العمارة والتشييد > الترميم وإعادة التأهيل
إعادةُ تأهيلِ قلعةِ Moritzburg كمتحفٍ حديث.
تقعُ قلعةُ موريتزبورغMoritzburg القديمةُ بمدينةِ هالِّه Halle الألمانيَّة، وهي مثالٌ قيِّمٌ عن العمارةِ العسكريَّةِ القوطيَّةِ التي كانت سائدةً في نهايةِ القرنِ الخامسِ عشر. يتجلَّى تاريخُها المضطرب من خلالِ العديدِ من التَّبدُّلاتِ التي خضعت لها عبرَ السنين. لكن رغمَ ذلك، ما زالَ المبنى محافظاً على إنشائهِ الأصليّ وسماتِه المعماريَّةِ الرَّئيسيَّة: كالجدارِ المحيطِ، وثلاثةِ أبراجٍ دفاعيةٍ مُستديرةٍ باقيةٍ من أصلِ أربعةٍ تقعُ عندَ الزَّوايا، والباحةِ المركزيَّةِ.
وللأسفِ فقد تعرَّضَ جناحا القلعةِ الشَّماليّ والغربيّ لتدميرٍ جزئيٍّ في القرنِ السَّابعِ عشر نتيجةَ حربِ الثَّلاثينَ عاماً، والتي حوَّلت القلعةَ إلى أطلالٍ أثريَّةٍ بقيت على حالِها لعدِّة عقودٍ. وباستثناءِ مقترحِ مشروعِ كارل فريدريش شينكلKarl Friedrich Schinkel في العام 1828م والهادفِ لتحويلِ القلعةِ إلى جامعةٍ والذي لم يُبصر النُّور، لم تُنَفَّذ أيَّةُ أعمالٍ متكاملةٍ لترميمِ وتوسعةِ هذهِ الآثارِ القديمةِ رُغمَ احتضانها لمتحفِ الفنونِ منذ العام 1904م، والذي يضمُّ مجموعةً مرموقةً منَ الأعمالِ الفنيَّةِ التَّعبيريَّةِ والكلاسيكيَّةِ الحديثةِ، وعلى الأخصّ من مذهبِ التَّعبيريَّةِ الألمانيّ.
أُجريت مسابقةٌ في العام 2004م لترميمِ القلعةِ وحمايتِها وتوسعةِ المتحفِ وتعزيزهِ بصالاتِ عرضٍ دائمةٍ ومؤقَّتةٍ، وقد فازَ بها مقترح نييتو شوبيخانو Nieto Sobejano Arquitectos المكتبُ المعماريُّ المتخصِّصُ بالتَّرميمِ، وأبصرَ المشروعُ النُّورَ في العام 2008م.
يفسِّرُ المعماريُّ مُقترَحه كنتيجةٍ منطقيَّةٍ تجيبُ عن السُّؤالِ التَّالي: هل من الممكنِ القيامُ بأعمالِ إعادةِ البناءِ مع مراعاةِ القيمِ المتأصِّلةِ ضمنَ جدرانِ القلعةِ، لجعلِها تحفةً معماريَّةً أصيلةً ترتبطُ بالماضي وتعكسُ الحاضر؟
فكرةُ المشروعِ المعماريَّةِ واضحةٌ وبسيطةٌ، وتتمثَّلُ بتشييدِ سقفٍ جديدٍ لتغطيةِ الجناحين المهدَّمين، واستلهمَ المصمِّمُ شكلَ السَّقفِ الجديدِ من الأشكالِ المثلثيَّةِ المتجذِّرةِ بالأعمالِ الفنيَّةِ التَّعبيريَّةِ، وكُسيَ بألواحِ الألمنيوم، وتصعدُ عناصرُ هذا السَّقفِ وتهبطُ ليبدو كورقةٍ متعدِّدةِ الطَّيَّاتِ مع وجودِ فتحاتِ إنارةٍ هرميَّةِ الشَّكلِ تسمحُ بدخولِ الضَّوءِ الطَّبيعيّ إلى قاعاتِ العرضِ الجديدةِ والمعلَّقةِ بالسَّقفِ نفسهِ لضمانِ تحريرِها التَّامّ عن الآثارِ القديمةِ، وهوَ ما يزوِّدُ المتحفَ بفراغاتٍ فريدةٍ كبيرةِ المقياسِ تسمحُ بإمكاناتِ عرضٍ مختلفةٍ.
وترتبطُ هذه الفراغاتُ المعلَّقةُ مع المبنى عبرَ محورين جديدين للرَّبطِ الشَّاقوليّ، يقعُ الأوَّلُ في الجناحِ الشَّماليّ وهوَ عبارةٌ عن بطاريةِ خدمةٍ داخليَّةٍ تتيحُ إمكانيَّةَ الوصولِ إلى المناسيبِ المختلفةِ، أمَّا المحورُ الثَّاني فهو برجٌ معدنيٌّ خارجيٌّ بطرازٍ عصريٍّ يبلُغُ ارتفاعُهُ 25 متراً شُيِّدَ في موقعٍ احتلَّهُ حصنٌ سابقٌ، وبالإضافةِ لوظيفتهِ الأساسيَّةِ، يمنحُ البرجَ زُوَّارَ المتحفِ إطلالةً رائعةً على المدينةِ.
يُعتبرُ مشروعُ إعادةِ تأهيلِ قلعةِ موريتزبورغMoritzburg وتحويلِها إلى متحفٍ أحدَ المشاريعِ الجريئةِ التي تبنَّت طريقةً جديدةً بالتَّعاملِ مع التُّراثِ والتَّأكيدِ على أهميَّتهِ، وهوَ ما يتَّضِحُ من خلالِ الزَّوايا الهندسيَّةِ للسَّقفِ الاستعراضيِّ والبرجِ المعدنيِّ الجديدين المتناقضينِ مع التَّشكيلِ الأصليِّ غير المنتظمِ للقلعةِ وسقفِها المرتفع.
هل أعجبتكَ هذهِ المداخلةُ الحديثةُ على الآثارِ القديمةِ؟!
المصادر:
1 - هنا
2 - هنا