الغذاء والتغذية > الوزن واللياقة
مكملات التنحيف Garcinia Cambogia.. هل تحقق حلمك بجسدٍ رشيق؟
في غَمرة الانشغال بالعمل وروتين الحياة اليومية والانصراف عن ممارسة التمارين الرياضية المنتظمة، بدأت شركاتٌ عدةٌ بالترويج لمكملاتٍ أو حبوبٍ للتنحيف تقضي على السمنة دون أي مجهودٍ يٌذكر، أحدها مُكملات Garcinia Cambogia. فما حقيقة هذا المنتج؟ وهل يمكن أن يمثل علاجاً فعالاً لواحدٍ من أشهر أمراض العصر؟
مكمّلات Garcinia Cambogia، واحدٌ من الأسماء العديدة التي تُطلق على هذه الفاكهة الاستوائية التي سنتناولها في مقالنا اليوم، والتي تُعرف أيضاً باسم التمر الهندي على الرّغم من عدم وجودٍ أي صلةٍ علمية بين النوعين النباتيين. وتعدّ إندونيسيا الموطن الأصلي لهذه الفاكهة التي تنمو ثمارها في الهند وأفريقيا الوسطى أيضاً. وتتميز الثمرةُ بلونها الأخضر المائل إلى الأصفر الشاحب إضافةً إلى قربها في الشكلِ من ثمرة اليقطين. وتستخدمُ في الطهي بشكلٍ خاصٍ في المناطق الشرقية الجنوبية من آسيا.
انتشرت في أواخر التسعينيات الكثير من الأوقاويل عن فوائدِ استهلاك هذه الفاكهة نظراً لدورها المحتمل في خسارة الوزن. وعَزَت الأنباءُ المنشورةُ آنذاك سببَ هذا التأثير إلى احتواء الثمرةِ على حمض هيدروكسي السيتريك Hydroxycitric acid - HCA وهو المكونُ الفعال في الثمرة كما أُشيع وقتها، ويساهم بنسبةِ 10% إلى 50% من إجمالي مكونات الثمرة. وبحسب الأخبار المتداولة، تعود فعاليةُ هذا المركب إلى دورِه في ضبطِ الإنتاجِ الحيوي للدهونِ ذاتية التشكّل ، وخاصةً عن طريق كبح حمض هيدروكسي سيترسيك لإنزيم ATP المحفّزِ لتحللِ السيترات إلى أوكزالوأسيتات و أسيتيل كوإنزيم A. بينما رأت مراجَعاتٌ أخرى أن مجالَ تأثيرِه يكمن أيضاً في ضبط مستوياتِ هرمون السيروتونين Serotonin المرتبطِ بشعور الشبع، وزيادةِ أكسدةِ الدهون. وبناءً على هذه التحليلات بدأت عدة شركاتٍ صانعةٍ للمكملاتِ الغذائية تصنيعَ هذا المكملِ على شكل كبسولاتٍ أو بودرةٍ تتكون بشكلٍ رئيسٍ من حمضِ هيدروكسي السيتريك، والذي تمّ الترويج لنتائجه السريعة في حرق الدهون وإنقاصِ الوزن.
التركيب الكيميائي
كشفت دراساتٌ متعلقةٌ بالمركبات الكيميائية النباتية تواجد المركبات التالية بشكل رئيسٍ في أجزاءٍ متعددةٍ من نبات الغارسينيا:
الكزانثونات Xanthones مثل ِCarbogiol.
البنزوفينونات Benzophenones مثل Garcinol.
بالإضافة إلى مركباتٍ مرافقةٍ مثل:
الأحماضٍ العضويةٍ: كحمض هيدروكسي السيتريك HCA.
الأحماضٍ الأمينيةٍ: كحمض غاما أمينوبيوتيريك.
الآثار الجانبية المحتملة:
تشمل الآثار الجانبية المحتملة عند استخدامِ مكملات غارسينيا كامبوجيا:
الدوار
جفاف الفم
الصداع
اضطرابات المعدة أو الإسهال
رأي العلم والباحثين
نظراً للاهتمامِ المتزايد بهذه الثمرة وتأثيراتها، فقد دأب الباحثون من خلال عدة دراساتٍ تجريبيةٍ على تقصّي حقيقةِ هذا المنتج والتأكد من مدى سلامةِ استهلاكه من قبل الإنسان. وعلى الرّغم من أنّ بعض التجاربِ على الحيوانات قد أظهرت نتائجَ محتملةً ًوفروقاتٍ طفيفةً في خسارةِ الوزن على المدى القريب، إلا أنّها لم تكن ذاتِ دلالاتٍ إحصائيةٍ واضحةٍ أو كافيةٍ لإعطاءِ نتيجةٍ قطعيةٍ بمدى أهمية هذه النتائج وسلامةِ استخدام المنتج.
