الطب > مقالات طبية
المصابون بقصور القلب يعيشون فترة أطول
فلنبدأ حديثنا بتعريف قصورِ القلب... ماذا يعني هذا المصطلح؟
في الأحوال الطبيعية يعملُ القلبُ كمضخةٍ للدم في الجسم؛ فيوصله لأعضائه المختلفة عن طريق تقلصُّه ودفعه الدم إليها.
يحدث قصور القلب عندما يحدث خللٌ ما يجعل القلب غيرٙ قادرٍ على ضخِّ كمية الدم اللازمة لتلبية احتياجات الجسم.
قد نسمع في سياقِ الحديث عن قصور القلبْ عبارة "الكسر القذفي المنخفض"، فما دلالةُ هذه العبارة؟
تتألف عضلةُ القلب من أربع حجراتٍ تعمل بانتظام لتدفع الدم كما قلنا سابقاً؛ في حالتنا هنا تتوقف الغرف السفلية (البطينين) عن ضخِّ ما يكفي من الدمِ الغنيِّ بالأوكسجين إلى الجسم. وكثيراً ما يموتُ المرضى الذينٙ يعانون من هذا فجأة نتيجة سكتةٍ قلبيةٍ لأن تقلُّص البطينين يصبح غير منتظمٍ بشكلٍ خطير.
لمنعِ هذا يتلقى العديدُ من مرضى قصورِ القلب جهازاً مزيلاً للرجفان ICD. حيث تعملُ هذه الأجهزة على رصدِ إيقاع القلب لتقومٙ بتطبيق صدمة كهربائية لاستعادةِ الإيقاعِ الطبيعيِّ إذا ما بدأت ضرباتُ القلب تصبح غيرٙ منتظمة.
وبذلكٙ فإنّٙ معدلاتِ الوفياتِ المفاجئةِ الناجمةِ عن قصورِ القلب انخفضت تقريباً إلى النصف خلال العقدين الماضيين وفقاً للبيانات التي تم جمعها من العديدِ من التجاربِ السريرية المنفصلة.
وبالتالي أصبحَ المرضى الذينٙ يعانونٙ من قصورٍ القلب يعيشون لفترة أطول، كما أنهم يعيشونَ بشكلٍ أفضل؛ حيث أن العلاج الدوائي والأجهزةَ العصريَّة فعالةٌ جداً لدرجةٍ أصبحنا نرى فيها تعافي مرضى القلب بشكلٍ كبيرٍ أو حتى بشكلٍ كامل.
كما أنَّ الأدوية أصبحت فعالةً لدرجةٍ جعلت العديد من المرضى الذين يعانون من قصور قلب منخفض الخطورة لا يحتاجون إلى الحصولِ على مزيلِ رجفان القلب القابل للزرع (ICD).
ونظراً إلى أنَّ هذه الأجهزةَ باهظة الثمن بالإضافة للمضاعفات التي قد تأتي من زرعها يقوم الباحثون بمناقشة ضرورة زرعها بالأساس. فإنَّ غالبيةَ المرضى الذين يتلقونَ مزيلَ الرجفان لا يستخدمونه أبداً، لذلك على الرغم من موافقة الجميع على أن العلاجات التي تعنى بالمرض هي علاجات قيمة، فإننا لم نعمل حتى الآن على معرفةِ من هم أكثر احتياجاً لفوائد مزيل الرجفان -أي كيفية استخدام مزيل الرجفان للمرضى الأكثر عرضةً للخطر.
ولتحليل هذه الدراسة قام الباحثون بتحليل بيانات أكثر من 40،000 مريض عانى من قصور القلب في 12 تجربة سريرية أجريت بين عامي 1995 و2014.
ولكن الأدوية في تطوِّرٍ مستمر! السؤال هنا، أليس الدواء حلاً أفضلَ من الجراحة؟
على مدى العقدين الماضيين أصبحت العديد من الأدوية الجديدةِ التي تساعد في عملِ القلب متاحةً وهي تجعلُ القلبَ يعملُ بقوةٍ وبطريقةٍ منظمة. وأظهرت البيانات المجمَّعة من التجارب السريرية أنَّ معدلاتِ الموت المفاجئة انخفضت بنسبة 44% عند مرضى قصور القلب الذين لم يتلقوا أي مزيل رجفان ICD.
كيف نستطيعُ تحديدَ الملائمةِ الأفضل للمريض بينَ الدواءِ وزراعةِ مزيل الرجفان؟
المبادئ التوجيهية تدعو المرضى إلى الخضوعِ للمعالجةِ الدوائية لمدةِ ثلاثةِ أشهر قبلَ أن يقررَّ الطبيبُ ما إذا كانوا بحاجةٍ إلى عملية زرع مزيل رجفان أم لا. أما النتائجُ الجديدة تشيرُ إلى ان الأطباء قد يكونون قادرينَ على الانتظارِ مدةَ عامٍ قبل اتخاذِ قرارٍ بشأنِ وضع الجهاز.
ومع ذلك هناك تعارضٌ في الأمر حيث أن بعض العلماء غير مقتنعين بعدم جدوى زراعة مزيل الرجفان لكثيرٍ من المرضى، ووجهة نظرهم تقولُ أن المرضى الذين يتلقون جميع الأدوية الموصى بها حالياً لعلاجِ قصور القلب يبقى لديهم خطر الموت المفاجئ الذي يمكنُ خفضهُ بشكلٍ فعال مع مزيلِ الرجفان ICD.
وبالتالي فيوجدُ حاجةٌ إلى مزيدٍ من البحثِ لتحديد أنواعِ مرضى قصورِ القلب المحددة الذين يمكن علاجهم بالأدويةِ فقط.
إن الباحثين وراء الدراسة الجديدة قد يكونون تسرعوا في القول أن الأطباء لديهم المزيد من الوقت لتحديد ما إذا كانت هناك حاجة إلى زرع مزيل الرجفان.
كما أنَّ المرضى في التجاربِ السريرية يحظون باهتمامٍ أكبرَ بكثيرٍ من مرضى القلب في العالم الحقيقي، حيث يراقب الباحثون عن كثب ما إذا كانوا يتناولون الدواء ويخضعون لمتابعة وعناية دائمة.
في العالم الحقيقي لا يتناول جميع المرضى كل هذه الأدوية بالجرعات الصحيحة، لذلك لن نرى هذا الانخفاض الكبير بنسبة الموت المفاجئ.
المصدر: هنا