علم النفس > المنوعات وعلم النفس الحديث
هل يمكن علاج الإرهابيين من التطرف؟
مازال المحققون يبحثون عن الأسباب الحقيقية التي قادت المتّهم سلمان عبيدي لقتل 22 شخصاً وجرح العديد في التفجير الذي حصل في حفل مدينة مانشستر، في المملكة المتحدة مؤخراً، ولكن تشير الدلائل الأوليَّة إلى أنَّه كان قد أصبح جهادياً متطرِّفاً منذ مدة قصيرة.
إذاً ما هي نسبة أن يتبنى أفراد مسالمون من المجتمع أفكار التطرُّف العنيف؟ هو سؤالٌ غامض والإجابة عنه صعبة في عالم محاربة الإرهاب، وكذلك موضوع معالجة التطرُّف، أو إقناع الأشخاص بالتخلِّي عن عقلية التطرُّف.
ظهرت المئات من برامج معالجة التطرُّف حول العالم. تحتوي على مستشارين مدَربين يقومون بإقناع المتطرِّفين أنَّ رؤيتهم الدينية غير مبنية على أساس عقائدي صحيح، أو يتعاملون مع حالة التطرُّف عند الفرد كحالة نفسية أو عقلية، أو يحاولون إبعاد قيم المتطرّف عن العنف.
كتب Daniel Koehler مدير المعهد الألماني لدراسات التطرُّف ومعالجة التطرُّف في مدينة Stuttgart، في تعليق نُشر عن سلوك الإنسان الطبيعي، أنَّه بالرغم من وجود هذه البرامج في كل مكان، فإنَّ قليلاً من الجهد فقط يُخصص لتقييم فعاليتها وجودتها، لقد ناقش مدير المعهد المذكور عمله مع موقع Science، عن خطورة عدم دراسة معايير برنامج معالجة التطرُّف، وتم تدقيق المقابلة من أجل التوضيح و الإيجاز.
س˸ لماذا هناك العديد من برامج معالجة التطرُّف في الولايات المتحدة و خارجها، بالرغم من قلة الأدلة على جودتها وفعاليتها؟
ج˸ أدرك المواطنون، والسياسيُّون، ورجال الأمن أنَّه لا يمكننا أن نحل هذه المشكلة عن طريق التوقيف والقتل أي عن طريق الحل العسكري. فالجماعات الإرهابية كتنظيم الدولة وغيرها يمكن هزيمتها بهذه الوسيلة بالواقع، ولكن هذا الأمر لن يؤثر على فكرهم بل يمكن أن يجعله أقوى!!
س˸ هل يُعتبر تطبيق تقنيات معالجة التطرُّف قبل إثباتها أمراً خطيراً؟
ج˸ يمكن لاستخدام الطرق الخاطئة أن يسبب الكثير من الضرر. قد يؤدي إلى عدم اكتشاف شخص ذو خطورة عالية، أو إخفائه عن السلطات. إن فكرة خضوع شخصٍ ما لبرنامج معالجة التطرُّف يجعل رجال الأمن والناس في مجتمعه أقلَّ يقظة، أو يخفي عنهم خطره المستمر.
س˸ ما هي الأمور التي تمنع تقييم جودة برامج معالجة التطرُّف؟
ج˸ أولاً، ليس هناك تعاريف ومبادئ مستخدمة بشكلٍ عام في هذا المجال، الأمر الذي يجعل معرفة ما إذا كان الجميع يتكلم عن نفس الشيء أمراً صعباً. "معالجة التطرُّف" و "الانفصال"، تعبيران يمكن أن يُستخدَما للإشارة إلى نفس الشيء أو إلى شيئين مختلفين. أيضاً لا نعلم ما إذا كانت حالة معالجة التطرُّف قد انتهت، أو كيفية قياس رجوع الحالة إلى الأسوأ أو ما يُسمى بالانتكاس. لذلك نحتاج لعملية قياس من أجل التعاريف الأساسية.
هل نعني برجوع الحالة إلى الأسوأ أي الرجوع إلى نفس المجموعة الإرهابية؟ ماذا عن الرجوع إلى طريقة التفكير نفسها؟ وماذا عن طريقة تفكير مختلفة للتطرُّف؟ أو هل نعني ببساطة أي شكل من أشكال الجريمة؟
س˸ كيف يمكن بناء تقييم جيد للبرنامج؟
ج˸ يوجد في كل برنامج عوامل متعددة كتدريب الفريق، وتقييم المخاطر ،وتصنيف الحالات، وطرق مُعالجة مُصممة لحالات فردية، والمراجعة، والكثير. كلٌّ منها يمكن أن يُعطى علامة من قبل مقيِّمٍ ما وبالتالي تُعطي علامة كاملة قياساً يمكن أن ندعوه بالنزاهة الهيكلية. لا يقوم هذا الأمر بالضرورة بقياس أثر البرنامج على أي حالة معيَّنة، و لكن يقيس ما إذا كان له تأثير إيجابي. أي أن المُخرَج أو النتيجة لصالح أي فرد تعتمد على العديد من المتغيرات الإضافية التي لا نستطيع التحكم بها، و لكن النزاهة الهيكلية للبرنامج يُمكن أن تخبرنا ما إذا كان البرنامج يعمل على الإطلاق أم لا.
س˸ أيمكن لبرامج معالجة التطرُّف مساعدة الإرهابين الذين ليسوا جزءاً من أي جماعة إرهابية؟
ج˸ نعلم أنَّه في أغلبية حالات الإرهابيين المنفردين، كانت عائلة الشخص وأصدقاءه يعلمون بعميلة التطرُّف التي تحصل. انظر إلى حادثة تفجير الحفل في مانشستر، حيث حاول أصدقاء وأفراد مجتمع المتَّهم أن يحذِّروا السلطات. ما يؤمنه البرنامج هو ما يشبه جسر تواصل بين رجال الأمن، وأفراد العائلة، و المجتمعات. ولكن الآلية لكل المجموعات كالتالي˸ يجب أن يكون لديك طريقة للدخول إلى شخصية صاحب الحالة، وتحديد العوامل التي تقود طريقة تفكيره، وتصميم خطة تدخُّل، ومتابعة تأثيرها.
س˸ يرافق تعليقك في الصحيفة ورقة بحث تقول أنَّ إرهابيي كولومبيا الشبه عسكريين يعتقدون أنَّ الغاية تُبرر الوسيلة. كم من الممكن أن تعمِّم هذه الاكتشافات وغيرها في الأدب الأكاديمي على طرق تفكير مجموعات إرهابية أُُخرى؟
ج˸ أعتقد بقوة أنه يمكن تطبيق طرق وآليات هذا البرنامج على مختلف المنظمات الإرهابية والثقافات. أظهر البحث تداخلاً كبيراً فيما يخص الدوافع التي تدفع الأشخاص للانضمام إلى المجموعات الإرهابية أو تركها. بالطبع يجب أن يكون نوع وبنية البرنامج مطابقاً لكل ظرف أو حالة، و لكن في النهاية، المهم هو اكتشاف طبيعة الرابط بين الشخص والمجموعة الإرهابية وطريقة التفكير، وتصميم استراتيجية خروج قوية لذلك الشخص حسب كل حالة.
المصدر: هنا