وعن الدراسات المجراة على الإنسان، فقد شهِدت أول الدراسات التجريبية النورَ سنة 1998 وكانت من النوعِ العشوائيّ واستمرّت لمدة 12 أسبوعاً وشارك فيها 135 متطوعاً تم إعطاؤهم بشكلٍ عشوائيٍ أحد محلولين، يحتوي الأول منهما على مكونٍ نباتيٍ فعالٍ هو مستخلص حمض هيدروكسي السيتريك، بجرعةٍ بلغت 1500 ملغ في اليوم، أما الثاني فكان عبارةً عن محلولٍ وهميٍ لا يحتوي على أي مادةٍ فعالةٍ. أُخضِعَ جميعُ المشتركين لنظامٍ غذائيٍ مرتفع المحتوى من الألياف ومنخفضِ السعرات الحرارية، فكانت النتيجةُ خسارةً ملحوظةً في الوزن والكتلةِ الدهنية لكلا المجموعتين دون فروقاتٍ إحصائيةٍ معنوية. ولم يظهر أي تأثيرٍ للمكمّل الغذائي في عملية فقدان الوزن لدى أفراد المجموعة الأولى.
وحديثاً، أجريت في سنة 2014 دراسةُ حالةٍ لسيدةٍ تناولت المكمّلَ لمدةِ شهرين إلى ثلاثة بجرعةٍ بلغت كبسولتين ثلاث مراتٍ يومياً. وقد أدى هذا الاستخدام إلى ظهورِ أعراضٍ تراوحت بين التلعثم أثناء الكلام والتعرّق الغزير، إضافةً إلى ملاحظة تغييراتٍ ٍفي المؤشراتِ الحيوية لديها كارتفاعِ ضغط الدم، وزيادةِ معدّل ضربات القلب. وقد تمّ تشخيص حالتها بحدوثِ تسممٍ السيروتونين بسبب ارتفاع تركيزِه نتيجة استخدام المكمّل.
ما رأي إدارةِ الغذاء والدواء الأمريكية FDA؟
لا تحتاج الشركات المصنّعة للمكلات الغذائية إلى الحصول على موافقةٍ من قبل إدارة الغذاء والدواء قَبل شروِعها في تسويقِ منتجاتها، ويقع التأكد من سلامة المنتجات المُسوَّقة على عاتق الشركة الأم، علماً أن انتشار المكملات الغذائية على رفوف المتاجر والصيدليات لا يجعل منها منتجاتٍ آمنةً على الإطلاق، ويتوجّب الحذر قبل تناول أي منها دون مشورةٍ مسبقةٍ من الأخصائيّ التغذية أو أي طبيب معالج.
يُذكر أن إدارة الغذاء والدواء قد نوهت إلى خطورةِ استهلاك المكملاتِ الغذائية بهدف إنقاص الوزن نتيجةَ الاعتقاد الخاطئ بأن مكوناتها جميعُها ذاتُ مصادرَ طبيعيةٍ. وأشارت إلى أن منتج غارسينيا كامبوجيا تحديداً يحتوي على مركباتٍ فعالةٍ تتواجد عادةً في الوصفات الدوائية.
التداخلات الدوائية والمخاطر الصحية:
قد يتداخل تأثير مكملات غارسينيا كامبوجيا مع عدد من الأدوية المخصّصةِ لبعضِ الحالات الصحية، ومنها:
تناول أدوية الربو والحساسية
أدوية مرض السكري
مكملات الحديد
مسكنات الألم
بعض الأدوية المستخدمة لعلاج الأمراض النفسية
أدوية الكوليسترول
مضادات تخثر الدم (المميعات)
جديرٌ بالذكر هنا أن الدكتور OZ جراح القلب والبروفيسور في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة يعدّ واحداً من أشهر مُروّجي المكملات الغذائية التي يُزعم وجود تأثيرات إيجابيةٍ لها في خفض الوزن، والتي يندرج تحتها مكمل غارسينيا كامبوجيا. وقد تم استدعاء الدكتور OZ إلى جلسةِ تحقيقٍ من قبل الكونغرس الأمريكي نظراً لاستخدام تسجيلات فيديو من حلقات برنامجه الشهير The Dr. Oz Show من قِبل بعض الشركات المصنعة للمكملات الغذائية بهدف الترويج لمنتجاتها، إذ حثّ في تلك التسجيلات على استخدام مكملاتِ التنحيف دون أدلةٍ علميةٍ قوية على ذلك. وكانت نتيجة التحقيقات أنْ سُحِبَت التسجيلات من الموقعِ الرسميّ للبرنامج بصورةٍ نهائية.
تبقى الأدلةُ التي تؤكد فعاليةَ هذه المكملات وسلامةَ استخدامِها ضعيفةً ومحدودةَ النطاق نظراً لصغر العينات المدروسة سواء كانت التجارب مجراةً على الحيوانات أو البشر. كما لم يتم في أي من الدراساتِ تحديدُ الجرعةِ المثلى للاستخدام، فضلاً عن صعوبةِ تقييم المنتج بوجود عدة مركباتٍ كيميائيةٍ مكوِنةٍ له تتداخل في تأثيراتها على الجسم. ولذلك يبقى الموضوع قيدَ المزيد من البحث والتجربة قبل إصدار أي توصياتٍ تدعو إلى استهلاكِها بشكلٍ آمنٍ وفعالٍ.
وكما نُذكّركم دائماً فإن اتّباعَ حميةٍ غذائيةٍ صحيةٍ ومتوازنةٍ وممارسةَ الأنشطةِ الرياضية بشكلٍ منتظمٍ أنجعُ الطرقِ التي لا غِنى عنها للمحافظةِ على وزنٍ مثاليٍ وجسدٍ معافى.
المصادر:
1 - هنا
2 - هنا
3 - هنا
4 - هنا
5 - هنا
6 - هنا
7 - هنا
8 - هنا
9 - هنا
10 - هنا