام المتقطّع لم تُحرز أيّ تحسنٍ في مستوياتِ الكوليسترول أو صحةِ القلب بشكل عام. وعُزي سبب التشابهِ في خسارةِ الوزن إلى "الاستقلاب"، فبحسب الطبيب جون ساليرينو John Salerno فإنّ الصيامَ لفتراتٍ طويلةٍ يؤدي إلى بطءِ الاستقلابِ، وكلما طالت فترةُ الصبام كلما تباطأ معدّلُ الاستقلابِ بصورةٍ أكبر، مما يخفّضُ معدّل الحرق بشكلٍ أكبر.
أنواعُ الصيام المتقطع Intermittent Fasting :
لا يمكن لنوعٍ واحدٍ من الصياماتِ أن يُناسب جميعَ الأشخاص، فكلٌّ يناسبُهُ نظامٌ معين وفقَ نمطِ حياته المعتاد، وفيما يلي بعضُ أنواعِ الصيامات التي تندرجُ ضمن مسمّى "الصيام المتقطع Intermittent Fasting":
- طريقةُ 16/8: وفيها يتم تجاوزُ وجبةِ الفطور - والتي تُعرف بأهميّتِها - وحصرُ تناولِ الطعامِ ضمنَ فترةٍ مدّتها 8 ساعاتٍ (مثلاً من الـ 1 ظهراً حتى الـ 9 مساءً)، يعود بعدَها الشخصُ إلى الصيامِ عن الأكلِ مدةَ 16 ساعةً.
- طريقةُ كُل- توقف- كُل Eat-Stop-Eat: وفيها يتم الصيامُ لمدةِ 24 ساعةً مرةً أو مرتين أسبوعياً، أي يتمّ الامتناعُ عن تناولِ الطعامِ اعتباراً من وجبةِ العشاءِ حتى موعدِ العشاءِ في اليوم الثالي.
- طريقة 5:2: وفيها يتم اختيارُ يومَين غير متتاليين، يقوم خلالَهما الشخصُ بتناولِ 500-600 سعرةٍ حراريةٍ فقط، في حين يتناولُ الطعامَ بطريقةٍ اعتياديةٍ في الأيامِ الخمسةِ الباقية.
مضاعفات الصيام الغذائيّ:
لا يمكن للحمياتِ المعتمدة على الصيام أن تخلو من الانتقاداتِ أو المشاكلِ، شأنَها شأن أيّ حميةٍ أخرى لخسارةِ الوزن.
ويكمنُ الخطر الأكبرُ في حمياتِ الصيامِ المتقّطع بإمكانيةِ التعرض لانخفاضِ سكرِ الدم Hypoglycemia. بالإضافة إلى إمكانيةِ تأثيرِ الصيام على امتصاصِ الجسم لبعضِ أنواع الأدوية، مما يستدعي استشارة الطبيبِ المختصِ قبل البدءِ بالصيام، وخاصةً للأشخاصِ المصابين بالسكري والذين يأخذون الإنسولين أو الأدويةَ الفمويةَ.
أخيراً، علينا أن نُذكّرَ الأشخاصَ الذين يودّون اتباعَ الصياماتِ الغذائية لخسارةِ الوزن أنّ الأمرَ يتطلّب وقتاً والتزاماً، ولن تكون النتائجُ بالسرعةِ التي يتخيّلونها ويبقى الحل الأمثل هو اتّباعِ نمط حياةٍ صحي بصورةٍ دائمة، مع ممارسة النشاط البدني والرياضة المعتدلة بانتظام.
المصادر:
الدراسات المرجعية: