العمارة والتشييد > التشييد
الأبنية المريضة وتأثير عدواها على المجتمع
لقد تمَّ التعرُّف على متلازمةِ المباني المريضةِ أو Sick Building Syndrome"" في السّبعينياتِ من القرنِ الماضي مع بدْءِ انتشارِ استخدامِ المعدّاتِ الكهربائيةِ، ويُستخدَمُ مصطلحُ "متلازمةِ المباني المريضةِ " عندما تظهرُ مجموعةٌ من الأعراضِ المشتركةِ على عددٍ من الأشخاصِ المتواجدينَ داخلَ بناءٍ معيّنٍ أو في جزْءٍ منه وتختفي هذه الأعراضُ في حالِ مغادرةِ الأشخاصِ لذلك البناءِ، وقد وُجِدَ أنَّ النساءَ يعانينَ منها أكثرَ من الرّجالِ وهي أيضا موجودةٌ بكثرةٍ بين العاملينَ ضمنَ المكاتبِ والأماكنِ المغلقةِ مثل المدارسِ، أو المكتباتِ، أو المتاحفِ، وبالرّغمِ من التّقدّمِ العلميّ في مجالِ الصّحةِ البيئيّةِ إلا أنّ هذه الظاهرةَ لا زالتْ غيرَ مفهومةٍ بشكْلٍ دقيقٍ.
تعريف المبنى المريض: هو المبنى الذي يشعرُ 70% من مستخدميه بعدمِ الرّاحةِ، حيثُ ينعكسُ هذا الأمرُ على إنتاجيتهم ونشاطهم ضمن المبنى.
كيف لي أن أعرف إذا كنت أعاني من SBS
يُعتَبَرُ المبنى مريضاً ويُسبِِّبُ المرضَ لمستخدميه في حال:
- وجود أعراضٍ مؤقّتةٍ تتعلقُ بالمدّة التي يقضيها المريضُ في المبنى أو في جزْءٍ منه.
- اختفاء الأعراضِ في حالِ مغادرةِ المريضِ للمبنى.
- موسميّة الأعراضِ وتعلّقها بالتبريدِ والتدفئةِ .
- انتشار الأعراضِ بين عدّةِ أفرادٍ من زملاءِ العملِ أو سكّانِ البناءِ.
الأسباب:
لا يوجدُ سببٌ وحيدٌ إنّما تنتجُ هذه الظّاهرةُ المرضيّةُ عن مجموعةٍ من العواملِ المرتبطةِ بآثارٍ سُمّيّةٍ للملوّثاتِ المتواجدةِ داخلَ البناءِ وبتراكيزَ عاليةٍ، إنّ إغلاقَ النّوافذِ واستخدامَ المكيّفاتِ الهوائيّةِ صيفاً أو استخدامَ التّدفئةِ المركزيّةِ أو مدافئِ الغازِ شتاءً يؤدِّي إلى سوءِ التّهويةِ، وهذه أجواءٌ ليستْ بصحيّةٍ خاصّةٍ مع تواجدِ المُدَخنين في البيتِ.
كذلك فإنّ العديدَ من المباني تُعاني من سوءِ التّصميمِ أو الصّيانة أو ضعفٍ في نظامِ التّهوية والذي يُعتبر المسبّبَ الرئيسَ للمشكلةِ، حيث أنّ ضعفَ نظامِ التّهويةِ يؤدّي إلى تراكمِ الملوّثاتِ المختلفةِ مسبّباً رداءةَ نوعيّةِ الهواءِ الدّاخليّ في البناءِ مقارنةً مع نوعيّةِ الهواءِ في خارجه حتى إن كانَ موقعُ البناءِ في مكانٍ يعاني بشدّةٍ من تلوّثِ الهواءِ الخارجيّ، كما أنّ سوء التّهويةِ يؤدّي إلى استنشاقِ المرضى لهذه السّمومِ طوالَ الفترةِ التي يقضونَها ضمْنَ المبنى، ومن الجديرِ ذكره أنَّ التّعرّضَ لتركيزاتٍ منخفضةٍ جدّاً من أنواعِ محدّدةٍ من الملوّثاتِ الدّاخليّةِ مثلَ المركبات العضويةِ المتطايرةِ تسبّبُ أعراضاً مرضيّةً. ومن خلالِ الدّراساتِ وجدَ أنّ أسبابَ ظاهرةِ متلازمةِ المباني المريضةِ يمكنُ إيجازُها فيما يلي:
1. الملوّثات الكيميائيّة:
1-1 الملوثاتُ الكيميائيّة الدّاخليّة : تعتبرُ المركّباتُ العضويةُ المتطايرةُ من أكثرِ الملوّثاتِ شيوعاً حيث تتشكلُ هذه المركبات من الموادّ اللاصقةِ والمفروشاتِ والسّجادِ وآلاتِ النّسخِ ودخانِ السّجائرِ، وطلاءِ المنازلِ باستخدامِ أنواعٍ من الطّلاءِ تحوي على الرّصاصَ، كما أنّ الاستخدامَ المتكرّرَ للمنظفاتِ الكيميائيّة أو المعطرات الصّناعيّة يساهمُ في تلوّثِ البيئةِ الدّاخليّةِ للمنزل.
