الطب > إسعافات أولية
فقدان الوعي Unconsciousness
تكادُ لا تخلو حياتنا على مَرّ السنينِ من موقفٍ مشابِهٍ -أن يفقد أحدٌ ما وعيه أمامَ ناظريكَ- وتكادُ لا تخلو هذه المواقفُ أيضاً من استعمالِ البصلِ أو العطورِ أو رشق الماء على الوجوه لإيقاظِ الشخصِ الفاقدِ وعيه -المغمى عليه- دونَ معرفةِ سببِ هذا الأمرِ وأسبابُه التي قد تكونُ في بعض الأحيانِ أسباباً خطرةً يجبُ التّعاملُ معها بجدية.
في البدايةِ يجبُ معرفة وتوضيحُ أنّ حالةَ فقدانِ الوعي هي حالةٌ إسعافيةٌ تستدعي بالضرورة طلبَ الإسعافِ، لا داعيَ للتّعجب فقد يكونُ السببُ أكبرَ من المتوقع.
أسبابه:
تتعددُ الأسبابُ التي تؤدّي إلى فقدانِ الوعي من الأمراضِ والإصاباتِ الشديدةِ إلى الاختناقِ بالطّعامِ أو ابتلاعِ أجسامٍ أجنبيةٍ، مروراً بتناولِ الأدويةِ أو الكحولِ، فقدانُ الوعيِ لفترةٍ قصيرةٍ أو ما يسمّى الإغماء يمكنُ أن يسبّبه التجفاف، نقص سكر الدم، أو الانخفاضُ المؤقّتُ في ضغطِ الدّمِ، أما الأسبابُ الجدية التي تكلّمنا عنها فهي قد تشملُ أمراضاً ومشاكلَ عصبية أو قلبية عديدة.
وما قد يدفعك للاستغرابِ أكثرَ هو بعضُ الأمورِ التي لا تتوقعها ولكنها تؤدّي في بعض الأحيانِ وعندَ بعضِ الأشخاصِ لفقدان الوعي كالضّغط الشديد عند محاولةِ التبرز وهو ما يدعى بالغشي المبهمي الوعائي vasovagal syncope، السعالُ بقوّةٍ كبيرةٍ، أو التنفس بسرعةٍ كبيرةٍ وهذا ما يُدْعَى بفرط التهوية hyperventilating.
أعراضه:
من الممكنِ أن يكونَ الشّخصُ فاقداً للوعي؛ أيْ لا يتجاوبُ مع المحيطِ كالأصواتِ واللمس ومنبّهاتٍ أُخرى، وبهذا يختلفُ عن الشخص النائم الذي يستجيب لهذه المنبّهات.
ويمكن أن تَحدُثَ عدّةُ أعراضٍ تعبّرُ عن اضطرابِ الوعي لدى الشخصِ بعدَ استعادةِ وعيه، منها:
فقدانُ الذاكرة للأحداث التي وقعت قُبيل وخلال وبعد فقدان الوعي
ارتباك وتخليطٌ ذهني
نعاسٌ
صداعٌ في الرأس
عدم القدرةِ على التحدثِ أو تحريكِ جزءٍ من أجزاءِ الجسد
دوار
فقدان السيطرة على المثانة والأمعاء
الخفقان في القلب
الإصابة بحالة من الذهول
أما إن كان فقدانُ الوعيِ بسببِ الاختناقِ وهو أمرٌ شائعٌ جداً فقد نلاحظ:
عدمَ القدرةِ على الكلام
صعوبة في التنفس
وجود صوتٍ عالٍ عند محاولة الشهيق وأخذ النفس
تلون الجلد بلون أزرق
سعالٌ ضعيفٌ غيرُ قوي
الإسعاف الأولي:
ستكون السطورُ القادمةُ هي حجرُ الأساسِ في إسعافِ فاقدِ الوعي وربما إنقاذُ حياته فكن مستعداً لمعلومات دسمة كثيرة.
إن وجدتَ الشخصَ مستيقظاً فيجبُ معرفةُ إن كان واعياً لما يحصلُ حوله أم لا، وتستطيع معرفة ذلك عن طريق أسئلة بسيطة يمكنك طرحُها دون طرحِ أسئلة شخصية جداً، حيثُ يمكنك سؤاله عن اسمه أو عمره أو تاريخ اليوم أو حتى المكان المتواجد فيه، هذه الأسئلة قد تكون كافيةً لتحديدِ الشخص أكان واعياً أم أنه في حالة من التخليط الذهني.
أما إن كان الشخصُ فاقداً تماماً للوعي (يمكن معرفة ذلك عن طريق مناداته باسمه أو التربيت على كتفه) أو إن كانَ ليسَ بوعيه الكاملِ كما ذكرنا منذ قليل فيجبُ عندها القيام بالآتي:
الاتصال بالإسعاف مباشرة *
التأكد من أن الطريقَ الهوائيَّ غير مسدودٍ وأنَّ المريضَ يتنفسُ ومن وجودِ النبض لديه والقيام بالتدليك القلبي الرئوي CPR إن لزم الأمر*
إن كانَ الشخصُ مستلقياً على ظهره ويتنفّسُ وكنتَ متأكداً من عدمِ وجودِ إصابة في العمودِ الفقريّ أو الحبلِ الشوكي فيجبُ وضعُ الشخصِ في وضعيةِ الأمانِ (يمكنُ توقّعُ وجودِ إصابةٍ عصبيةٍ من قصةِ الحادثةِ، كحوادثِ السّياراتِ أو الوقوعِ من مكان مرتفعٍ حيث تكونُ نسبةُ حصولُ إصاباتٍ عصبيّةٍ في هذه الحوادثِ كبيرةً) وفي حال توقفَ النبضُ أو التّنفس يجبُ الرجوع إلى الخطوة السابقة.
