العمارة والتشييد > التشييد
كارثة قناة لوف البيئيّة
- في أواخرِ التّسعينيّاتِ من القرنِ التّاسع عشر، بدأ رجلُ الأعمالِ ويليام تي لوف William T. Love عمليّةَ بناءِ قناةٍ على نهرِ نياغارا بهدفِ الاستفادةِ منها بتأمين مصدرٍ للطّاقةِ الكهرمائيّةِ ولجذبِ النّشاطاتِ الصّناعيّةِ إلى منطقةِ شلّالاتِ نياغارا Niagara Falls في مدينةِ نيويورك New York. وبعد حفر جزءٍ من القناةِ بطولِ 1000 مترٍ وبعرضِ 24 مترًا و بعمقِ 6 أمتارٍ تَوَقَّفَ المشروعُ وتُرِكَ مهجورًا.
وفي عام 1942 اشترت شركةُ هوكر للصّناعاتِ الكيميائيّةِ والبلاستيكيّةِ موقعَ الحفرِ المهجورِ من شركةِ نياغارا للطّاقةِ والتّنميّةِ واستخدمته كمكبٍّ لنفاياتِها الصّناعيّةِ الّتي تضمَّنت بقايا مبيداتٍ حشريّةٍ وخلائطَ طينيّةِ القوامِ ناتجةً عن التّفاعلاتِ الكيميائيّةِ بالإضافةِ إلى مُذيباتٍ كيميائيّةٍ أخرى. وخلالَ فترةٍ زمنيّةٍ بلغت 11 عامًا تمَّ وضعُ ما يقاربُ 20،000 طنًّا من النّفاياتِ في أسطواناتٍ معدنيّةٍ في الحُفرةِ، وبعدَ امتلاءٍ الحُفرةِ تمَّ ردمُها بطبقةٍٍ رخوةٍ من التُّربة.
- في عام 1953 قامت شركةُ هوكر للصّناعاتِ الكيميائيّةِ والبلاستيكيّةِ ببيعِ الأرضِ لبلديّةِ شلّالاتِ نياغارا مقابلَ 1$ فقط!! لاحقًا تمَّ إنشاءُ وحدةٍ سكنيّةٍ ومدرسةٍ في تلكَ المنطقةِ، وفي مُنتصفِ السّبعينياتِ من القرنِ الماضي أُصيبَ سكَّانُ تلكَ المنطقةِ بالعديدِ من الأمراضِ. وفي عامَي 1975 وَ1976 أدّت الهطولاتُ المطريّةُ إلى رفعِ منسوبِ المياهِ الجوفيّةِ ممّا نتجَ عنه حدوثَ هبوطاتٍ في التّربةِ في عدَّةِ مناطق. وأخذت براميلُ النّفاياتِ بالظّهورِ إلى السّطحِ ورافقَها انتشارٌ ملحوظٌ لروائحَ كيميائيّةٍ بالقربِ من أغطيةِ مجاري الصَّرفِ الصّحيِّ (الرّيغارات). كما لوحِظَ حدوثُ ارتشاحٍ للحمأةِ السّوداءِ* ذاتِ الرّائحةِ القويّةِ عبرَ جدرانِ أقبيةِ بعضِ المنازلِ القريبةِ من موقعِ القناةِ القديمِ. كشفت عدَّةُ دراساتٍ مبدئيّةٍ عن ازديادِ معدّلاتِ التّشوّهاتِ الخلقيّةِ وحالاتِ الإجهاضِ بين النّساءِ الحواملِ. وأعلنت الحكومةُ حالةَ طوارئٍ وقامت بتنفيذِ عمليَّتَينِ منفصلتَين لإخلاءِ السُّكَّانِ، الأولى كانت عامَ 1978 حيث تمَّ إخلاءُ المنازلِ المُلاصقةِ مباشرةً للقناةِ (ما يُقاربُ 240 عائلة)، أمّا الثّانية فكانت عام 1980 وتمَّ فيها إخلاءُ منطقةٍ أكبرَ (ما يُقارب 570 عائلة).
- أظهرت الدِّراساتُ اللّاحقةُ للتُّربةِ وللنّفاياتِ الصّناعيّةِ وجودَ أكثرِ من 200 مركبٍ كيميائيٍّ مختلفٍ، 12 منها مسرطنٌ. جرت عمليّةُ تنظيفٍ شاملةٍ ومطوَّلَةٍ للموقعِ وتضمَّنت: أوّلًا، إزالةُ 5،700 مترٍ مكعّبٍ من التّربةِ الملوّثةِ. ثانيًّا، وضعُ طبقةٍ طينيّةٍ بسماكةِ مترٍ واحدٍ على الأرضِ المُستندَةِ مباشرةً على القناةِ والملاصِقَةِ لها واّلتي بلغت مساحتُها 7 هيكتار (70،000 متر مربع). ثالثًا فرشُ عدّةِ طبقاتٍ عاليةِ الكثافةِ مكوّنةٌ من مادةِ البولي إيتيلين فوقَ مساحةِ 16 هيكتارٍ (160،000 مترٍ مربّعٍ). رابعًا تنظيفُ المجاري واّلتي بلغَ طولها 200 مترًا. وبلغت الكلفةُ التّقديريّةُ لعمليّاتِ التّنظيفِ في تلكَ المنطقةِ حتّى يومِنا هذا ما يزيدُ على نصفِ مليارِ دولارٍ! ولاتزالُ قابليّتُها للسَّكنِ موضعًا للشَّكِّ والجَدَلِ!!
- الدّروس المُتعلَّمَة:
تُعدُّ واقعةُ قناةِ لوف من أهمِّ حالاتِ الفشلِ البيئيِّ على الإطلاق والّتي لاقت صدىً واسعًا في سبعينيّاتِ القرنِ الماضي مؤدّيةً إلى إقرارِ: برامجِ الاستجابةِ البيئيّةِ الشّاملةِ، وقوانينِ التّعويضِ وتحمُّلِ المسؤوليّةِ (بإشرافِ وكالةِ الحمايةِ البيئيّةِ)، بالإضافةِ إلى البرنامجِ الأمريكيِّ الفدراليِّ لتمويلِ عمليّاتِ تنظيفِ المناطقِ الملوَّثَةِ المحدثِ عامَ 1980. كما سلَّطَتِ الضَّوءَ على أهميّةِ التّقييمِ البيئيِّ المُسبًقِ لعمليّاتِ بيعِ وشراءِ العقاراتِ بالإضافةِ لتحديدِ مسؤوليّةِ ومحاسبةِ أيِّ جهةٍ تقومً بعمليّةِ تخلُّصٍ عشوائيٍّ وغيرِ مدروسٍ للنّفاياتِ الخطرةِ دونَ معالجتِها.
الحَمْأةُ السّوداء*: خليطٌ طينيٌّ زيتيُّ القوامِ، وقاتمُ اللّون ،وغيرُ متجانسٍ، وكثيفٌ وناعمٌ ناتجٌ عن تفاعلِ مخلَّفاتِ النّفاياتِ الصّناعيّةِ غيرِ المعالَجَةِ مع بعضِها.
المصدر:
Failure Case Studies in Civil Engineering – Bosela 2nd Ed