2-1 الملوثاتُ الكيميائيّة الخارجيّة : مثل عوادمِ السّياراتِ.
2. العواملُ الفيزيائيّة: وتشملُ ضعفَ التّهويةِ، درجاتِ الحرارةِ العاليةِ، تغيّرَ درجاتِ الحرارةِ خلالَ اليومِ، الرّطوبةَ المنخفضةَ، ضعفَ الإضاءةِ، الغبارَ، استخدامَ شاشاتِ العرضِ لسّاعاتٍ طويلةٍ.
3. العوامل البيولوجية: إنّ انخفاضَ معاييرِ النّظافةِ يؤدّي إلى تراكمِ الملوّثاتِ البيولوجيّة – الفطريات والبكتيريا والفيروسات والعفن - في المياه الراكدةِ ضمنَ المجاري أو أماكنِ تجمّعِ المياه على أسطحِ المنازلِ، كما يمكنُ أن تكونَ فضلاتُ الطّيورِ مصدراً للتّلوّثِ البيولوجي.
4. العوامل النفسية: الضّغطُ والتّوترُ وضعفُ التّواصلِ والعلاقاتِ الشّخصيةِ السّيئةِ ضمنَ فريقِ العملِ.
5. طبيعةُ البناءِ المعماريّة: شكْلُ البناءِ من الخارجِ وموقعه العامِّ، وكذلك طبيعةُ التّصميمِ المعماري من الدّاخل.
الأعراض:
من المهم ملاحظةُ أنّ مريضَ "متلازمة المباني المرضية" قد يُعاني من بعضِ أو جميعِ الأعراض الآتية:
1- الصّداع.
2- الدوار والغثيان.
3- صعوبة التركيز .
4- تهيّج الأنف والحنجرة والعيون .
5- التّعب العامّ و الإعياء.
6- السّعال.
7- الطفح الجلديّ .
8- الحساسيّة للرّوائح.
ما الذي يمكنني القيام به حيال SBS:
تتلخصُ الحلولُ بتلافي المُسببّاتِ، لذلك عليكَ البدْء باتّخاذِ الإجراءاتِ اللازمةِ إذا كنْتَ تعتقدُ أنّ منزلَك مريضٌ، حيثُ أنّك تحتاجُ إلى تحسينِ نوعيّةِ الهواءِ الدّاخليّ، فبمجرّدِ أن يتوقّفَ بيتُك عن إصدارِ هذه السّموم فإن الأعراضَ المرضيّة ستتوقفُ تلقائياَ، أمّا على صعيدِ العملِ، فإنّ متلازمةَ الأبنيةِ المريضةِ تؤدّي إلى ارتفاعِ معدّلِ غيابِ الموظّفين وانخفاضِ كفاءَتِهم بالعمل، لذلك فإنّه يجبُ التّشاور مع زملائك لمعرفةِ ما إذا كانوا يعانونَ من الأعراضِ نفسها، وفي حالِ وجودِ الأعراضِ، يتوجّبُ فحصُ المبنى من قبلِ خبيرٍ مؤهَّلٍ، حيث أنَّ التصميمَ السيئ للمكاتبِ، وضعفَ صيانةِ أنظمةِ التّهويةِ لها، يضاعفُ الآثارَ الصّحيّة السلبيّةَ للعواملِ الملوّثة.
تمتلكُ الطّبيعةُ أدواتٍ فعالةً جدّاً لتنظيفِ الهواءِ، حيثُ أنّ أشعّةَ الشّمسِ لها أثرٌ كبيرٌ في تنظيفِ الهواء، فلا بدّ من أن يكونَ هناك منافذُ كافيةٌ لدخولِ الشّمسِ والهواء، فمن المهمّ جدّاً التّركيزُ على التّهويةِ الطبيعيّة الجيدة الدّورية خلالَ اليومِ حتّى في أيّامِ الشّتاءِ القارصةِ البرودة، كما أنّه يجبُ الاهتمامُ بالنّظافةِ العامّة للبناءِ وهذا لا يعني الإسرافَ في استخدامِ المنظفاتِ إنّما استخدامها باعتدالٍ، أيضاً يجبُ التّأكدُ من صحةِ استخدامِ الموادّ المنظفةِ وتخزينها بعيدا عن أيّة موادّ أخرى، كما يجبُ تفحّصُ أنظمةِ التدفئةِ والتكييفِ والتبريدِ والتّهويةِ دَوْريّا.
ولحسنِ الحظّ هناك بدائلُ طبيعيّةٌ تعملُ على تنقيةِ الهواءِ في الأماكنِ المغلقةِ مثل المنزلِ، حيثُ توجدُ أنواعٌ من النباتاتِ تعملُ كمنقيّةٍ للهواءِ الدّاخليّ حيثُ أنّها تقومُ بامتصاصِ الموادّ السّامةِ من الجوّ، كما أنّ للنباتاتِ تأثيراً إيجابيّاً على الصّحةِ النّفسيةِ فلقد أثبتتْ فعاليتها في زيادةِ التّركيزِ والنّشاطِ وفي التخفيفِ من الإرهاقِ والتّوترِ.
ليس هذا فحسب، بل تتفوقُ النباتاتُ الخضراءُ على شاشاتِ الحمايةِ في التخفيفِ من تأثيرِ الموجاتِ الكهرومغناطيسيةِ الضّارةِ الصّادرةِ عن الالكترونياتِ.
فيما يلي قائمة بهذه النباتات لاختيار المناسب منها:
1. زنبق السلام Peace Lily.
2. Pothos Golden.
3. أجلونيما Chinese Evergreen.
4. نبتة الثعبان .Snake Plant
5. الأقحوان الداخلي Daisies.
6. أضاليا داخلية .Chrysanthemum
7. Australian Umbrella Tree.
8. الدارسينا Dracaena.
9. Aloe Vera.
10. السرخس Boston fern.
الخلاصة:
تتنوعُ مشكلاتُ المباني المريضةِ، التي تتناولُ البيئةَ بأنواعها وعناصرِها ومصادر التلوثِ للبيئةِ الدّاخليةِ والمياه والإهمال للجوانبِ البيئية والصّحية لأنظمةِ التهويةِ والتكييفِ واختيار الأثاثِ والمفروشات ومعايير تصميم مبانيَ صديقةٍ للبيئةِ ومشاكل الإضاءة وفلسفةُ الألوانِ والتلوّثِ السمعيّ (الضوضاء) وإشكاليّات وخطر التكييف على الصحة.
توصيات:
فيما يخصُّ المهندسينَ يجبُ الاهتمامَ بالتشكيلِ المعماريّ والفتحاتِ ومساحاتِ وأبعادِ الفراغاتِ وأحجامها وتطبيقُ مفهومِ العمارةِ الخضراءِ واختيارِ موادّ التشطيباتِ والألوانِ وعملياتِ عزلِ المباني والإضاءةِ واستخدامِ وسائلِ الطوارئِ واختيارِ نظامِ صرفٍ صحيّ سليمٍ.
وفيما يخصُّ المستخدمينَ لابدّ من تجنّبِ الموادّ الكيميائيةِ والأدخنةِ الضّارةِ وتجنبِ التلوّثِ الصّوتيّ والتّخلص من النفاياتِ بطرقٍ صحيّةٍ.
بالرّغمِ من التّقدّمِ الذي أحرزه العالمُ في مجالَيْ البيئةِ والصّحةِ إلا أنّه يواجِه أزمةً بيئيّةً وصحيّةً غيرَ مسبوقةٍ. ومن المعروفِ أنّ الصّحةَ هي من أغلى وأثمنِ ما يملكُ الإنسانُ، كما أنّه من المعروفِ أنّ البيئةَ التي يعيشُ فيها الإنسانُ تؤثِّر على صحَّته بشكلٍ مباشرٍ وغير مباشرٍ، لذلك فإنّ لتنميةِ الوعي البيئيّ تأثيراً ملحوظاً على خلق وتعزيز السّلوكِ البيئيّ الصّحيّ السّليمِ لدى الأفرادِ.
المصادر:
1- هنا
2- هنا
3- هنا
4- هنا