إن شككتَ بوجودِ إصابةٍ عصبيةٍ فدعِ الشخصَ على وَضْعِيّتِه إن كان يتنفسُ، وإن تقيأ فيجبُ عليك عندها إمالتَه إلى الجانبِ مع دعمِ عنقه وظهره لتبقى ثابتةً وقد تحتاجُ لمساعدةٍ من الموجودينَ حولَك ( إمالته كقطعة واحدة دون تحريك)
إبقاءُ المريضِ دافئاً حتى وصولِ الإسعاف
إن فقد الشخص وعيه أمامك فحاول منع سقوطه على الأرض لتخفيف الإصابة، ضعه على الأرض وقم برفع القدمين ما يقارب 30 سم.
إن كان سبب فقدان الوعي على الأرجح هو نقص سكر الدم، فبإمكانك إعطاؤه قطعةً من السّكاكر أو أحد المشروباتِ حالَما يستعيدُ وعيَهُ.
إن كان الشخص قد فقدَ وعيه بسببِ الاختناقِ، فباشرْ بإجراء CPR فذلك قد يساعدُ على خروجِ الجسمِ السّادّ للطرقِ التنفسية واستمرَّ بإجرائه حتى قدوم الإسعاف مع التّحققِ كلَّ حينٍ من احتماليةِ خروجِ الجسمِ السّادّ للطرق التنفسية.
إن كان هناك شيءٌ ما يسدُّ الطرقُ التنفسية بشكل جزئي وكان هناك بعضُ المجال فحاول إخراجه، أما إن كان يسدُّ الطريقَ التنفسيةَ بشكلٍ كاملٍ فلا تحاولْ الاقتراب منه لأن هذا قد يؤدي إلى دفعه إلى الداخل.
تحذيرات مهمة:
إن كان الشخص غير واعٍ، فلا تقم مطلقاً بمحاولة إعطائه أي سوائل أو أطعمة
لا تترك المصاب لوحده أبداً
لا تقم بوضع وسادة تحت رأس الشخص الفاقد للوعي أبداً
لا تقم أبداً بمحاولة إيقاظ فاقد الوعي عن طريق صفعه أو رشق الماء على وجهه
اتصل بالإسعاف فوراً في حالة:
لم يعد فاقداً الوعي إلى حالته الطبيعية خلال دقيقة (اتصل في حال كانت أكثر من دقيقة).
في حال سقوط الشخصِ على الأرضِ أو إصابته، خصوصاً إن كان هناك نزيفٌ.
إن كان لدى الشخص مرضُ السّكريّ أو الصّرعِ أو فقد السيطرة على مثانته أو أمعائه.
إن لم يكن يتنفس.
إن كان الشخص أنثى حامل.
إن كان عمر الشخص أكبر من 50 عاماً.
إن عاد إلى وعيه ولكن يشعر بألمٍ في الصّدر أو عدمِ ارتياحٍ أو ضغطٍ أو كانت دقات قلبه غير منتظمةٍ.
إن عاد إلى وعيه ولكنه لا يستطيع الكلام، أو إن كان هناك مشاكلُ في الرؤية أو إن لم يستطع تحريك يديه أو ساقيه.
الوقاية:
سواء إن كنتَ مريضاً سكريّاً أو لم تكن فعليكَ أن تتجنّبَ المواقفَ التي يمكنُ أن ينخفضَ فيها سكّر الدمِ بشدّةٍ مثلَ البقاءِ لوقتٍ طويلٍ دونَ طعامٍ.
تجنّبِ الوقوفَ في المكان نفسه لفترة طويلة دون حركة خاصةً إذا كنتَ عُرْضَةً للإغماء.
اشرب ما يكفي من السوائل خاصةً في الطقسِ الحار.
اذا شعرتَ بأنّك على وشكِ فقدِ الوعي استلقِ فوراً على الأرض وارفع قدميك إن كان بإمكانك أو اجلسْ فوراً واحنِ رأسَكَ للأمامِ بين ركبتيك.
وصلنا الآن إلى نهاية مقالنا، لذا كان لا بد أن أذكرك أن معلومةً بسيطةً قد لا تعيرُها أهمية، يمكنُ أن تكون هي السببَ في إنقاذِ أحدِ المقربين من عائلتك. فقم بإعادة قراءة المعلومات المهمة التي مررت بها الآن بتروٍ وأتقن ما قرأته.
الحاشية:
يجب على المرء معرفة أرقام الهواتف الضرورية في بلد إقامته كالإسعاف والإطفاء والشرطة
التدليك القلبي الرئوي هو القيام بتدليك القلب والضغط على منطقة الصدر المتوضع تحتها وقد نتطرق لهذا الموضوع في مقالات قادمة
المصدر: